عامة sbai  

اهمية معرفة القران انه من عنده !!

 

الشكر لله وبعد فإن القرآن الكريم كتاب كبير قد أتى ببراهين تصدقه، فهو في ذاته دليل على سلامته!

فهذا الكتاب هو الذي أرسل به صلى الله عليه وسلم إلى أناس مشركين مكذبين فآمن به أكثر العقلاء ومن تجردوا عن الأهواء؛ وصدت غيرهم عن الإيمان به صوارف تعود إلى أهواء غير مشابهة، لكنهم على مدار التاريخ لم يطعنوا فيه بمطعن صحيح أو معتبر، فمن آمن به آمن بما فيه من حجج، ومن صد عنه وكفر به لم يطعن فيما أتى به من حجج! لكنه أعرض، استكبر، صم أذنه، اتبع هواه… وهلم جراً!

هلا تساءلت لماذا آمن بذلك الكتاب ملايين الإنس؟

الجواب باختصار: لأنه كتاب يحتوي على براهين سلامته، وصحة ما أتى فيه.

المقال القرآني يخاطب المشرك الذي لا يؤمن بأن القرآن أنزل من نحو الله بخطاب يحتوي حججاً شتى يذعن لها الأسوياء ومن تجردوا عن الأهواء. ولذا آمن به من آمن، وترك لأجلها ما كان عليه الآباء والأجداد.

مثال على هذا إسلام جبير بن مطعم رضي الله سبحانه وتعالى عنه صرح: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور فلما وصل تلك الآية: (أم خلقوا من غير شىء أم هم الخالقون * أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون * أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون)، صرح: “كاد قلبى أن يطير”، وهذا أول ما وقر الإسلام في قلبه.. حجة ظاهرة على أن المستحق للعبادة هو الخالق الرازق المدبر.

وتوثيق أن الكون بمن فيه مخلوق مربوب لخالق كبير له من صفات الجلال والكمال أعلاها هو كيفية القرآن في عديد من الآيات وهي كيفية عقلية مسلمة؛ فالفعل لابد له من فاعل، والمخلوق لابد له من خالق، من صفاته أنه أول ليس قبله شيء، قدير، عليم، حكيم.. إلخ لا نعلم كيفيته، ولا يقدح في المسلمة العقلية بوجود الفاعل الخالق عدم علمنا بكنهه وكيفيته. كما لو أحُضِرَ لك طبق طعام محكم، فسوف تجزم أن له صانعاً، ولن تقبل إذا قيل لك وجدت تلك الطبخة صدفة دون أن يحضرها واحد من!

تجزم بهذا مع جهلك بمن حضرها؟ ومن أين أتى؟ وكيف هو! فكل ذلك لا يقدح في المسلمة التي عندك ذلك الأكل لابد له من صانع.. وربما استفدت من الغذاء وأسلوب إعداده وتقديمه بعض صفات صانعه، من باتجاه خبرته بأمور، ومعرفته بكميات وأشياء، وهلم جرا، وايضا يقال في إثبات الخالق لذلك العالم المتسع المحكم وأين هو من طبق طعام لا من الممكن أن يقبل العاقل وجوده صدفة! وإن جهل كنه الصانع.

وقد كان الغاية الأمر الذي تقدم أوضح مثال على أن القرآن الكريم أتى ببراهين صدقه، وصحة ما أتى به، ولذا آمن من آمن قديماً وحديثاً بمجرد سماعه، ولكن مع التدبر، فمن الناس من يسمع وهو لاه معرض عنده أغراض وأهواء، ومن الناس من يسمع متفكراً متعقلاً متدبراً وذلك هو الذي ينتفع بهدايات القرآن.

فتصديقنا للقرآن ليس تصديقاً أعمى، ولا قناعتنا به قناعة ناشئة عن مجرد عقيدة سابقة توجب القناعة به.

بل لما تضمنه، وهذه أعظم آيات كونه حقاً من نحو الله سبحانه وتعالى.

والحكم على الشيء من ذاته معقول فلو طالعت قصة.. هل يمكنها الحكم عليها بأنها جيدة أو شيقة أو جميلة أو بعكس هذا؟ أو لا تَستطيع هذا ولا مفر من معيشة برهان أو معجزة من خارجها تبين هذا؟! الجواب بدهي مؤكد الحكاية يكفي في حكمك عليها.

وايضا القرآن الكريم بما تضمنه من تشريعات، وأحكام، ومواعظة تدعو إلى الفضائل، وتمنع الرذائل، تبيح المفيد، وتحرم المؤذي، تبني دشن مجتمع قوي مترابط، وتمنع ما يسبب فساده، كل هذا يجعل العالِم موقناً بأنه كتاب عزيز تنزيل من حكيم حميد، وتدبر لاغير تشريعاته في مدى العائلة، وما رتبه من حقوق أبوة وأمومة وعائلة من آداب رابط وكفالة ونفقة وهلم جراً، وانظر أي منهج أرضي قديم أو معاصر أتى بما يقاربه!

وتتمنى أيضا ما تضمنه من روايات وأخبار ماضية في الشعوب، أو آتية نشاهد تصديقها حيناً في أعقاب حين في الوقائع، أو في الأنفس والآفاق، ألا يقطع معها أنه تنزيل من عليم ماهر ومتمرس.

أنى لمحمد صلى الله عليه وسلم إن كان قد انتحل ذلك الكتاب أن يعرف أن أبا لهب عمه سيموت هو وزوجه على الشرك فيعلنها من لحظات الرسالة الأولى: (تبت يدا والدي لهب وتب * ما أغنى عنه ما له وما انتصر * سيصلى ناراً ذات لهب * وامرأته حمالة الحطب * في جيدها حبل من مسد)؟! تلك مخاطرة لا يجازف بها صاحب برقية منتحلة!

أنى لمحمد صلى الله عليه وسلم وهو الذي لم يخالط أمم المشرق والمغرب قبل أن يجيء بتلك الرسالة، الأمي الذي أفاد الله في الذب عما أتى به: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) [العنكبوت: 48]، أنى له أن يعرف تفاصيل خلق الجنين، واتساع الكون، وانفصال الأرض من السديم، وعلاقة الماء بأصل الحياة، وهبوط التمكن من التنفس نحو الصعود في السماء، وطبيعة الجبال وكونها أوتاداً وأثرها في الجاذبية، وكروية الأرض، وجريان الشمس.. إلخ ما يقرره أصحاب الإعجاز العلمي الجديد كيف لرجل والدتي أن ينتحل هذا، ويودعه القرآن!

بل لايمكن أن يكون محمداً صلى الله عليه وسلم قد إستلم ذلك القرآن عن واحد من من الشعوب السالفة، ف إن ما تعلمه الشعوب الأخرى كاليهودية والنصرانية، قد أتى محمد صلى الله عليه وسلم فيه بتفاصيل محكمة تبين لهذه الشعوب ما كانوا يجهلون أو يختلفون فيه، (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) [النمل: 76]، وقد ثبتت الأحاديث في امتحان أهل الكتاب للنبي صلى الله عليه وسلم بسؤاله، فكان إذا قص عليهم الأنباء لم يملكوا سوىّ التسليم والإذعان مع كونهم أحرص الناس على تكذيبه! وقد أتى مع هذا بما جهلوه من أنباء الأنبياء، كبعض أنباء موسى وأخبار يوسف وغيرهما أتى في القرآن من تفصيلها ما لا معرفة لبني إسرائيل به، بل أتى بأخبار أمم أخرى لا يعرفونها كأخبار أناس رجع وصالح، لايملكون في مختلف هذا سوىّ تصديقه أو التصديق بجهلهم بما أتى به! وهو يقص أخباراً محكمة في صياغتها لم يعثر على مر الزمان الماضي على ما يكذبها بل الكشوفات تصدق ما أتى به القرآن الكريم من التفصيل، كآثار مدائن صالح، وآثار مساكن رجع بالأحقاف، وآثار قرى سدوم المخسوف بها، ومن هذا أنباء فرعون وغرقه في البحر، وتتمنى مثلاً موازنة موريس بوكاي بين ما أوضح في القرآن من أمر الأجنة وبين ما أوضح في الكتب قبله.

والمقصود مستجدات القرآن الكونية وغيرها مصدقة له، أخبر بانهزام الروم، وأنهم من عقب غلبهم سيغلبون، فكان هذا.

صرح: (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ) [الفتح: 27]، فكان هذا.

صرح للصحابة رضي الله سبحانه وتعالى عنهم: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ في الأرض) [النور: 55]، فكان هذا.

أفاد: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: 9]، فكان هذا إلى يوم الناس ذلك منذ زيادة عن 1400 سنة، مع كثرة مساعي القرامطة والباطنية والكفار تحريفه فما قدروا على تحويل حرف واحد! ولم تزل الأجيال تروي عن بعضها أمة عن أمة القرآن الكريم متواتراً.

ومن هذا قوله: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ، يولون الدبر) [القمر: 45]، وقوله: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [التوبة]، وقوله في يهود المدينة: (نْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) [آل عمران]، فكان كل هذا.

وايضاً قوله: (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) فكان هذا على كثرة أعدائه، وكثرة من رام قتله.

ودلائل صدق القرآن وإعجازه تربوا على هذا، وحسبك ببلاغته وفصاحته ونظمه، تحدى به العرب فصبروا على القتل والضرب ولم يمكن أحداً منهم معارضته بمثله!

وعامة ما ذكرته فيما تقدم أمور كلية تحت كل منها براهين جزئية كثيرة تثبت صحة ذلك الكتاب وأنه تنزيل من حكيم حميد.

فقضاياه التشريعة وحدها على طريق المثال لا تكاد تحصى، وكلها شاهدة بحسن ما أتى به نحو من تصورها على حقيقتها، سواء في هذا تشريعات العائلة، أو الأخلاق، أو المعاملات المالية الاستثمارية وغيرها، فضلها على الشرائع الأرضية جلي نحو علماء الشريعة، ولا يعوزهم إخطار هذا للمعترض عليها ولهم على كل ما انتقد أجوبة وجه الحق فيها جلي.. وتتمنى إشكالية الأخلاق في العالم الجوهري، وهل كانت لتصبح لو التزمت أخلاق القرآن! تطمح مشاكل الاستثمار تجدها معاملات حرمت في القرآن، تطمح مشكلات العائلة وتقطعها في البلاد والمدن العينية، بل في بلدان المسلمين نتيجة لـ بعدهم عن منهاج القرآن!

وأمر القرآن أجل وأعظم فمما يشهد لكونه حق من نحو الله سبحانه وتعالى، ما فيه من عجائب قهرية تذعن لها النفوس كطمأنينة نفس من يقبل عليه، ويعتصم به، ومن جرب معرفة، ومن ذاق عرف!

ومن هذا كونه شفاء لكثير من أمراض النفوس والأبدان وشهادات الناس في ذلك لا تحصى كثرة، وقد رأيناه في أنفسنا وفي أهلينا.

ومن هذا كونه رقية، وسبب استظهار، وقد تواترت بذلك مستجدات الناس.

فأجناس مافي القرآن من براهين سلامته كثيرة.

وكل ما تقدم برهان عليه من محتواه!

وهنالك براهين عليه من خارجه، كحال مخبره صلى الله عليه وسلم، وما عهد عنه من الأمانة والصدق قبل بعثته، وقد أشير إلى ذلك البرهان في القرآن ذاته، صرح تعالى: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) [يونس].

فمبلغه هو الصادق الأمين، وما كان ليترك الكذب على الناس ثم يكذب على الله سبحانه وتعالى! وذلك الأمر الذي استدل به هرقل على صدقه عليه الصلاة والسلام، كما في السليم: “وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما صرح؟ فذكرت: أن لا! فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله”، وهرقل لما كان عاقلاً جمع جملة أمور جعلها حيثيات قاطعة الإشارة على أن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول من نحو الله سبحانه وتعالى.

وبحث إثبات نبوته صلى الله عليه وسلم ودلائلها بحث واسع أتعرض لأصوله إن شاء الله في مقالة أخرى، بحسب الله من رام الهدى، وتدبر كتابه، وهدانا جميعاً إلى صراطه المستقيم

الشكر لله
الاستجابة إلى البدعة ينطلق أول ما ينطلق من تأصيل السنة ، وتقعيد مبادئ العقيدة ، وبناء العلم على المنهجية السليمة المنطلقة من الكتاب والسنة .
وذلك التشييد لا يتم بواسطة الفتاوى المتفرقة ، أو القراءات المتناثرة ، بل عبر إلتماس تنظيمي للعلم ، ودراسة مؤصلة يحكم فيها الطالب سنين عمره في البحث والحفظ والاستيعاب والتحصيل ، وحينئذ يستطيع إستيعاب الشبهات ، واستيعاب خطاب العلماء ، وتحليل المزالق التي أودت إلى مثل تلك الإشكالات العقدية الكبرى .
ونحن هنا نورد نموذجا مصغرا لما من الممكن أن يبنى عليه تأصيل كون القرآن خطاب الله ، ونفي شبهة الخلق عنه ، وهذا باختصار وإيجاز ، ننقله عن واحدة من الدراسات المتخصصة ، ومنه تقوم بالتعرف على قدرٍ سلس الأمر الذي من الممكن أن تناقش به المسائل العقدية ، ومدى سعتها ودقتها وحاجتها إلى البحث والتفتيش .
فنقول :
إنه يمكن الاستدلال بعشرة دلائل على أن القرآن الكريم خطاب الله غير مخلوق ، وتلك الدلائل هي :
الدليل الأول :
صرح الله سبحانه وتعالى : ( إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )العادات/ 54.
والاحتجاج بتلك الآية من وجهين :
الأول : أنه تعالى هربَّق بين الخلق والأمر ، وهما صفتان من صفاته ، أضافهما إلى ذاته ، أما الخلق ففعله ، وأما الشأن فقوله ، والأصل في المتعاطفين التغاير سوى إذا قامت القرينة على عدم إرادة هذا ، وهنا قد قامت الحيثيات على توكيد الاختلاف بينهما ، ومنها الوجه القادم .
والثاني : أن الخلق إنما يكون بالأمر ، كما أفاد تعالى : ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) يس/ 82 .
فقوله تعالى : ( كن ) هو طالبه ، فلو كان مخلوقا لاحتاج خلقه إلى أمر ، والأمر إلى أمر ، إلى ما لا عاقبة ، وذلك باطل .
وقد احتج الإمام أحمد رحمه الله على الجهمية المعتزلة بتلك الآية .
صرح رحمه الله :
” قلت : صرح الله : ( ألا له الخلق والأمر ) ففرق بين الخلق والأمر ” رواه حنبل في ” المصيبة ” (ص53).
وتحدث لهم :
” أفاد الله : ( جاء أمر الله …) [النحل: 1] فأمره كلامه واستطاعته ليس بمخلوق ، فلا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض ” رواه حنبل في ” المصيبة ” (ص/54).
وصرح فيما كتبه للمتوكل حين سأله عن مسألة القرآن :
” وقد أفاد الله سبحانه وتعالى : ( وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ )التوبة/ 6 ، وصرح : ( ألا له الخلق والأمر ) ، فأخبر بالخلق ، ثم صرح : ( والأمر ) ، فأخبر أن الشأن غير مخلوق ” اختتم. رواه صالح ابنه في ” المصيبة ” (روايته ص: 120 – 121).
وقد في مرة سابقة الإمام أحمد إلى ذلك الاحتجاج شيخه الإمام سفيان بن عيينة الهلالي الحافظ الثقة الحجة ، فقال رحمه الله :
” صرح الله عز وجل : ( ألا له الخلق والأمر ) فالخلق خلق الله تبارك وتعالى ، والأمر القرآن ” رواه الآجري في ” الشريعة ” (ص: 80) بسند جيد عنه .
الدليل الثاني :
أفاد تعالى : ( الرَّحْمَنُ . عَلَّمَ الْقُرْآنَ . خَلَقَ الْإِنْسَانَ )الرحمن/ 1 – 3 .
ففرَّق تعالى بين علمه وخلقه ، فالقرآن علمه ، والإنسان خلقه ، وعلمه تعالى غير مخلوق .
أفاد تعالى : ( قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ )البقرة/ 120.
فسمى الله سبحانه وتعالى القرآن معرفةًا ، إذ هو الذي جاءه من ربه ؟ وهو الذي علمه الله سبحانه وتعالى إياه صلى الله عليه وسلم ، وعلمه تعالى غير مخلوق ، إذ إذا كان مخلوقا لاتصف تعالى بضده قبل الخلق ، تعالى الله عن هذا وتنزه وتقدس .
وبهذا احتج الإمام أحمد رحمه الله ، حيث أفاد في قصة مناظرته للجهمية في مجلس المعتصم :
” أفاد لي عبد الرحمن القزاز : كان الله ولا قرآن . قلت له : فكان الله ولا معرفة ! فأمسك ، ولو زعم أن الله كان ولا معرفة لكفر بالله “. رواه حنبل في ” المصيبة ” (ص: 45).
وقيل له رحمه الله :
أناس يقولون : إذا أفاد الرجل : خطاب الله ليس بمخلوق ، يقولون : من إمامك في ذلك ؟ ومن أين قلت : ليس بمخلوق ؟
صرح : ” الحجة قول الله تبارك وتعالى : ( فمن حاجك فيه من عقب ما جاءك من العلم )، فما جاءه غير القرآن “.
وتحدث رحمه الله :
” القرآن معرفة من معرفة الله ، فمن زعم أن معرفة الله مخلوق فهو كافر” رواه ابن هانئ في ” المسائل ” (2/ 153، 154).
الدليل الثالث :
أفاد تعالى : ( قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا )الكهف/ 109.
وصرح تعالى : ( وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )لقمان/ 27.
فأخبر تعالى – وقوله الحق – أن كلماته غير متناهية ، فلو أن البحار التي خلق الله كانت مدادا تكتب به ، والشجر الذي خلق الله أقلاما تخط به ، لنفد مداد البحور ، ولفنيت الأقلام ، ولم تفن مفردات الله .
وإنما في تلك الإبانة عن عظمة كلامه تعالى ، وأنه وصفه وعلمه ، وذلك لا يقاس بالكلام المخلوق الفاني ، إذ إذا كان مخلوقا لفني من قبل أن يفنى بحر من البحور ، ولكن الله سبحانه وتعالى إنما كتب الفناء على المخلوق لا على ذاته وصفته .
الدليل الرابع :
أسماء الله سبحانه وتعالى في القرآن ، كـ ( الله ، الرحمن ، الرحيم ، السميع ، العليم ، الغفور ، الكريم …) وغيرها من أسمائه الحسنى ، وهي من كلامه ، إذ هو الذي سمى بها ذاته ، بألفاظها ومعانيها .
وقد ساوى الله سبحانه وتعالى بين تسبيح ذاته وتسبيح أسمائه ، فقال تعالى : ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) الأعلى/ 1، وساوى تعالى بين دعائه بنفسه ودعائه بأسمائه ، فقال : ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا )العادات/180، وأيضاً ساوى تعالى بين ذكره بنفسه وذكره بأسمائه ، فقال : ( وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا )الإنسان/25 .
وذلك التسبيح والدعاء والذكر إن كان يحدث لمخلوق كان كفرا بالله .
فإن قيل : إن كلامه تعالى مخلوق .
كانت أسماؤه داخلة في هذا ، ومن زعم هذا فقد كفر لما ذكرنا ؛ ولأن معنى هذا أن الله سبحانه وتعالى لم تكن له الأسماء الحسنى قبل خلق كلامه ، ولكان الحالف باسم من أسمائه مشركا لأنه حلف بمخلوق ، والمخلوق غير الخالق .
وبهذه الحجة احتج جماعة من السلف والأئمة على كون القرآن غير مخلوق ، منهم :
الإمام الحجة سفيان بن سعيد الثوري . أفاد : ” من صرح : إن ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ . اللَّهُ الصَّمَدُ ) مخلوق ، فهو كافر ” أخرجه عبد الله في ” السنة ” رقم : (13) وسنده جيد .
ويقول الإمام الشافعي :
” من حلف باسم من أسماء الله فحنث فعليه الكفارة ؛ لأن اسم الله غير مخلوق ، ومن حلف بالكعبة ، أو بالصفا والمروة ، فليس عليه الكفارة ؛ لأنه مخلوق ، وذاك غير مخلوق ”
أخرجه ابن والدي حاتم في ” آداب الشافعي ” (ص: 193) بإسناد صحيح .
ويقول أحمد بن حنبل :
” أسماء الله في القرآن ، والقرآن من معرفة الله ، فمن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر ، ومن زعم أن أسماء الله مخلوقة فقد كفر ” رواه ابنه صالح في ” المصيبة ” (ص: 52، 66 – 67).
الدليل الخامس :
أخبر تعالى عن تنزيله منه وإضافته إليه ، كما صرح : ( تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ )السجدة/ 2 ، وصرح : ( وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ ) الأنعام/114، وتحدث : ( قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ ) النحل/ 102 ، ولم يضف شيئا الأمر الذي أنزله إلى ذاته غير كلامه ، الأمر الذي دل على الاختصاص بمعنى ، فليس هو كإنزال المطر والحديد وغير هذا ، فإن تلك الأشياء أخبر عن إنزالها ، لكنه لم يضفها إلى ذاته ، بعكس كلامه تعالى ، والكلام صفة ، والصفة إنما تضاف إلى من اتصف بها لا إلى غيره ، فلو كانت مخلوقة لفارقت الخالق ، ولم تصلح وصفا له ؛ لأنه تعالى غني عن خلقه ، لا يتسم بشيء منه .
الدليل السادس :
عن خَوْلَةَ بِنْتَ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةَ صرحت : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ ) رواه مسلم (2708).
ولو كانت كلماته مخلوقة لكانت الاستعاذة بها شركا ؛ لأنها استعاذة بمخلوق ، ومن المعروف أن الاستعاذة بغير الله سبحانه وتعالى وأسمائه وصفاته شرك ، فكيف يصح أن يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته ما هو شرك واضح ، وهو الذي جاءهم بالتوحيد الخالص !
فدل ذلك على أن مفردات الله سبحانه وتعالى غير مخلوقة .
صرح نعيم بن حماد : ” لا يستعاذ بالمخلوق ، ولا بكلام العباد والجن والإنس والملائكة “.
وتحدث البخاري عقبه : ” وفي ذلك دليل أن خطاب الله غير مخلوق ، وأن سواه خلق ” ينظر ” خلق ممارسات العباد ” (ص: 143).
الدليل السابع :
عصري والدي هريرة رضي الله سبحانه وتعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صرح :
( فضل خطاب الله على سائر الخطاب كفضل الله على سائر خلقه ) عصري حسن ، أخرجه عثمان الدارمي في ” الاستجابة إلى الجهمية ” رقم : (287، 340) ، واللالكائي رقم : (557).
تكفل ذلك الجديد إثبات عقيدة السلف ( القرآن خطاب الله غير مخلوق ) وهذا من وجهين :
الأول : التفريق بين خطاب الله وما سواه من الخطاب ، والكلام إما خطاب الله الذي هو صفته ، أو الخطاب المخلوق الذي هو من خلق الله ، فأضاف ما كان صفة لله إلى الله ، وعمم ما سواه ، ليشمل كل خطاب إلا ما أضافه إلى الله ، ولو كان الجميع مخلوقا لما كانت هناك عوز إلى التفريق .
والثاني : جعل الاختلاف بين خطاب الله وكلام غيره ، كالفرق بين ذات الله وذات غيره ، فجعل شأن كلامه وصفته ، من شأن نفسه وصفتها ، كما أن خطاب المخلوق وصفته ، هو موائم وملائم لذات المخلوق وصفتها .
وقد احتج بذلك الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في ” الاستجابة إلى الجهمية ” (ص: 162 – 163) ، فقال بعد أن أوضح الأحاديث في ذلك المعنى :
” ففي تلك الأحاديث إخطار أن القرآن غير مخلوق ؛ لأنه ليس شيء من المخلوقين من التباين في فضل ما بينهما ، كما بين الله وبين خلقه في الفضل ؛ لأن فضل ما بين المخلوقين يستدرك ، ولا يستدرك فضل الله على خلقه ، ولا يحصيه واحد من ، وأيضاً فضل كلامه على خطاب المخلوقين ، ولو كان مخلوقا لم يكن فضل ما بينه وبين سائر الخطاب ، كفضل الله على خلقه ، ولا كعشر عشر قسم من ألف ألف جزء ، ولا بعد وقت قريب فافهموه ، فإنه ليس كمثله شيء , فليس ككلامه خطاب ، ولن يؤتى بمثله بأي حال من الأحوال ” اختتم.
الدليل الثامن :
من المعقول الصريح : أن خطاب الله إن كان مخلوقا ، فلا يخلو من واحد من حالين :
الأولى : أن يكون مخلوقا قائمًا بذات الله .
والثانية : أن يكون منفصلا عن الله بائنا عنه .
وكلا الحالين باطل ، بل كفر شنيع .
أما الأولى فيلزم منها أن يقوم المخلوق بالخالق ، وهو باطل في قول أهل السنة ، وعامة أهل البدع ، فإن الله سبحانه وتعالى مستغن عن خلقه من جميع الوجوه .
وأما الثانية فيلزم تعطيل صفة الخطاب للباري تعالى ، إذ أن الصفة إنما تقوم بالموصوف – كما في مرة سابقة تقريره – لا تقوم بسواه ، فإن قامت بغير المتصف كانت وصفا لمن قامت به ، وذلك معناه أن الرب تعالى غير متكلم ، وهو كفر بيِّن ، كما بينا الإشارة عليه .
الدليل التاسع :
علمت أن الصفة لا تقوم بنفسها ، فإن كانت صفة للخالق قامت به ، وإن كانت صفة للمخلوق قامت به ولا بد ، فالحركة ، والسكون ، والقيام ، والجلوس ، والقدرة ، والإرادة ، والعلم ، والحياة ، وغيرها من الصفات ، إن أضيفت لشيء كانت وصفا له ، وهي تابعة لمن قامت به ، فهذه صفات تضاف للمخلوق ، فهي صفات له حيث أضيفت له ، ومنها ما يضاف إلى الخالق ، كالقدرة والإرادة والعلم والحياة وغير هذا ، فهي صفات له حيث أضيفت له ، وحيث أضيفت للمخلوق فهي مخلوقة ، وحيث أضيفت للخالق فهي غير مخلوقة .
فصفة الخطاب كغيرها من الصفات ، لا بد أن تقوم بمحل ، فإذا قامت بمحل كانت صفة لهذا المتجر ، لا صفة لغيره ، فإن هي أضيفت إلى الخالق تعالى فهي صفته ، وإن أضيفت إلى غيره فهي صفة لهذا الغير ، وصفة الخالق غير مخلوقة كنفسه ، وصفة المخلوق مخلوقة كنفسه .
فلما أكمل الله لنفسه كلاما ، ووصف ذاته به ، كان كلامه غير مخلوق ؛ لأنه مناصر لنفسه ، ونفسه تعالى غير مخلوقة ، والكلام في الصفات فرع عن الخطاب في الذات .
فإن قيل : هو مخلوق .
قلنا : إذا يتنزه الله عن الاتصاف بمخلوق ، وأنتم تنزهونه تعالى بزعمكم عن قيام النكبات به ، فحيث نزهتم ربكم تعالى عن هذا ، فإنه يلزمكم أن لا تضيفوا إليه كلاما ، وبهذا تكذبون السمع والذهن الشاهدين على أن لله تعالى صفة الخطاب .
لكنهم أبوا التصديق بأن خطاب الله سبحانه وتعالى غير مخلوق بأدهى الأمر الذي في وقت سابق من الباطل , فقالوا : نثبت أن الله متكلم بكلام قائم في غيره ، فكلم الله سبحانه وتعالى موسى بكلام مخلوق قائم بالشجرة ، لا به تعالى ، فنحن نزهناه عن قيام النكبات به .
قلنا : جعلتم الخطاب إذا صفة للمحل الذي قام به ، ويلزم ، على قولكم ، أن يكون خطاب الشجرة ، فكانت الشجرة بذلك هي القائلة لموسى : ( يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )، فانتفى حينئذ الاختلاف بين قول الشجرة ، وقول فرعون الملعون : ( أنا ربكم الأعلى ) ؛ لأن خطاب الشجرة صفتها لا صفة الله ، وكلام فرعون صفته ، وكل ادعى الربوبية ، فلم يكن موسى إذا محقا في إنكاره قول فرعون ، وقبوله قول الشجرة !!
فتأمل رحمك الله لذلك الكفر الصراح ، الذي أوقع أهله فيه الابتداع المشين ، وعدم الرضا والتسليم لحقائق التنزيل ، واستبدال الوحي الشريف بزبالات العقول التي تصرفها الأهواء كيف شاءت .
ولقد كانت تلك الحجة العقلية الأمر الذي احتج به الإمام أحمد رحمه الله على الجهمية المعتزلة حين ناظرهم بحضرة المعتصم ، أفاد رحمه الله :
” وتلك رواية موسى ، أفاد الله في كتابه حكاه عن ذاته : ( وكلم الله موسى ) فأثبت الله الخطاب لموسى كرامة منه لموسى ، ثم صرح عقب كلامه له ( تكليما ) ؛ تأكيدا للكلام ، صرح الله سبحانه وتعالى : يا موسى ( إنني أنا الله لا إله سوى أنا ) ، وتنكرون ذلك ، فتكون تلك الياء تَرِد على غير الله ، ويكون مخلوق يدعي الربوبية ؟! ألا هو الله عز وجل” رواه حنبل في ” المصيبة ” (ص: 52).
الدليل العاشر :
من خطاب أئمة السلف في إثبات تلك العقيدة :
يقول عمرو بن في دينار – من خيار أئمة التابعين -:
” أدركت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن دونهم منذ سبعين سنة ، يقولون : الله الخالق ، وما سواه مخلوق ، والقرآن خطاب الله ، منه خرج ، وإليه يرجع ” .
وتحدث عبد الله بن مفيد : كان مالك يقول :
” القرآن خطاب الله ” ويستفظع قول من يقول : القرآن مخلوق ” رواه صالح بن أحمد في ” المصيبة ” (ص: 66) بسند صحيح عنه .
وصرح الربيع بن سليمان صاحب الشافعي وتلميذه ، حاكيًا المناظرة التي جرت بينه وبين حفص الشخص في القرآن :
فسأل الشافعي ، فاحتج عليه الشافعي ، وطالت فيه المناظرة ، فأقام الشافعي الحجة عليه بأن القرآن خطاب الله غير مخلوق ، وكفَّر حفصا الشخص . صرح الربيع : فلقيت حفصا الشخص في المجلس في أعقاب ، فقال : أراد الشافعي قتلي . رواه عبد الرحمن بن والدي حاتم في ” آداب الشافعي ” (ص: 194 – 195) وسنده صحيح .
وتحدث ابن والدي حاتم :
” سألت والدي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين ، وما أدركا عليه العلماء في مختلف الأمصار ، وما يعتقدان من هذا ؟
فقالا :
” أدركنا العلماء في كل الأمصار : حجازا ، وعراقا ، وشاما ، ويمنا ، فكان من مذهبهم : الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ، والقرآن خطاب الله غير مخلوق بجميع جهاته “.
أخرجه ابن الطبري في ” السنة ” (1/ 176) بسند صحيح .
وقد ساق الإمام أبو القاسم هبة الله بن الحسن الطبري اللالكائي في كتابه الكبير ” توضيح أصول تصور أهل السنة والجماعة ” : القول بهذا عن خمس مئة وخمسين نفسا من علماء الأمة وسلفها ، جميعهم يقولون : القرآن خطاب الله غير مخلوق ، ومن أفاد : مخلوق ، فهو كافر .
أفاد رحمه الله :
” فهؤلاء خمس مئة وخمسون نفسا أو أكثر ، من التابعين ، وأتباع التابعين ، والأئمة المرضيين ، إلا الصحابة الخيرين ، على اختلاف الأعصار ، ومضي الأعوام والسنوات ، وفيهم باتجاه من مئة إمام ، ممن أخذ الناس بقولهم ، وتدينوا بمذاهبهم ، ولو اشتغلت بنقل قول المحدثين لبلغت أسماؤهم ألوفا كثيرة ” اختتم من ” السنة ” (493).
باختصار، وتصرف سلس، من كتاب ” العقيدة السلفية في خطاب رب البرية وأعلن أباطيل المبتدعة الردية ” (ص: 121-147) .
وينظر للإتساع في هذا ايضاً : المجلد الثاني عشر من مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية : “القرآن خطاب الله” ، و”مختصر الصواعق المرسلة” لابن القيم .
وينظر مقالا مفيدا بخصوص تلك المسألة ، تحت عنوان : ” لمَ كان القول بخلق القرآن كفرًا ؟ والكلام السيكولوجي؟” ، للشيخ عمرو بسيوني ، على ذلك الوصلة :
أحبابي الكرام، دعوني أبدأ حديثي مع سيادتكم بتلك الرواية الظريفة – التي تحت عنوان: “واحد من علماء الغرب أراد أن يبحث عن خلل ونقائص في القرآن، فانظر ماذا وجد”!

اقرأ الرواية كاملة وستجد فيها العجب:

“حكاية الدكتور ميلر: ذلك الرجل كان عالمًا في الرياضيات، ولذلك كان يحب التسلسل المنطقي للأمور بشكل ملحوظ جدًّا، وفي واحد من الأيام أراد أن يقرأ القرآن بغاية أن يجد فيه بعض الأخطاء، وقد كان يتنبأ أن يجد القرآن – ذلك الكتاب القديم المكتوب منذ 14 قرنًا – يتكلَّم عن الصحراء وغير هذا، فأخذ يقرأ القرآن بتمعُّن لعله يجد مأخذًا عليه، ولكنه صُعِق بآية هائلة وعجيبة، ألا وهي قول الله سبحانه وتعالى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82]، يقول الدكتور ميلر عن تلك الآية – ما مختصره -: “من المبادئ العلمية المعروفة في الوقت الحاضر: مبدأ العثور على الأخطاء – أو البحث عن الأخطاء – في النظريات حتّى تَإستقر سلامتها، وحتى يتبين صحة الشيء المرغوب اختباره، وهو ما يطلق عليه بـ: “Falsification test”، والعجيب أن القرآن الكريم يدعو المسلمين وغير المسلمين إلى العثور على الأخطاء فيه، ويتحداهم أن يجدوا أي غير صحيح، وإنه لا يبقى مؤلف في العالم يؤلف كتابًا ثم لديه الجرأة ليقول: “ذلك الكتاب خالٍ من الأخطاء”، ولكن القرآن على الضد تمامًا؛ إنه يقول لك: “لا يبقى أخطاء”، بل ويَعرض عليك أن تتأمل في القراءة حتى تجد فيه أخطاءً، ويقول لك: “لن تجد”،فما تلك الشدة التي يتكلم بها قائل ذلك الخطاب؟! واللهِ لا يُمكن لأي بشر أن يتكلم بتلك الثقة وبهذه الجرأة.

♦ ومن الروايات التي بهرت الدكتور ميلر: حكاية رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عمه “والدي لهب”، يقول الدكتور ميلر – ما مختصره -: “ذلك الرجل “أبو لهب” كان يكره الإسلام كرهًا حادًا، لدرجة أنه كان ينتمي محمدًا أينما ذهب حتى يسخر الأمر الذي يقول، وحتى يُشكِّك الناس في كلامه، وقبل موت “والدي لهب” بعشر سنين: نزلت سورة في القرآن اسمها سورة المسد؛ تقول تلك السورة: ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ﴾ [المسد: 1 – 5]؛ إذًا، فهذه السورة تقرِّر أن “أبا لهب” سوف يدخل النار، أي بمعنى آخر: إن “أبا لهب” لن يدخل الإسلام.

ففي أثناء عشر سنين ما كان على “والدي لهب” لكن يجيء في مواجهة الناس ويقول: “محمَّد يقول: إنني لن أسلم، وبأنني سوف أدخل النار، ولكنَّني أفصح هذه اللحظة أنني أريد أن أدخل في الإسلام وأصبح مُسلمًا”! إلا أن “أبا لهب” لم يفعل هذا مطلقًا، رغم أن كل أفعاله كانت مخالفة لأفعال محمد، فإنه لم يخالفه في ذلك الشأن!

يقصد كأن الحكاية تقول: “إن محمدًا يقول لأبي لهب: “أنت تَكرهني، وتريد أن تُكذِّبني وتتخلَّص مني، حسنًا، سأعطيك الاحتمالية لأن تنقض كلامي”، ولكنه لم يفعل هذا، فهو لم يُسلم، ولم يتظاهر حتى بالإسلام، رغم أنه كانت يملك الإمكانية – عشر سنين كاملة – أن يهدم الإسلام بكلمة واحدة!

ولكن.. لأن ذلك الخطاب ليس خطاب محمد، ولكنه خطاب من يعرف الغيب وحده، ويعلم أن “أبا لهب” لن يسلم.

ما رأيكم هذه اللحظة: هل محمد صادق فيما يقول أو لا؟ هل الوحي الذي يأتيه وحي إلهي أو لا؟

إذا لم يكن ذلك القرآن وحي من الله، فكيف لمحمد أن يعرف أن “أبا لهب” سوف يحقِّق كل ما في السورة بالحرف الواحد؟! إذا لم يكن يعرف أنه وحي من الله: فكيف يكون واثقًا أثناء عشر سنين أن ما يملك هو الحق؟! إنني هذه اللحظة أستطيع أن أقول: “إنه لأجل أن يضع فرد مثل ذلك التحدي الخطير، فهذا ليس له سوى أمر واحد؛ “أن كلامه ذلك هو وحي من الله”.

♦ ويقول الدكتور ميلر بخصوص تلك الآية: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ ﴾ [المائدة: 82]:

“من المعجزات الغيبية القرآنية: هو التحدي للمستقبل بأشياء لا من الممكن أن يتوقع بها الإنسان، فالقرآن يقول بأن اليهود هم أقوى الناس عداوةً للمسلمين، وذلك متواصل إلى وقتنا الحاضر، فأشد الناس عداوة للمسلمين: هم اليهود، إن ذلك يُعد تحديًا كبيرًا؛ وهذا لأن اليهود يملكون الإمكانية لهدم الإسلام بأمر طفيف؛ وهو: أن يعاملوا المسلمين معاملة طيبة لبضع سنوات لاغير، ثم يقولون بعدها: “ها نحن نعاملكم معاملة طيبة، والقرآن يقول: إننا أقوى الناس عداوة لكم، إذًا فالقرآن على غير دقيق”! ولكن ذلك لم ينتج ذلك أثناء ألف وأربعمائة سنة – ولن ينتج ذلك – لأن ذلك الخطاب نزل من الذي يعرف الغيب، وليس مُنَزَّلاً من إنسان”، وايضا يقول القرآن عن اليهود: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ﴾ [البقرة: 94، 95] يقصد ولن يأمل اليهود الوفاة أبدًا، لما يعرفونه مِن صِدْق محمد، ومِن كَذِبهم وافترائهم عليه، ففي تلك الآية دليل على إعجاز القرآن الكريم، وأنه خطاب الله الذي يعرف الغيب وحده، فقد دعوة القرآن منهم تمني الوفاة – حين زعموا أن الجنة خاصة بهم وحدهم، وأنهم إذا ماتوا: دخلوها – فلم يتمنوا الوفاة، رغم قدرتهم على تمنيه “ولو كذبًا”، ورغم حرصهم على تكذيب محمد، ورغم توبيخ القرآن لهم بأنهم لن يتمنوه.

♦ وبالمناسبة: فإن الدكتور ميلر قد دخل في الإسلام وأصبح داعية له، نسأل الله له الاستقرار في الحياة وعند الممات.

♦ ومما يدل على إعجاز القرآن الكريم أن الله قد تحدى به المشركين، فعجزوا عن الإتيان بمثله، مع أنه مركب من تلك الحروف التي تتكوَّن منها لغتهم، فقال تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ [1] مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ﴾ [البقرة: 23]، فإذا عجزتم عن هذا – وأنتم أهل البراعة في الفصاحة والبلاغة – فقد علمتم أن غيركم أعجز منكم عن الإتيان بهذا، ثم أفاد الله لهم: ﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا ﴾ [البقرة: 24]، فقوله: ﴿ وَلَنْ تَفْعَلُوا ﴾: فيه تهييج لهِمَهام، وتحريك لنفوسهم، ليصبح عجزهم في أعقاب هذا أبدع، وذلك من الغُيوب التي أخبر بها القرآن قبل وقوعها،فدلَّ عجز العرب عن الإتيان بمثله – مع أنهم أعلن الناس – على أن القرآن وحي من نحو الله، ثم أعلنها الله سبحانه وتعالى صراحةً للعالم أجمع “البشر والجن” في تحد باهر إلى الآخرة: ﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ [الإسراء: 88].

♦ ويقول القرآن بخصوص الموقعة التي دارت بين الفرس والروم، والتي هُزمت فيها الروم: ﴿ غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ ﴾ [الروم: 2 – 6]، وهنا يتعجب الإنسان: “كيف لمحمد أن يتوقع بنتيجة موقعة حربية سوف تتم عقب بضع سنين؟ “بصرف النظر عن أن الروم حينها – كما يقول الزمان الماضي – كانت في أقوى حالات الضَّعف والانهيار في أعقاب هذه الهزيمة”، وما الذي يجعله يَخوض في مثل تلك الموضوعات الغيبية، ويُغامر بقضية الدين كلها دون أن يُطْلَب منه هذا؟ بل ويؤكد أن هذا سوف ينشأ عندما أفاد: ﴿ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ ﴾ [الروم: 6]، وماذا كان سيقع إن لم يَصدُق القرآن في مختلف حرف قاله؟ ولكن القائل هو الله، والفاعل هو الله – الذي يَستطيع وحده – أن يحقِّق ما يقول، وأن يفعل ما يرغب في، في الوقت الذي يرغب في”.

♦ ويقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، ويقول أيضًا عن القرآن: ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 42]، فبالله عليكم: من يَجرؤ من الإنس أن يقول ذلك الخطاب، ثم يفي بما وعد – بالحرف الواحد – غير الملك القدير – جل وعلا؟ هل هناك واحد من من الخلق يَضمن ماذا سيقع له عقب ساعة من هذه اللحظة؟ إن الذي يمكنه أن يقول ذلك الخطاب بذلك اليقين هو الذي لديه القدرة – سبحانه وتعالى – إننا نقول – وبمنتهى البساطة -: “إن الذي قاله هو الذي حفظه”.

♦ يقول الله سبحانه وتعالى لنبيِّه محمد: ﴿ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ﴾ [المائدة: 67]، كان المسلمون – قبل نزول تلك الآية – يَمشون بشأن رسول الله في جميع مقر ينتقل إليه، رهابًا عليه من اليهود “قتلة الأنبياء”، لدرجة أنهم كانوا يتناوبون في حماية بيته – كل ليلة – وهو نائم، فلما نزلت تلك الآية بالليلً، مناشدة من أصحابه الانصراف، فلما سألوه عن الداعِي، صرح لهم: “قد عصمني الله”، فيستحيل أن ينشأ ذلك الإجراء سوى من إنسان واثق بوعد ربه له، يقول العلامة بارتملي هيلر: “لما وعد الله رسوله بالحفظ بقوله: ﴿ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ﴾ [المائدة: 67]: دفع النبي حُرَّاسَه، والمرء لا يكذب على ذاته، فلو كان لذلك القرآن مصدر غير السماء: لأَبْقَى محمد على حِراسَتِه”!

♦ ويقول الله سبحانه وتعالى لنبيه محمد عن المنافقين: ﴿ وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ ﴾ [المجادلة: 8]، وقبل أن أتكلم عن إعجاز تلك الآية: يلزم أن نضع في أذهاننا جيدًا أن محمدًا يقول بأن ذلك القرآن هو خطاب الله، المتعبَّدبتلاوته إلى الآخرة، وأنه سيبقى بدون تحديث ولا تحويل، ولن يَجرؤ واحد من على أن يمسَّه أو يُحرِّفه، ومِن هنا فإن ذلك الخطاب سوف يكون حجة على محمد، فإذا أخبر القرآن بشيء، واتَّضح أنه غير دقيق كان هذا هدمًا للدين كله، ورغم خطورة ذلك، فإن القرآن يجيء فيقول: ﴿ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ ﴾، فالقرآن هنا يقول لأعداء محمد – الذين يُهِمُّهُم هدم الإسلام -: “سأُخبِرُكم بما في أنفسكم، وبما لم تهمس به شفاهكم”، وكان قد يَكفيهم – لأجل أن يكذبوا محمدًا – أن يقولوا: “لم تحدِّثنا أنفسنا بذلك”، وكانوا بذلك سيُعلنون للناس أن محمدًا يقول خطابًا خطأ، ولكنهم ذُهِلُوا من أن القرآن قد أخرج ما في صدورهم، فلم يَستطيعوا ردًّا، ولم يفعلوا شيئًا أكثر من أنهم اختفوا عن أعين الناس بعدأن فضح القرآن حقيقتهم، ولو كان ذلك القرآن من نحو غير الله لما تمَكّن أن يبلغ إلى داخل النفس البشرية، التي لم يستطع معرفة أن يبلغ إليها حتى هذه اللحظة.

♦ ومن الموضوعات المستقبلية التي أخبر عنها القرآن: قول الله سبحانه وتعالى – مبشرًا نبيه بالعودة إلى مكة فاتحًا منتصرًا -: ﴿ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ﴾ [القصص: 85]، يقصد: لرادُّك إلى مكةكما أخرجك منها، وقوله أيضًا: ﴿ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا ﴾ [الفتح: 27]، وأيضاً قوله تعالى: ﴿ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ﴾ [القمر: 45]، لقد نزلت تلك الآية في مكة والمسلمون قلَّة، أذلاء، في أقوى حالات التضاؤل، لا يمكنهم حراسة أنفسهم، ثم يتوقع القرآن بأن الإسلام سوف يَنتصر، وأن هؤلاء الجمع – الذين تجمَّعوا لمقاتلة الإسلام في مكة – سوف يُهزمون ويولُّون الأدبار، وقد كان ذلك الخطاب يستحيل أن يأتي ذلك من واحد من في ذلك الوقت بذلك اليقين سوى في وضعية واحدة، وهي أن يكون قائل القرآن متأكدًا من أن ذلك سوف يأتي ذلك في المستقبل، وقد كان لديه التمكن من تقصي ما أفاد، فالذي صرح ذلك الخطاب هو القادر، الذي يعرف أن هذا سوف ينشأ يقينًا، وهو الله – سبحانه وتعالى.

♦ وانظر ايضا إلى قول الله سبحانه وتعالى – لنبيِّه محمد – عن اليهود: ﴿ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 137]، يقصد فسيكفيك شرَّهم؛ لأنه سبحانه هو السميع لأصواتهم، العليم بما يُدبِّرونه لك، وقد حقَّق الله وعدَه؛ فقد كفاه مكرهم وشرَّهم، بل ونصره عليهم حتى قُتل بعضهم، وأُسر بعضهم، وشرِّد بعضهم، ففي ذلك معجزة من معجزات القرآن الكريم – وهو الإخبار بالشيء قبل وقوعه – فوقع كما أخبر.

♦ ويقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾ [فصلت: 53]، فدعونا نتساءل بإنصاف ونقول: “مَن لديه أن يقول مثل ذلك الخطاب ثم يحقق ما قاله سوى خالق الكون سبحانه وتعالى”؟!

إننا نقول – وبكل وضوح -: “إن الذي خلق هو الذي صرح”، فعلى طريق المثال: يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ ﴾ [يس: 37]، يقول البروفيسور “يوشيودي كوزان” “مدير مرصد طوكيو”: “إن ذلك القرآن يصف الكون من أعلى نقطة في الوجود، فكل شيء في مواجهته مكشوف، إن الذي أفاد ذلك القرآن يشاهد جميع الأشياء في ذلك الكون، فليس هناك شيء قد خفيَ عليه”،وذلك مصداق لقول الله سبحانه وتعالى عن القرآن: ﴿ قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الفرقان: 6]، وأما المستشرق المؤلف والكاتب “غوتة” – وقد كان واحد من خصوم الإسلام – فقد صرح في ديوانه: “الديوان التابع للشرق للشاعر من الغرب”: “القرآن ليس خطاب الإنس، فإذا أنكرنا كونَه مِن الله، فمعناه أننا اعتبرنا محمدًا هو الإله”!

في جلسة خاصة مع بعض الأحباب طرحت ذلك السؤال، والسبب أنني أحب ان أحرك الأذهان والأفهام وأكره الجمود في التفكير.هل لأن في المدارس علمونا هذا أو لأننا نشأنا في مجتمع مسلم؟ الاجابة لا من غير شك! فالدين لا يؤخذ بالعاطفة واتباع الآباء والأجداد، انما بالدليل والبرهان.ومن المعروف ان غيري من العلماء والمشايخ والدعاة قد سبقوني في الاجابة، لكنني هنا سأختصر الموضوع من عديدة مصادر بعشر نقاط:
-1 النبي محمد صلى الله عليه وسلم لا يقرأ ولا يكتب منذ ولادته وحتى مماته، فكيف به ان يجيء لنا بكتاب؟!
-2 صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمانته فحتى أعداؤه كانوا يلقبونه بالصادق الأمين، فكيف يكذب ويتواصل في دعوته لفترة 23 سنة دون تذبذب مع كل هذا التعذيب والاضطهاد الذي أصابه وأصاب أتباعه من الآل والأصحاب.
3- القرآن الكريم يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأمره ويعاتبه أيضاً، وذلك يدل أنه ليس من خطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لاتفاق العلماء من المسلمين وغيرهم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عاقلا متزنا بفكره، فكيف يكلم أو يأمر ذاته أو حتى يحرج ذاته بمعاتبتها في مواجهة المتربصين به من أعدائه، بل الخطاب الذي في القرآن الكريم يوميء أنه من نحو خالق السموات والأرض.
4- القرآن الكريم يتكلم عن أمور تاريخية من المستحيل ان يعرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من عاصره بل يصحح أيضاً الأخطاء المتواجدة في الكتب السماوية الماضية المحرفة، والتاريخ يشهد بصحتها.
5- القرآن الكريم فيه تفاصيل عن المستقبل بعضها وقعت وبعضها لم تقع، فكيف يعلم تلك الموضوعات بشر؟! و كان قد بمقدور والدي لهب وامرأته باسلامهما نقض القرآن الكريم الذي أقرّ بكفرهما وماتا كافرين عقب نزول سورة المسد بأعوام عدة فلم يؤمنا يقينا ولا حتى نفاقا! وقد كان اليهود يمكنهم قبل 1400 سنة وحالياً أيضا هدم الدين بنقض القرآن الكريم لأنه وصفهم بأنهم أقوى الناس عداوة، والأخبار السياسية اليومية تخبرنا بقوة عداوتهم ومكرهم للاسلام وأهله.
6- القرآن الكريم يتحدث عن العلم الجديد بشيء من التفصيل في بعض الأحيان لا لنتعلم مادة الأحياء أو العلوم أو التشريح بل للتفكر في خلق الله تعالى، والاكتشافات الجديدة حتى تلك اللح‍‍‍ظة تؤكد دقة البيانات ودقة التفاصيل.
7- التناسق في الآيات والاعجاز البلاغي والتحدي الجاري منذ زيادة عن 1400 سنة الى الآخرة في ايجاد غير صحيح واحد، وحتى تلك اللحظة لم ولن تجد البشرية ذلك الخطأ!
-8 الاعجاز في القرآن الكريم من حيث البلاغة والجمال والحكمة والتحدي في ان يجيء أي فرد بسورة واحدة لاغير من مثله.
9- يذكر لنا القرآن الكريم أسماء أنبياء ورسل أكثر من أوضح «محمد» باسمه، فسيدنا النبي الكريم عيسى صلى الله عليه وسلم مذكور في ذلك الكتاب 5 أضعاف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ونبي الله موس‍‍‍ى صلى الله عليه وسلم مذكور أكثر منهما، فكيف بشخص يرغب في المكانة والعزة له والانتصار لأسباب شخصية (وحاشاه عليه الصلاة والسلام) ان يذكر أسماء غيره أكثر من ذاته.
10- اتفاق العلماء من المسلمين وغيرهم ان ذلك الكتاب لم يتحول منه حرف واحد على مر القرون، وأنه محفوظ في صدور الآلاف من أهل القرآن وبسند متصل، وذلك غير ممكن في الكتب الأخرى مهما علت منزلتها.
تلك النقاط العشر مع بعضها القلة لا تجعل مكانا للشك في ان القرآن الكبير هو خطاب الله عز وجل حقاً وصدقاً، ولكي يطمئن قلب المسلم بأن الله عز وجل قد منّ عليه بنعمة الاسلام فلابد ان يساهم غيره في تلك النعمة بالدعوة الى الله عز وجل بالحكمة والموعظة الحسنة.أفاد تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ}.
اللهم اهدنا واهد بنا.

د.عبدالله مُنْجِد البدر
@DrABQ
أنباء ذات صلة dot4line
الله بالخير… شلونك وشلون الأهل
طار بالهوى شاشي!!
أهلك الله الفساد وقاتل الواسطة
جمهورية مصر العربية إلى المجهول وخارج الزمان الماضي
العم «مصطفى بودي» رحمه الله
كيف نعرف أن القرآن وحي من الله

غالباً يتساءل الشبان! كيف نثبت أن القرآن وحي من الله,كما صرح الآباء لنا, وكما ورد في التراث؟ ونحن لا يمكننا وعي قوة إشعاره أو بلاغته, أو أسلوب نظمه للكلمات والجمل لو كان برهانه الإعجاز اللساني, ونحن لسنا من العلماء حتى ندرك دقائق النظريات الكونية التي نوه إليها القرآن أو ذكرها صراحة, ولا نرضى بأن نتبع العلماء في تلك المسألة المصيرية تشييد على الثقة, وخصوصا أن القرآن كلام لكل الناس, وذلك يقتضي أن يعلم كل الناس مصداقية وصواب نسبة القرآن إلى الوحي الإلهي!.

ذلك التساؤل كامن في نفوس الناس عامة, ولا يجدون جواباً مقنعاً يجعلهم يؤمنون بصورة عقلية تبث الاطمئنان في قلوبهم.

وذلك السؤال حق مشروع، يطرحه كل مناصر ومتبوع.

وقبل أن أعرض عدد من النقاط التي تعاون الإنسان في الوصول إلى جواب بنفسه لا مفر من عرض بعض مسائل مهمة وهي:

ينبغي أن نفرق بين الإمضاء بوجود الله كخالق مدبر التي هي مسألة فطرية ليس لديه الذهن أو النفس رفضها، وهكذا ليست هي محل مناقشة أو برهنة لبداهتها، ومسألة الإيمان بالله التي هي فترة أعلى من التوقيع إذ تضيف له الاتباع، والإيمان مسألة أخلاقية وليس مفهوماً فلسفياً للنقاش أو الإثبات، وهكذا لايخضع للبرهنة، ومن ذلك الوجه كانت حجة الله لائحة على الناس جميعهم فطرة وأخلاقاً، ولتقريب الفكرة أقول هل يبقى إنسان عاقل يطلب البرهان على أن التصرف لابد له من فاعل، أو برهان على ضرورة الصدق والأمانة بين الناس؟ أو نفي الغدر والقتل وسرقة الناس؟ الأخلاق الإنسانية منظومة يحملها الإنسان منذ ولادته وانتمائه الاجتماعي على الرغم من تصوره للوجود ، والإنسان كائن اجتماعي أخلاقي.

لهذا؛ التوقيع بالخالق المدبر فطرة، والإيمان به حرية، وكلاهما لايخضعان للبرهنة لأن الأول بداهة والثاني موقف أخلاقي، فعلى ماذا يتناقش الناس أو يتحاربون؟

إنهم يتحاربون على المصالح والانتصارات والظلم والجشع والاستبداد والاستعباد…الخ، ويُلبسون حربهم لباس الدين أو الإيمان ليضللوا الناس ويجعلوهم وَقوداً للحرب يضربون بهم كأداة حربية ليس سوى.

فالناس أحرار في تصوراتهم وسلوكهم الشخصي، ولكنهم ليسوا أحراراً في أخلاقهم الاجتماعية والتزامهم بالعدل والصدق والأمانة…الخ.

القرءان كتاب الله أنزله للناس جميعاً وليس لفرد واحد، وربط خطابه بالكون، وهكذا فدراسته أو فهمه مرتبط بالمستوى المعرفي للإنسان وتطوره، وذلك يقصد أن الإنسان كمجتمع ومن باب أولى الشخص أن لايحيط به علماً ، فكل مجتمع يأخذ حاجته منه ويترك ما إغلاق عليه فهمه للمجتمعات اللاحقة، لهذا؛ من الطبيعي أن لايعلم الشخص كثيراً من مفاهيم نصوصه لأن الكلام إنساني زمكاني ، والأمر أشبه برسالة موجهة لعدد من الناس مختلفون في تصوراتهم وثقافتهم ومستوى علمهم وبيئتهم، ونص الرسالة مصاغ بحيث يغطي كل المعدلات ، وبذلك إذا تلا الرسالة واحد منهم لا من الممكن أن يحيط بها علماً، وإنما يأخذ حاجته منها وما فهمه، ومن الخطأ أن يترك الرسالة كلها بوازع أنه لم يفهم الموضوعات الأخرى التي ليست له أصلاً، وإذا قُرأت الرسالة من المجموعة كلها لا شك أن مستوى إستيعاب الرسالة سيكون أرقى وأوسع من القراءة الفردية، فما بالك إذا كانت الرسالة موجهة لكل المجتمعات مع اختلاف الزمن والمكان!

وينبغي العلم إن الإنسان مقيد العلم والمعرفة وبذلك لايصح أن يجعل من فهمه معياراً أو ميزاناً للصواب أو الخطأ ، المعيار أو الميزان هو العلم ، فإن لم يفهم مسألة محددة لايعني خطئها أو عدم وجودها، صوب حصول ظاهرة فلكية أو فيزيائية خارج المستوى العلمي للناس.

لهذا؛ ينبغي أن ندخل إلى العلم ونحن مؤمنين به والصواب ما يقره العلم والخطأ ما ينفيه، لاعلاقة لعدم ارتياحنا أو رفضنا أو قناعتنا الشخصية الشعورية في هذا قط، وأيضاً ندخل إلى القرءان باحثين عن الحقيقة ولسنا مشككين أو رافضين له سلفاً، ونختبر حقائقه ونتأكد من أحكامه عن طريق ملاءمتها للواقع و تحقيقها للمنفعة العامة للناس والفرد خاصة، فالواقع حاضر وهو محل الكلام، فأي مقال يتناقض مع الحقيقة العلمية فلاشك بكذبه أو خطئه، وأي حكم يترتب عليه الضرر أو الفساد للناس فلا شك أنه من نحو الطاغوت وليس من نحو الله الخالق العليم الحكيم.

انظروا مثلاً هل يقبل واحد من بإباحة نكاح والدته أو شقيقته أو بنته له؟ ذلك ما حرمه القرءان.

هل يقبل واحد من بالتعامل بالربا المعلوم الذي لاخلاف عليه بين الناس الذي يقوم على تسخير الصلات الإنسانية والاحتياج والضعف؟ ذلك ما حرمه القرءان .

هل يقبل واحد من أن يسمح بإنهاء حياة الناس لبعضهم بعضاً؟ ذلك ما حرمه القرءان.

القرءان أمر ببر الأبوين والعناية باليتامى والأطفال، وحفظ البيئة والمجتمع من القذارة الجوهري والفكري من إرهاب أو قساوة أو غيره.

أما أن يترك الإنسان كل تلك الحقائق والأحكام الاجتماعية الإنسانية ويجري وراء مقال لا رابطة له بهذا، ولم يفهمه هو لقصور في فهمه، ويستخدمه لنقض القرءان كله ، فهذا عمل اعتباطي وهو أشبه بمن يرفض الرياضيات أو الفيزياء لعدم معرفته لموضوع جزئي فيهما!

وأصاب الشاعر عندما أفاد:

كم من عائب قولاً صواباً……..وآفته من الاستيعاب السقيم

ونهاية؛ ينبغي العلم للباحث في القرءان أن القرءان له نسق خاص به في دراسته مثل نفي الترادف والمجاز والاعتباطية في مفاهيم أصوات الأحرف، وأن الكلمة لها مفهوم واحد ومعاني متنوعة تفهم وفق التوجه ومحل الكلام، وينبغي علم نسق استعمال الضمائر وعائديتها في المقال من مفرد أو جمع، ومعرفة أن القرءان منظومة واحدة يتضمن على منظومات ، ومفاتيح هذا الإطار حاضرة في القرءان نفسه.

أيها الشبان! أقول لكم بكل بساطة إن ذلك القرآن في مواجهة احتمالين لا ثالث لهما,

أولهما: أن يكون القرآن وحياً من الله.

والآخر: أن يكون من تأليف الإنسان أيٍّ كان.

ومعرفة هذا على درجة من السهولة, وهو أمر أدرجه الله تبارك وتعالى ضمن مدارك الناس, وهذا لإقامة الحجة عليهم, وتحقيق الإنصاف الإلهي،ويتأتى هذا بواسطة مجموعة أسئلة يناقشونها في أنفسهم، أهمها:

1- هل يدعو القرآن إلى العبودية والخضوع لإنسان مثلنا؟

2- أيأمر بالظلم والاستبداد , أو بالعدل والمشاركة في الشأن؟

3- هل سمح لنا بإشباع غرائزنا وحاجاتنا النفسية والجسمية؟

4- هل دعوته عرقية، طائفية؟

5- هل يدعو إلى التوازن والصلاح على مستوى البيئة والمجتمع؟

6- هل يدعو إلى الحياة السعيدة في الدنيا ويوم القيامة؟

7- هل يفضي تنفيذ شرعه إلى إحلال الأمن والسلام والسعادة؟

8- هل أوجد أجوبة للأسئلة الكبرى الثلاثة: ( كيف , لماذا , أين )بصورة علمية وعقلية قبول للفطرة؟

9- هل أخباره مطابقة للحقيقة بأبعاده الثلاثة: الزمن الفائت, والحاضر, والمستقبل؟

10-هل يوافق محتواه العلم مهما تطور مع الزمان؟

11- هل يحقق شعبة المجتمع والفرد؟

12- هل استقر تناقضه للعلم أو الواقع مرة واحدة في الفترة الزمنية الطويلة؟

13- هل تمَكّن واحد من أن يجيء بمثله خلال الفترة الزمنية الفائتة رغم وجود التحدي والدافع؟

14- هل أصاب المقال القرآني منذ بدايته إلى زمننا ذلك أي تحريف أو احتيال في مادته؟

15- هل يسمح بطاعة واحد من خلاف الحق والعلم؟

16- هل هو منسجم ومتواصل مع الكتب الإلهية الماضية في خطوطها العريضة؟

17- السحر خداع أو إيقاع الأذى والشر بالناس، فهل القرآن سحر!؟

18- الشعر نسق خاص لصياغة الخطاب متعهد بقافية ووزن ويقوم على الترادف والمجاز، فهل القرآن شعر؟

19- الهلوسة والهذيان مرض نفسي يصيب الإنسان, ويبدو عن طريق اختلال في سلوكه ومخالفته للواقع, وصدور ألفاظ لا معنى لها، فهل القرآن هلوسة و هذيان؟

20 – من الطبيعي أن يعزو الإنسان الشغل الكبير لنفسه. فهل عزا النبي محمد القرآن لنفسه؟

21 – نزل القرآن مفرقاً أثناء ثلاثة وعشرين عاماً وحافظ على صعيد قوة الكيفية, وصدق أخباره، وتماسكه المنطقي والمعلوماتي، ومن المعروف أن الإنسان يتحول ويتطور أسلوبه متى ما تقدم السن به، فهل أصاب المقال القرآني أي تبدل أو تحديث أثناء مدة نزوله الطويلة؟

22 – هل يسمح الشرع القرآني بنكاح الأم والأخت والبنت، والمحارم عامة!؟

23- هل يسمح بالقتل وسفك الدماء وانتهاك مظاهر واقترانات الناس؟

24- هل يسمح بأكل حقوق الناس وسرقتهم والكذب عليهم؟

25- هل يطلب من الناس زهق حياتهم أو الإضرار بها؟

إن العثور على الجواب على مؤكد تلك الأسئلة يوصل الإنسان إلى الحكم والقرار القطعي على مصدرية القرآن، وتلك هامة مناطة بك أيها القارئ العزيز.

أما صفة الإتمام للدين عن طريق القرآن فقد تأتت نتيجة لـ وصول الإنسانية إلى سن الإدراك وبداية الرشد،واكتمال اللسان العربي نظاماً، فاقتضى هذا رفع الوصاية الإلهية المباشرة عن الناس، وتحميلهم مسؤولية قيادة أنفسهم بحسب تعاليم القرآن العامة والكلية، مع إعطاء الإنسان حرية التحرك ضمن حدوده التشريعية، ومثل هذا كمثل اكتمال أبجدية اللسان العربي, فهي من حيث عدد الأحرف قد اكتملت, ولا من الممكن أن يزيد واحد من عليها أي حرف, وهذا لاكتمالها بما يلبي حاجات ورغبات المجتمع الإنساني، و لديه الإنسان طيفاً واسعاً يسمح له استعمال الأحرف وفق ما يرغب في. معبراً عن كل ما يرغب في، ومثل هذا أيضاًً كمثل النسق العشري للأعداد, فهو نسق ثابت مع تمكُّن الإنسان على استعماله بصورة لا متناهية، إرتفاعاً ونزولاً في شؤون حياته كلها.

والشرع القرآني شرع حدودي إجمالي ثابت, ترك للإنسان فرصة التحرك ضمن حدوده بصورة لا متناهية, ليختار الصورة التي تناسب واقعه الزمكاني, ولكل مجتمع تفاعله المخصص مع القرآن ضمن حدوده، ( إستقرار العقار والمفهوم، وتحرك الصورة والاستخدام).

فصفة الإنهاء للشرع الإلهي الذي نزل في القرآن ليست مسألة إيمانية فحسب, وإنما هي مسألة واقعية أيضاًً, فمن يمكنه أن يملأ كأساً ممتلئاً بالماء أصلاً؟ وبالتالي الشرع القرآني، فهو شرع حدودي كامل قد تناول كل ما يرتبط بالإنسان والمجتمع أثناء الزمن والمكان، ومن يستطع أن يجيء بشرع أحسن للناس فليفعل!.

أيها الشبان! هلمّوا إلى القرآن تفاعلاً وفاعلية, لا تدعوا أحداً ينصب ذاته وسيطاً بينكم وبين القرآن, لا للآبائية, ولا للأكثرية, ولا للزعامات, ولا لرجال الدين!، ولا للترادف في الكلام القرءاني، ولا للمجاز ، ولا للاعتباطية في نشأة اللسان، ولا للمثناة التي استكتبها المسلمون مع كتاب الله.

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ أغسطسَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ شهر أغسطسَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } (البقرة 170)

{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } (يونس 15)

العاصمة السورية دمشق /2008/أصدر في مجلة شبابلك في دمشق بسوريا

نقش يحمل جملة (الله كافٍ) باللغة العربية
الله هو اسم علم مفرد لا جمع له في اللغة العربية يدل على “المعبود” “الخالق” في الديانات التوحيدية الربوبية (والنظم العقائدية الأخرى). غالباً ما يوصف “الله” على أنه الخالق الكلي القدرة والمتحكم والمشرف على الكون، وهو ذو غيب منيع لا يدرك. وأرجع علماء الدين مجموعة متنوعة من السمات لمفاهيم مختلفة عن الله. الأكثر شيوعاً بينها هي المعرفة (العالِم بكل شيء)، والقدرة (القادر على كل شيء)، وفي بعض الديانات باللا محدودية (حاضر في كل مكان)، وفي ديانات أخرى التنزيه عن المكان، والكمال (الكمال لله)، وأزلية الوجود الأبدية الدائمة اللامنتهية.

كما يوصف الله عند البعض بأنه فرد لا يماثله شيء، ومصدر كل التزام أخلاقي، وأعظم مما يمكن تصوره. وهذه الصفات مدعومة بشكل عام وبدرجات متفاوتة من قبل الفلاسفة وعلماء الدين اليهود والمسيحيين وبعض المسلمين، بما في ذلك موسى بن ميمون[1] وأغسطينوس[1] والغزالي.[2] ويؤمن المسلمون بأن الله هو واجد الوجود أي الخالق وليس بمخلوق، وهو محدِث وليس بحادث، كما ورد في القرآن (ليس كمثله شيء) أي أن الله ليس له ند،[3] وليس هناك من يشابهه ولا يماثله.

وضع فلاسفة بارزون في القرون الوسطى ثم العصور الحديثة العديد من الحجج لوجود الله. ومن ناحية أخرى أقام فلاسفة آخرون حججا تنكر وجوده.

محتويات
1 أصل الكلمة
2 أسماء الله في الديانات الإبراهيمية
2.1 اليهودية
2.2 المندائية
2.3 المسيحية
2.4 الإسلام
3 أسماء الله في الديانات الأخرى
3.1 الزرادشتية
3.2 الإلهية
4 مراجع
أصل الكلمة

كلمة «الله» تعلو محراب مدرسة الناصر محمد بن قلاوون[؟] بالقاهرة
جذر الكلمة إيل في الكنعانية أو الاها ܐܰܠܳܗܳܐ بالسريانية وאֱלָהָא بالآرامية. وذكرت بالتوراة بالجمع “ألوهيم”. وكانت أحد أصنام العرب تسمى “اللات” من نفس الجذر. أما لفظ اسم (الله) العربية فقد استعملها العرب قبل الإسلام. وبالعربية دمجت “ال” التعريف مع كلمة “إله” لتدل على الله الإله الأحد.[4] واستعملها اتباع كل الديانات الإبراهيمية العرب مثل المسلمين واليهود الشرقيين ومسيحيي الكنائس الكاثوليكية الشرقية.[5][6][7] وجاء في مختار الصحاح:[8] “الله وأصله “إلاه” على فعال بمعنى مفعول لأنه مألوه أي معبود”.

أسماء الله في الديانات الإبراهيمية
اليهودية
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: الله في اليهودية
استعمل اليهود كلمة “إيل” للدلالة على الله وما زالت مستعملة في الأسماء مثل “إسماعيل” بمعنى (سمع الله)، وإسرائيل بمعنى (مختار الله). كما شاع استعمال تعبير يهوه للإشارة إلى الله القومي للإسرائيليين. وكلمة يهوه في العبرية (יהוה) تعني “يا هُوَ” ويستعملونها بدلا من الاسم الحقيقي الذي، بالنسبة لمعتقداتهم، لا يعلم به أحد. وقد استعمل في التوراة أسماء أخرى للدلالة على الإله الأوحد مثل: “أدوناي” (أي الرب) وكلمة “ها شـِم” השם (أي الاسم) وإيل عليون (أي الإله الأعلى) وإيل شدَأي (أي الله القدير) ورب الصابؤوت (أي رب الجنود) و”كادوش” (أي القدوس). كما استعملت كلمة أيلوهيم (אלוהים وهي جمع “ايلوه”) وهي من نفس جذر الله.

المندائية
يعتقد المندائيون بإله واحد يسمى “هيي قدمايي” (أي الحي الأزلي) وقد خلق الأكوان والكائنات ومنهم “الملكي” (أي الملائكة) والأثيري وهم كائنات نورانيين ليس لهم مقابل في بقية الديانات. والملكي والاثري كائنات خلقت لعبادة وتبجيل “هيي قدمايي” وتنفيذ أوامره في الخلق وتوزيع المهام من الأرزاق والأعمار والأولاد والخير كله، ولا يأمر بشر أبدا ولا ينتقم ولا يقبض، إنما الشر كله من “الروهة” الشريرة. وهو بذلك قريب الشبه بجوبتير عند الإغريق. [بحاجة لمصدر]

المسيحية
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: الله في المسيحية
بحسب قانون الإيمان المسيحي الذي أقره مجمع نيقية، يعرف الله بأنه واحد، وهو كلي القدرة ضابط الكل الذي هو أصل كل شيء، لا بداية له ولا نهاية زمانياً ومكانياً، وهو خالق السماوات والأرض وخالق كل نفس. والله حسب العقيدة المسيحية ظاهر في ثلاثة أقانيم، أو صور، كلها مشتركة في الطبيعة الإلهية الواحدة، موجودة منذ الأزل وإلى الأبد، وتشترك في كل الصفات الإلهية، وهذه الأقانيم تتمثل في “الآب” الذي لم يره أحد قط ولا يستطيع إنسان أن ينظره، و”الكلمة”، وهو الله المتجسد من أجل رسالة الفداء التي يؤمن بها المسيحيون والموجود منذ البدء والذي به خلق كل شيء كما يبدأ نص إنجيل يوحنا، و”روح القدس”، وهو المعزي الذي وعد يسوع أنه سيرسله للمؤمنين به بعد صعوده حسب الإيمان المسيحي، وهو روح الله الذي يسكن في داخل المسيحي المؤمن، مبكتًا إياه على ذنوبه، ومعطيه القوة للتغلب على الطبيعة البشرية المحبة للشهوات الجسدية. يؤمن المسيحيون بالله، لكن نظرتهم له تختلف عن الإسلام إذ يؤمنون أن الله واحد في ثلاثة أقانيم. الثالوث الأقدس هو مصطلح مسيحي يشير للأقانيم الثلاثة: الآب والابن والروح القدس وكلهم عبارة عن ثلاث خواص أساسية (أقانيم) لإله واحد ورب واحد، ويظهر ذلك جلياُ في الكتاب المقدس في سفر التكوين،[9] وأيضًا في إنجيل يوحنا،[10] ورسائل القديسين.[11] ومن صفات الله في المسيحية: محب وحكيم وقدوس وعادل ورحيم ورؤوف والرّب، مع ملاحظة أن الأسماء المستخدمة في الديانة اليهودية لها اعتبار في التقليد المسيحي.

الإسلام

لفظ الجلالة “الله” على نصب تذكاري لشهداء حرب أكتوبر في مدينة دسوق المصرية
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: الله (إسلام)
الله في الإسلام هو الإله الواحد الأحد وهو وصف لغوي للذات الإلهية. وله أسماء تسمى أسماء الله الحسنى وهي أكثر من أن تعد أو تحصى، ومنها تسعة وتسعون اسمًا لم يخصص محمد بن عبد الله، وذكرت متفرقة في القرآن عن طريق الوحي فجميع هذه الأسماء ورد في القرآن وإن ذكرت في والسنة النبوية، وإنما وردت على سبيل التأكيد لما ذكرت في الكتاب. ومعنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحق سوى الله. ومن أسمائه: الكريم، الحكيم، اللطيف، الخبير، العدل[؟]، الحليم، الرحمن، الرحيم، الرؤوف، الملك، السلام، المهيمن، الودود، وهو غني.

الله: اسم مشتق من أله يأله إلهة, فأصل الاسم الإله فحذفت الهمزة وأدغمت اللام الأولى في الثانية وجوبا فقيل: الله, ومن أقوى الأدلة عليه قوله تعالى: وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ [الأنعام: 3] مع قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ [الزخرف: 84] ومعناه: ذو الألوهية التي لا تنبغي إلا له, ومعنى أله يأله إلهة عبد يعبد عبادة، فالله المألوه أي المعبود ولهذا الاسم خصائص لا يحصيها إلا الله عز وجل, وقيل إنه هو الاسم الأعظم.

ولفظ “الله” هو عَلَمٌ على الذات الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد، وهو الإله الحق لجميع المخلوقات ولا معبود بحق إلا هو. ويؤمن المسلمون بأن الله واحد، أحد، فرد، صمد، ليس له مثيل ولا نظير ولا شبيه ولا صاحبة ولا ولد ولا والد ولا وزير له ولا مشير له، ولا عديد ولا نديد ولا قسيم. وهو الإله الحق وكل ما يُدعى من دونه فهو باطل. فالمسلمون لا يعبدون إلا الله، وتوحيد الله بالعبادة هي جوهر العقيدة في الدين الإسلامي.

فالله هو خالق السماوات والأرض وهو الخالق المحيي والمميت، حي لا يموت، فهو كما أخبر عن نفسه في القرآن: Ra bracket.png قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ Aya-1.png اللَّهُ الصَّمَدُ Aya-2.png لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ Aya-3.png وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ Aya-4.png La bracket.png[12] (سورة الإخلاص).

ولله في الإسلام أسماء حسنى وهي أسماء مدح وحمد وثناء وتمجيد لله وصفات كمال لله ونعوت جلال لله، وأفعال حكمة ورحمة ومصلحة وعدل من الله،[13] يُدعى الله بها، وتقتضي المدح والثناء بنفسها،[14] سمى الله بها نفسه في كتبه أو على لسان أحد من رسله أو استأثر الله بها في علم الغيب عنده،[15], لا يشبهه ولا يماثله فيها أحد.[16] وهي حسنى يراد منها قصر كمال الحسن في أسماء الله،[17] لا يعلمها كاملةً وافيةً إلا الله.

وهي أصل من أصول التوحيد[؟] في العقيدة الإسلامية لذلك فهي رُوح الإيمان ورَوْحه، وأصله وغايته، فكلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته، ازداد إيمانه وقوي يقينه.[18] والعلم بالله، وأسمائه، وصفاته أشرف العلوم عند المسلمين، وأجلها على الإطلاق لأنّ شرف العلم بشرف المعلوم، والمعلوم في هذا العلم هو الله.[19]

وقد ورد في القرآن: Ra bracket.png اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى Aya-8.png La bracket.png[20] (سورة طه، الآية 8) وحث عليها النبي محمد فقال: ” إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائةً إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة “.[21]
في الإسلام هو عَلم على الذات الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد، وهو اسم الذَّات العليَّة، خالق الأكوان والوجود، وهو الإله الحق لجميع المخلوقات ولا معبود بحق إلا هو. ويؤمن المسلمون بأن الله واحد، أحد، صمد، ليس له مثيل ولا نظير ولا شبيه ولا صاحبة ولا ولد ولا والد ولا وزير له ولا مشير له، ولا عديد ولا نديد ولا قسيم.

يُلحق المُسلمون بشكلٍ دائم عبارة «عَزَّ وجَلّ» بعد ذِكر اسم الله لِما له من العزة والجلال والعظمة، فله العزة الكاملة والجلال المُطلق والعظَمة الخالية من النقص، ويُلحق المُسلمون كذلك عبارة «سُبحانه وتعالى» بعد ذِكر اسم الله أيضاً لكونه مُنزّه عن العيب والنقص، والأوهام الفاسدة، والظنون الكاذبة، وتنزيهه عن كل سوء،[1] والمُتعالي بنفسه عن الخَلْق فرفع وارتفع.[2] وكذلك تُلحق عبارة «جل جلاله» والتي تعني تجلّت عظمته وكبريائه وملكوته عن كُل شيء.

توحيد الله بالعبادة هو جوهر العقيدة في الدين الإسلامي. ولله أسماء عدّة تُدعى أسماء الله الحسنى، حيث يؤمن المسلمون أن من يُحصي 99 منها يدخل الجنة[3]. روى البخاري (2736) ومسلم (2677) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ» .

محتويات
1 تعريفه وصفاته عند المسلمين
1.1 وصف الله في القرآن ووصف قدراته وأسمائه وبديع صنعه
1.2 مأثورات في صفاته
2 لفظ (الله) في اللغة العربية
3 ترجمة لفظ الجلالة
4 خواص اسم الله
5 الإيمان بالله في الإسلام
5.1 الحب في الله والبغض في الله
5.2 العلماء بالله عند المسلمين
6 مراجع
6.1 مصادر إضافية
7 وصلات خارجية
تعريفه وصفاته عند المسلمين
IslamSymbolAllahComp.PNG
جُزءٌ من سلسلة حول
الله
مفاهيم عامَّة˂
مفاهيم محدّدة˂
في دياناتٍ مُعيَّنة˂
صفات˂
التعابيرالممارسات
˂
مواضيع مرتبطة˂
عنت
يُؤمن المُسلمون بأن الله هو خالق الحياة والكون والمخلوقات وكُل ما هو موجود، ومُدبر جميع الأمور ومُقدر كُل ما يسري ويجري بقدرِه، وله جميع صفات الكمال المُطلق المُنزه عن النقصان فليس كمثله شيء، فلا تُشبّه صفاته بصفات المخلوقات، فهو أول بلا ابتداء ودائم بلا انتهاء، لا يفنى ولا يبيد، ولا يكون إلا ما يُريد، لا تبلغه الأوهام ولا تُدركه الأفهام وهو حيٌ قيّوم لا ينام ولا يغفل عن نظره شيء. فهو موجود لا مادي ولا تنطبق عليّه قوانين المادة، ولا يحتاج لزمان ومكان لوجوده، ولا تتغير صفته ولا تنقسم ولا تتجزئ ولا تزيد ولا تنقص.[4] فهو الذي يُنّعم ويُعذّب ويُسعد ويشقي، وكُل المخلوقات تُرد إليه وتقف بيّن يديه وتُحشر له، وهو صاحب الحساب وهو الحكم الفصّل فلا جنةّ َإلا برحمته ولا عذاب إلا بعدله.

يؤمن المسلمون أن الله مستوٍ على عرشه فوق السماوات فلا شيء يعلوه وهو فوق كُل شيء وتحته كُل شيء.[5] فهو الغنيّ بذاته عن جميع المخلوقات، فلم يسبق وجوده وجود، والمخلوقات كُلها بقبضته لا تنفك عن محض علمه وتقديره وتدبيره، يُميت ويُحييّ ويمنع ويعطي، يعلم الغيّب الكبير المُتعال، فيعلم مثاقيل الجبال وعدد حبات الرمال، ومكاييل البحار، وعدد قطر الأمطار، وما تساقط من ورق الأشجار، يعلم ما كان وما يكون وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، فهو سبب وجود كُل عدم وسبب عدم كُلِ ما كان موجود، الغنى والفقر، والشفاء والمرض، والنجاة والهلاك، والحياة والممات والبلاء والنِعم كُلها بأمره، فلا نافع ولا ضار سواه، ولا مانع ولا مُعطى إلا هو، له الاسم الأعظم الذي تُكشف به الكُربات وتستنزل به البركات وتُجاب به الدعوات.

كما يؤمن المسلمون بأن الله حيٌ لا يموت، فلم يسبق وجوده عدم ولا يلحق بقاءه فناء، وله وحده البقاء والدوام، فلا أول قبلَه ولا آخر بعده، وهو الظاهر الذي لا شيء فوقه والباطن الذي لا شيء دونه، الباقي في أزل الأزل إلى أبد الأبد، وكل شيء فانٍ ومُنتهٍ ومآله إلى العدم إلا ذاته. تفرّد بالأَحَدِيّة بلا انتهاء، وتسربل بالصمديّة بلا فناء، مُتصف بالجود والكرم قبل وجود الوجود، مُنزه في وحدانيّته عن الآباء والأبناء والجدود والأحفاد، مُقدَّس في ذاته عن الصاحبة والمصحوب والوالد والمولود.

وهو الذات الذي اصطَفَى مِن عبادِهِ ليُتمم رسالة توحيده وعبادته، فهو الوحيد المُستحق للعبادة والذلة والخضوع والانفراد بالكمال والتنزيه عن كًل لَغْطٍ وسوء، فلا شريك له في العبادة والمُلك، فله النفس وإليه المرجع والمآب والمآل والمُنتهى والمُشتكى والتحاكم والتخاصم، فهو الذي لا غنى لشيءٍ عنه، ولا بُد لكل شيءٍ منه، وهو الذي رِزْقُ كُل شيء عليه، ومصير كُل شيءٍ إليه، وملُكيّة كل شيء له، وحُبِ كُل شيءٍ فيه.

يُقر المسلمون بإن لله صفاتاً قد وصفها نفسه ولا تتشابه ولا تُقارن بتلك الصفات الموجودة في الخلائق، ومثال ذلك الرحمة والعدل والعظمة، فهو الرحيم التي تتسع رحمته السماوات والأرض وما بينهما، وهو أرحم بالعباد من الأم بولدها، فيغفر الزلات ويعفو عن الخطيئات ويمحو السيئات ولا يملُ من تكرار التوبة ويغفر ذنوباً كالجبال ولا يُبالي. وهو شديد العقاب لا يظلم ولا يأكل حق مخلوقٍ ولا كائن، فُكل حقوق العباد تُرفع إليه ولا تُرد إلا به، وهو العظيم الذي ليس كعظمته شيء، فلا تُدرك عظمته العقول والأبصار، وهو العدل الذي حرّم الظلم على نفسه وعباده، فلا يُعذب أحداً إلا بذنب ولا ينقص أحدا من حسناته ولا يعطي أحداً من سيئات غيره ولا يكلف نفساً إلا ما تقدر عليه ولا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه.

لا يفوت على بصره وسمعه وعِلمه شيء، فيسمع دبيب النمل ويسمع السر كما يسمع الجهر، ويعلم الخافي كما يعلم الظاهر. ويبصر حركات المخلوقات في البر والبحر وتحت ظلام الليالي السود، لا تدركه الأبصار ولا الأسماع وهو الواحد المعبود. وهو العليم بكل شيء، بما كان وبما يكون وبما لم يكن، يعلم السر وأخفى، لا يشغله شيء عن شيء، ولا صوت عن صوت، ولا خلق عن خلق، السر والعلن عنده سواء. والله جميل الذات، وجميل الصفات، وجميل الأفعال، وجميل الأسماء. وله نورٌ لو رُفع عنه الحجاب لأحرقت سَبَحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه، ولنور وجهه اشرقت الظلمات.

كما يرى المسلمون -باستثناء بعض الطوائف منهم- بأن رؤية الله لا تكون إلا في الجنة، وهي أعظم نعمةٍ ينعم بها الإنسان على الإطلاق، وهو أفضل النعيم وأجلّ التكريم. وثُبت في السنة النبوية بأن الله يضحك ولكن ليس كضحك المخلوق، ويغضب ولكن ليس كغضب المخلوق، ويفرح في توبة المؤمن ولكن ليس كفرح المخلوق، وله من الصفات الفعليّة التي هيّ ليست كصفات البشر والمخلوقات.

وصف الله في القرآن ووصف قدراته وأسمائه وبديع صنعه
ورد ذكر لفظ (الله) في القرآن 2724 مرة منها:

Ra bracket.png قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ Aya-1.png اللَّهُ الصَّمَدُ Aya-2.png لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ Aya-3.png وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ Aya-4.png La bracket.png.[6] (سورة الإخلاص).
Ra bracket.png اللَّهُ لاَ إِلَٰهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ Aya-255.png La bracket.png[7] (سورة البقرة، الآية 255).
Ra bracket.png اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لّا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ Aya-35.png La bracket.png[8] (سورة النور، الآية 35).
Ra bracket.png هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ Aya-22.png هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ Aya-23.png هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ Aya-24.png La bracket.png.[9] (سورة الحشر).
مأثورات في صفاته

لفظ الجلاله الله مكتوبة على جدار الجامع القديم[؟] في أدرنة، تركيا
« هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الملك[؟] القدوس السلام[؟] المؤمن[؟] المهيمن العزيز[؟] الجبار[؟] المتكبر[؟] الذي خلق[؟] السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه حي له الحياة قدير له صفة القدرة مريد له صفة الإرادة كلم موسى تكليما وتجلى للجبل فجعله دكا هشيما فوق سماواته مستو على عرشه بائن من خلقه يرى من فوق سبع سماوات ويسمع ضجيج الأصوات باختلاف اللغات على تفنن الحاجات ويرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في غياهب الظلمات لا تتحرك ذرة إلا بإذنه ولا تسقط ورقة إلا بعلمه ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض والسماوات ترفع إليه الحاجات وتصعد إليه الكلمات الطيبات وينزل من عنده الأمر بتدبير المخلوقات له القوة كلها والعز كله والجمال كله والعلم كله والكمال كله وهو الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم موصوف بكل جمال منزه عن كل نقص وعيب لا تضرب له الأمثال ولا يشبه بالمخلوقات فعال لما يريد لوجهه سبحات الجلال وهو الجميل الذي له كل الجمال إحدى يديه للجود والفضل والأخرى للقسط والعدل يقبض سماواته السبع بإحدى يديه والأرضين السبع باليد الأخرى ثم يهزهن ثم يقول أنا الملك[؟] لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه قريب مجيد رحيم ودود لطيف خبير » – [10]

“الله” في اللغات الآسيوية المختلفة.
«الحمد لله الأول الآخر[؟]، الباطن[؟] الظاهر[؟]، الذي هو بكل شيء عليم، الأول فليس قبله شيء، الآخر[؟] فليس بعده شيء، الظاهر[؟] فليس فوقه شيء، الباطن[؟] فليس دونه شيء، الأزلي القديم الذي لم يزل موجودًا بصفات الكمال، ولا يزال دائمًا مستمرًا باقيًا سرمديًا بلا انقضاء ولا انفصال ولا زوال. يعلم دبيب النملة السوداء، على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء، وعدد الرمال. وهو العلي الكبير[؟] المتعال، العلي العظيم[؟] الذي خلق[؟] كل شيء فقدره تقديرًا.» – [11]
«استواء يليق بجلال الله ويختص به فلا يلزمه شيء من اللوازم الباطلة التي يجب نفيها كما يلزم من سائر الأجسام.» – [12]
«هو الله الذي لا إله إلا هو رب العالمين وقيُّوم السماوات والأرضين الملك[؟] الحق[؟] المبين الموصوف بالكمال كله المنزّه عن كل عيب ونقص وعن كل تمثيل وتشبيه في كماله » – [13]
لفظ (الله) في اللغة العربية
الله: اسم الجلاله كما في الديفيهي.

غالبا ما تورد عبارة “لفظة الجلالة” في الأدبيات العربية عند ذكر كلمة “الله” كلفظة لغوية أو نحوية للتفريق بينها وبين غيرها من الكلمات. ولم يَرد ما يُفيد أن أحدا أطلق هذا الاسم على نفسه سواء قبل الإسلام أو بعده، بالرغم من وجود من ادّعوا الإلوهية إلا أنهم لم يسمّوا أنفسهم بهذا الاسم [14]. جاء في القرآن Ra bracket.png رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا Aya-65.png La bracket.png[15] (سورة مريم، الآية 65).
وهذا من بيان قدرة الله على خلقه حيث لم يصرف قلب أو عقل أحد من مخلوقاته إلى أن يُسمَّي أو يتسمى باسمه العظيم.

الله هو لفظ الجلالة الأعظم . وأهل اللغة يقولون هو من ألِه أي عَبَد. وفي اللغة الإله هو المعبود ، من العبادة. فهي في الأصل مشتقة من كلمة “الإله” أي المعبود فحُذفت الهمزة التي في وسط الكلمة فصار عندنا “الـله” . والذي يرجح ذلك هو استعمالات كلمة “الله”. حيث أن استعمالاتها تدل على أنها من الأعلام غير الممنوعة من الصرف والتي لا تقبل التنوين وهذه من خصائص الأسماء التي تعرف بالألف واللام. فالأسماء إذا لم تكن ممنوعة من الصرف تُنوّن (عليٌ، محمداً) وتُجر بالكسرة (بمحمدٍ)، أما إذا كانت ممنوعة من الصرف فتُجر بالفتحة (عند إلياسَ، مع عيسىَ، لإبراهيمَ). إذا تأملنا كلمة الله فهي تُجر بالكسرة (باللهِ وعند اللهِ). لكنها لا تُنوّن إطلاقا على غرار الأسماء المُعرّفة بالألف واللام، فأنت لا تقول “البيتٌ” إلا إذا حذفت الألف واللام فتقول “بيتٌ” والذي لا يُنوّن وهو غير ممنوع من الصرف لا يقبل إلا أن يكون إسما معرفا بـالألف واللام مثل “البيت”. يمكن استنتاج أن كلمة “الله” معرفة بـالألف واللام جُعلت علما على اسم الإله الحق تسري عليها أحكام الأسماء المعرفة بـالألف واللام ثم أصبحت اللام لازمة لتدل على أن الإله الحق واحد هو الله الذي يستحق اسم المعبود Ra bracket.png قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ Aya-1.png اللَّهُ الصَّمَدُ Aya-2.png لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ Aya-3.png وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ Aya-4.png La bracket.png (سورة الإخلاص).

ترجمة لفظ الجلالة
لم يتوافق مترجمو القرآن على ترجمة لفظ “الله” إلى الإنجليزية، فمنهم مَنْ ترجمه إلى “God” كما في ترجمة قرآن الدراسة لأنهم رأوا أنّ هذه الترجمة جائزة[16] لمن لا يعلم العربية، ولأنّها أقرب إلى أن يفهما الإنجليزي الذي لا يفقه لفظ الجلالة[17]، ومن المترجمين مَنْ اجتنب “God” وكتب “Allah” كما في ترجمة محمد مارمادوك بكتال لأنهم رأوا[18] أنّ لفظ “God” لا يثير في ذهن القارئ الإنجليزي ما يثيره لفظ الجلالة الذي لا يطابق “God” كلَّ المطابقة لعدة أسباب، منها:

لفظ “God” مفرد، يُثنّى و يُجمع إذا إضيف له “S”، ولفظ الجلالة واحد ليس له مثنى ولا جمع، فالله واحد لا شريك له، فيجب اجتناب اللبس.
وهو لفظ له صيغة مؤنث فيقال Goddes ، ولفظ الجلالة ليس له مؤنث.
وهو لفظ يُمزج به ألفاظ أخرى كقولهم “Godmother”.
خواص اسم الله
من خواص اسم الله أن كل اسم من أسماء الله الحسنى يُضاف إليه فلا يصح أن يُقال من أسماء الجبار الله أو من أسماء الرحيم الله بل يقال من أسماء الله الرحيم العزيز الجبار وهكذا. فاسم الله هو الاسم الأول الأصل وغيره من الأسماء الحُسنى تُضاف إليه وتُنسب إليه.
من خواص اسم الجلالة (الله) التي يتميز بها عن بقية الأسماء في النداء والدعاء، حيث أننا إذا أردنا أن ندعو باسم الرحمن أو الرحيم أو السميع يجب أن نحذف الألف واللام فنقول يارحمن يارحيم ياسميع ولا يصح أبدا في اللغة أن نقول يا الرحمن ويا الرحيم ويا السميع ويٌنكر ذلك قواعد اللغة حيث يجب حذف الألف واللام عند وجود النداء إلا في لفظ الجلالة (الله) فنقول يا الله فتبقى الألف واللام لأنها من أصل الاسم كما ورد سابقاً حيث أن كلمة الله هي عَلَم.
من خواص اسم الجلالة (الله) أنه لا يُذكر منفرداً بل يُذكر في جملة تامّة المعنى. كما أن أعظم جملة ذُكر فيها اسم الله هي ” لا إله إلا الله “.
من خواص اسم الجلالة (الله) تغير القلوب عند سماعها بحسب حال الأشخاص وأحوالهم مع ربهم وخالقهم وبيّن الله هذا في كتابه الكريم حيث قال الله تعالى : Ra bracket.png وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ Aya-45.png La bracket.png[19] (سورة الزمر، الآية 45). وقال الله: Ra bracket.png اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ Aya-23.png La bracket.png[20] (سورة الزمر، الآية 23)
الإيمان بالله في الإسلام

لفظ الجلاله الله منحوت على الحجر في باكستان.
معرفة الله هي أصل الدين وركن التوحيد وأول الواجبات الشرعية في الإسلام فمن لم يؤمن بالله ليس في ملة الإسلام مطلقا.

الحب في الله والبغض في الله
«لا يَحِقُّ العَبدُ حَقَّ صَريحِ الإِيمانِ حَتّى يُحِبَّ ِللهِ تَعالى ويُبغِضَ ِللهِ ، فَإِذا أحَبَّ ِللهِ تَبارَكَ وتَعالى وأبغَضَ ِللهِ تَبارَكَ وتَعالى فَقَدِ استَحَقَّ الوَلاءَ مِنَ اللهِ» – حديث نبوي[21]
العلماء بالله عند المسلمين
عالم بالله ليس عالماً بأمر الله : هو العالم بالله نفسه وبصفات الله وأسماء الله الحسنى ويوصف هذا العلم بـعلم الايمان لأن من يتعلمه يكون أكثر خشية لله فإذا علم العالم أن الله قدير خاف من قدرة الله.
عالم بأمر الله ليس عالماً بالله : هو العالم بالأحكام الشرعية والحلال والحرام والفقه في الدين وقليل المعرفة بأسماء الله وصفاته.
عالم بالله وعالم بأمر الله : هو العالم بالله وأسمائه وصفاته والعالم بأحكام الشريعة والفقه والحلال والحرام.
مراجع
” تفسير التسبيح ” (ص/498-500)
معنى كلمة (تعالى) – إسلام ويب نسخة محفوظة 13 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
“إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحد، من أحصاها دخل الجنة”. صحيح مسلم، رقم 2677.
الصفات الإلهية بقلم السيد خليل الطبطبائي نسخة محفوظة 19 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
أين الله؟ ، إسلام ويب نسخة محفوظة 26 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
القرآن الكريم، سورة الإخلاص.
القرآن الكريم، سورة البقرة، الآية 255.
القرآن الكريم، سورة النور، الآية 35.
القرآن الكريم، سورة الحشر.
ابن قيم الجوزية، الصواعق المرسلة، الجزء الثالث، صفحة 1114.
إسماعيل بن عمر بن كثير، كتاب البداية والنهاية/الجزء الأول
أحمد ابن تيمية، مجموع الفتاوى/المجلد الخامس
ابن قيم الجوزية، مفتاح دار السعادة.
تفسير ابن عاشور , سورة مريم الآية 65 وتفسير البغوي , سورة مريم الآية 65
القرآن الكريم، سورة مريم، الآية 65.
فتاوى اللجنة الدائمة
‫هل تصح ترجمة لفظ الجلالة الله بكلمة God د ذاكر YouTube‬‎ – YouTube
محمود السعدان،علم اللغة،ص270
القرآن الكريم، سورة الزمر، الآية 45.
القرآن الكريم، سورة الزمر، الآية 23.
رواه أحمد بن حنبل في مسنده.

 

نقش يحمل جملة (الله كافٍ) باللغة العربية
الله هو اسم علم مفرد لا جمع له في اللغة العربية يدل على “المعبود” “الخالق” في الديانات التوحيدية الربوبية (والنظم العقائدية الأخرى). غالباً ما يوصف “الله” على أنه الخالق الكلي القدرة والمتحكم والمشرف على الكون، وهو ذو غيب منيع لا يدرك. وأرجع علماء الدين مجموعة متنوعة من السمات لمفاهيم مختلفة عن الله. الأكثر شيوعاً بينها هي المعرفة (العالِم بكل شيء)، والقدرة (القادر على كل شيء)، وفي بعض الديانات باللا محدودية (حاضر في كل مكان)، وفي ديانات أخرى التنزيه عن المكان، والكمال (الكمال لله)، وأزلية الوجود الأبدية الدائمة اللامنتهية.

كما يوصف الله عند البعض بأنه فرد لا يماثله شيء، ومصدر كل التزام أخلاقي، وأعظم مما يمكن تصوره. وهذه الصفات مدعومة بشكل عام وبدرجات متفاوتة من قبل الفلاسفة وعلماء الدين اليهود والمسيحيين وبعض المسلمين، بما في ذلك موسى بن ميمون[1] وأغسطينوس[1] والغزالي.[2] ويؤمن المسلمون بأن الله هو واجد الوجود أي الخالق وليس بمخلوق، وهو محدِث وليس بحادث، كما ورد في القرآن (ليس كمثله شيء) أي أن الله ليس له ند،[3] وليس هناك من يشابهه ولا يماثله.

وضع فلاسفة بارزون في القرون الوسطى ثم العصور الحديثة العديد من الحجج لوجود الله. ومن ناحية أخرى أقام فلاسفة آخرون حججا تنكر وجوده.

محتويات
1 أصل الكلمة
2 أسماء الله في الديانات الإبراهيمية
2.1 اليهودية
2.2 المندائية
2.3 المسيحية
2.4 الإسلام
3 أسماء الله في الديانات الأخرى
3.1 الزرادشتية
3.2 الإلهية
4 مراجع
أصل الكلمة

كلمة «الله» تعلو محراب مدرسة الناصر محمد بن قلاوون[؟] بالقاهرة
جذر الكلمة إيل في الكنعانية أو الاها ܐܰܠܳܗܳܐ بالسريانية وאֱלָהָא بالآرامية. وذكرت بالتوراة بالجمع “ألوهيم”. وكانت أحد أصنام العرب تسمى “اللات” من نفس الجذر. أما لفظ اسم (الله) العربية فقد استعملها العرب قبل الإسلام. وبالعربية دمجت “ال” التعريف مع كلمة “إله” لتدل على الله الإله الأحد.[4] واستعملها اتباع كل الديانات الإبراهيمية العرب مثل المسلمين واليهود الشرقيين ومسيحيي الكنائس الكاثوليكية الشرقية.[5][6][7] وجاء في مختار الصحاح:[8] “الله وأصله “إلاه” على فعال بمعنى مفعول لأنه مألوه أي معبود”.

أسماء الله في الديانات الإبراهيمية
اليهودية
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: الله في اليهودية
استعمل اليهود كلمة “إيل” للدلالة على الله وما زالت مستعملة في الأسماء مثل “إسماعيل” بمعنى (سمع الله)، وإسرائيل بمعنى (مختار الله). كما شاع استعمال تعبير يهوه للإشارة إلى الله القومي للإسرائيليين. وكلمة يهوه في العبرية (יהוה) تعني “يا هُوَ” ويستعملونها بدلا من الاسم الحقيقي الذي، بالنسبة لمعتقداتهم، لا يعلم به أحد. وقد استعمل في التوراة أسماء أخرى للدلالة على الإله الأوحد مثل: “أدوناي” (أي الرب) وكلمة “ها شـِم” השם (أي الاسم) وإيل عليون (أي الإله الأعلى) وإيل شدَأي (أي الله القدير) ورب الصابؤوت (أي رب الجنود) و”كادوش” (أي القدوس). كما استعملت كلمة أيلوهيم (אלוהים وهي جمع “ايلوه”) وهي من نفس جذر الله.

المندائية
يعتقد المندائيون بإله واحد يسمى “هيي قدمايي” (أي الحي الأزلي) وقد خلق الأكوان والكائنات ومنهم “الملكي” (أي الملائكة) والأثيري وهم كائنات نورانيين ليس لهم مقابل في بقية الديانات. والملكي والاثري كائنات خلقت لعبادة وتبجيل “هيي قدمايي” وتنفيذ أوامره في الخلق وتوزيع المهام من الأرزاق والأعمار والأولاد والخير كله، ولا يأمر بشر أبدا ولا ينتقم ولا يقبض، إنما الشر كله من “الروهة” الشريرة. وهو بذلك قريب الشبه بجوبتير عند الإغريق. [بحاجة لمصدر]

المسيحية
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: الله في المسيحية
بحسب قانون الإيمان المسيحي الذي أقره مجمع نيقية، يعرف الله بأنه واحد، وهو كلي القدرة ضابط الكل الذي هو أصل كل شيء، لا بداية له ولا نهاية زمانياً ومكانياً، وهو خالق السماوات والأرض وخالق كل نفس. والله حسب العقيدة المسيحية ظاهر في ثلاثة أقانيم، أو صور، كلها مشتركة في الطبيعة الإلهية الواحدة، موجودة منذ الأزل وإلى الأبد، وتشترك في كل الصفات الإلهية، وهذه الأقانيم تتمثل في “الآب” الذي لم يره أحد قط ولا يستطيع إنسان أن ينظره، و”الكلمة”، وهو الله المتجسد من أجل رسالة الفداء التي يؤمن بها المسيحيون والموجود منذ البدء والذي به خلق كل شيء كما يبدأ نص إنجيل يوحنا، و”روح القدس”، وهو المعزي الذي وعد يسوع أنه سيرسله للمؤمنين به بعد صعوده حسب الإيمان المسيحي، وهو روح الله الذي يسكن في داخل المسيحي المؤمن، مبكتًا إياه على ذنوبه، ومعطيه القوة للتغلب على الطبيعة البشرية المحبة للشهوات الجسدية. يؤمن المسيحيون بالله، لكن نظرتهم له تختلف عن الإسلام إذ يؤمنون أن الله واحد في ثلاثة أقانيم. الثالوث الأقدس هو مصطلح مسيحي يشير للأقانيم الثلاثة: الآب والابن والروح القدس وكلهم عبارة عن ثلاث خواص أساسية (أقانيم) لإله واحد ورب واحد، ويظهر ذلك جلياُ في الكتاب المقدس في سفر التكوين،[9] وأيضًا في إنجيل يوحنا،[10] ورسائل القديسين.[11] ومن صفات الله في المسيحية: محب وحكيم وقدوس وعادل ورحيم ورؤوف والرّب، مع ملاحظة أن الأسماء المستخدمة في الديانة اليهودية لها اعتبار في التقليد المسيحي.

الإسلام

لفظ الجلالة “الله” على نصب تذكاري لشهداء حرب أكتوبر في مدينة دسوق المصرية
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: الله (إسلام)
الله في الإسلام هو الإله الواحد الأحد وهو وصف لغوي للذات الإلهية. وله أسماء تسمى أسماء الله الحسنى وهي أكثر من أن تعد أو تحصى، ومنها تسعة وتسعون اسمًا لم يخصص محمد بن عبد الله، وذكرت متفرقة في القرآن عن طريق الوحي فجميع هذه الأسماء ورد في القرآن وإن ذكرت في والسنة النبوية، وإنما وردت على سبيل التأكيد لما ذكرت في الكتاب. ومعنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحق سوى الله. ومن أسمائه: الكريم، الحكيم، اللطيف، الخبير، العدل[؟]، الحليم، الرحمن، الرحيم، الرؤوف، الملك، السلام، المهيمن، الودود، وهو غني.

الله: اسم مشتق من أله يأله إلهة, فأصل الاسم الإله فحذفت الهمزة وأدغمت اللام الأولى في الثانية وجوبا فقيل: الله, ومن أقوى الأدلة عليه قوله تعالى: وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ [الأنعام: 3] مع قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ [الزخرف: 84] ومعناه: ذو الألوهية التي لا تنبغي إلا له, ومعنى أله يأله إلهة عبد يعبد عبادة، فالله المألوه أي المعبود ولهذا الاسم خصائص لا يحصيها إلا الله عز وجل, وقيل إنه هو الاسم الأعظم.

ولفظ “الله” هو عَلَمٌ على الذات الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد، وهو الإله الحق لجميع المخلوقات ولا معبود بحق إلا هو. ويؤمن المسلمون بأن الله واحد، أحد، فرد، صمد، ليس له مثيل ولا نظير ولا شبيه ولا صاحبة ولا ولد ولا والد ولا وزير له ولا مشير له، ولا عديد ولا نديد ولا قسيم. وهو الإله الحق وكل ما يُدعى من دونه فهو باطل. فالمسلمون لا يعبدون إلا الله، وتوحيد الله بالعبادة هي جوهر العقيدة في الدين الإسلامي.

فالله هو خالق السماوات والأرض وهو الخالق المحيي والمميت، حي لا يموت، فهو كما أخبر عن نفسه في القرآن: Ra bracket.png قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ Aya-1.png اللَّهُ الصَّمَدُ Aya-2.png لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ Aya-3.png وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ Aya-4.png La bracket.png[12] (سورة الإخلاص).

ولله في الإسلام أسماء حسنى وهي أسماء مدح وحمد وثناء وتمجيد لله وصفات كمال لله ونعوت جلال لله، وأفعال حكمة ورحمة ومصلحة وعدل من الله،[13] يُدعى الله بها، وتقتضي المدح والثناء بنفسها،[14] سمى الله بها نفسه في كتبه أو على لسان أحد من رسله أو استأثر الله بها في علم الغيب عنده،[15], لا يشبهه ولا يماثله فيها أحد.[16] وهي حسنى يراد منها قصر كمال الحسن في أسماء الله،[17] لا يعلمها كاملةً وافيةً إلا الله.

وهي أصل من أصول التوحيد[؟] في العقيدة الإسلامية لذلك فهي رُوح الإيمان ورَوْحه، وأصله وغايته، فكلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته، ازداد إيمانه وقوي يقينه.[18] والعلم بالله، وأسمائه، وصفاته أشرف العلوم عند المسلمين، وأجلها على الإطلاق لأنّ شرف العلم بشرف المعلوم، والمعلوم في هذا العلم هو الله.[19]

وقد ورد في القرآن: Ra bracket.png اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى Aya-8.png La bracket.png[20] (سورة طه، الآية 8) وحث عليها النبي محمد فقال: ” إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائةً إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة “.[21]
في الإسلام هو عَلم على الذات الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد، وهو اسم الذَّات العليَّة، خالق الأكوان والوجود، وهو الإله الحق لجميع المخلوقات ولا معبود بحق إلا هو. ويؤمن المسلمون بأن الله واحد، أحد، صمد، ليس له مثيل ولا نظير ولا شبيه ولا صاحبة ولا ولد ولا والد ولا وزير له ولا مشير له، ولا عديد ولا نديد ولا قسيم.

يُلحق المُسلمون بشكلٍ دائم عبارة «عَزَّ وجَلّ» بعد ذِكر اسم الله لِما له من العزة والجلال والعظمة، فله العزة الكاملة والجلال المُطلق والعظَمة الخالية من النقص، ويُلحق المُسلمون كذلك عبارة «سُبحانه وتعالى» بعد ذِكر اسم الله أيضاً لكونه مُنزّه عن العيب والنقص، والأوهام الفاسدة، والظنون الكاذبة، وتنزيهه عن كل سوء،[1] والمُتعالي بنفسه عن الخَلْق فرفع وارتفع.[2] وكذلك تُلحق عبارة «جل جلاله» والتي تعني تجلّت عظمته وكبريائه وملكوته عن كُل شيء.

توحيد الله بالعبادة هو جوهر العقيدة في الدين الإسلامي. ولله أسماء عدّة تُدعى أسماء الله الحسنى، حيث يؤمن المسلمون أن من يُحصي 99 منها يدخل الجنة[3]. روى البخاري (2736) ومسلم (2677) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ» .

محتويات
1 تعريفه وصفاته عند المسلمين
1.1 وصف الله في القرآن ووصف قدراته وأسمائه وبديع صنعه
1.2 مأثورات في صفاته
2 لفظ (الله) في اللغة العربية
3 ترجمة لفظ الجلالة
4 خواص اسم الله
5 الإيمان بالله في الإسلام
5.1 الحب في الله والبغض في الله
5.2 العلماء بالله عند المسلمين
6 مراجع
6.1 مصادر إضافية
7 وصلات خارجية
تعريفه وصفاته عند المسلمين
IslamSymbolAllahComp.PNG
جُزءٌ من سلسلة حول
الله
مفاهيم عامَّة˂
مفاهيم محدّدة˂
في دياناتٍ مُعيَّنة˂
صفات˂
التعابيرالممارسات
˂
مواضيع مرتبطة˂
عنت
يُؤمن المُسلمون بأن الله هو خالق الحياة والكون والمخلوقات وكُل ما هو موجود، ومُدبر جميع الأمور ومُقدر كُل ما يسري ويجري بقدرِه، وله جميع صفات الكمال المُطلق المُنزه عن النقصان فليس كمثله شيء، فلا تُشبّه صفاته بصفات المخلوقات، فهو أول بلا ابتداء ودائم بلا انتهاء، لا يفنى ولا يبيد، ولا يكون إلا ما يُريد، لا تبلغه الأوهام ولا تُدركه الأفهام وهو حيٌ قيّوم لا ينام ولا يغفل عن نظره شيء. فهو موجود لا مادي ولا تنطبق عليّه قوانين المادة، ولا يحتاج لزمان ومكان لوجوده، ولا تتغير صفته ولا تنقسم ولا تتجزئ ولا تزيد ولا تنقص.[4] فهو الذي يُنّعم ويُعذّب ويُسعد ويشقي، وكُل المخلوقات تُرد إليه وتقف بيّن يديه وتُحشر له، وهو صاحب الحساب وهو الحكم الفصّل فلا جنةّ َإلا برحمته ولا عذاب إلا بعدله.

يؤمن المسلمون أن الله مستوٍ على عرشه فوق السماوات فلا شيء يعلوه وهو فوق كُل شيء وتحته كُل شيء.[5] فهو الغنيّ بذاته عن جميع المخلوقات، فلم يسبق وجوده وجود، والمخلوقات كُلها بقبضته لا تنفك عن محض علمه وتقديره وتدبيره، يُميت ويُحييّ ويمنع ويعطي، يعلم الغيّب الكبير المُتعال، فيعلم مثاقيل الجبال وعدد حبات الرمال، ومكاييل البحار، وعدد قطر الأمطار، وما تساقط من ورق الأشجار، يعلم ما كان وما يكون وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، فهو سبب وجود كُل عدم وسبب عدم كُلِ ما كان موجود، الغنى والفقر، والشفاء والمرض، والنجاة والهلاك، والحياة والممات والبلاء والنِعم كُلها بأمره، فلا نافع ولا ضار سواه، ولا مانع ولا مُعطى إلا هو، له الاسم الأعظم الذي تُكشف به الكُربات وتستنزل به البركات وتُجاب به الدعوات.

كما يؤمن المسلمون بأن الله حيٌ لا يموت، فلم يسبق وجوده عدم ولا يلحق بقاءه فناء، وله وحده البقاء والدوام، فلا أول قبلَه ولا آخر بعده، وهو الظاهر الذي لا شيء فوقه والباطن الذي لا شيء دونه، الباقي في أزل الأزل إلى أبد الأبد، وكل شيء فانٍ ومُنتهٍ ومآله إلى العدم إلا ذاته. تفرّد بالأَحَدِيّة بلا انتهاء، وتسربل بالصمديّة بلا فناء، مُتصف بالجود والكرم قبل وجود الوجود، مُنزه في وحدانيّته عن الآباء والأبناء والجدود والأحفاد، مُقدَّس في ذاته عن الصاحبة والمصحوب والوالد والمولود.

وهو الذات الذي اصطَفَى مِن عبادِهِ ليُتمم رسالة توحيده وعبادته، فهو الوحيد المُستحق للعبادة والذلة والخضوع والانفراد بالكمال والتنزيه عن كًل لَغْطٍ وسوء، فلا شريك له في العبادة والمُلك، فله النفس وإليه المرجع والمآب والمآل والمُنتهى والمُشتكى والتحاكم والتخاصم، فهو الذي لا غنى لشيءٍ عنه، ولا بُد لكل شيءٍ منه، وهو الذي رِزْقُ كُل شيء عليه، ومصير كُل شيءٍ إليه، وملُكيّة كل شيء له، وحُبِ كُل شيءٍ فيه.

يُقر المسلمون بإن لله صفاتاً قد وصفها نفسه ولا تتشابه ولا تُقارن بتلك الصفات الموجودة في الخلائق، ومثال ذلك الرحمة والعدل والعظمة، فهو الرحيم التي تتسع رحمته السماوات والأرض وما بينهما، وهو أرحم بالعباد من الأم بولدها، فيغفر الزلات ويعفو عن الخطيئات ويمحو السيئات ولا يملُ من تكرار التوبة ويغفر ذنوباً كالجبال ولا يُبالي. وهو شديد العقاب لا يظلم ولا يأكل حق مخلوقٍ ولا كائن، فُكل حقوق العباد تُرفع إليه ولا تُرد إلا به، وهو العظيم الذي ليس كعظمته شيء، فلا تُدرك عظمته العقول والأبصار، وهو العدل الذي حرّم الظلم على نفسه وعباده، فلا يُعذب أحداً إلا بذنب ولا ينقص أحدا من حسناته ولا يعطي أحداً من سيئات غيره ولا يكلف نفساً إلا ما تقدر عليه ولا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه.

لا يفوت على بصره وسمعه وعِلمه شيء، فيسمع دبيب النمل ويسمع السر كما يسمع الجهر، ويعلم الخافي كما يعلم الظاهر. ويبصر حركات المخلوقات في البر والبحر وتحت ظلام الليالي السود، لا تدركه الأبصار ولا الأسماع وهو الواحد المعبود. وهو العليم بكل شيء، بما كان وبما يكون وبما لم يكن، يعلم السر وأخفى، لا يشغله شيء عن شيء، ولا صوت عن صوت، ولا خلق عن خلق، السر والعلن عنده سواء. والله جميل الذات، وجميل الصفات، وجميل الأفعال، وجميل الأسماء. وله نورٌ لو رُفع عنه الحجاب لأحرقت سَبَحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه، ولنور وجهه اشرقت الظلمات.

كما يرى المسلمون -باستثناء بعض الطوائف منهم- بأن رؤية الله لا تكون إلا في الجنة، وهي أعظم نعمةٍ ينعم بها الإنسان على الإطلاق، وهو أفضل النعيم وأجلّ التكريم. وثُبت في السنة النبوية بأن الله يضحك ولكن ليس كضحك المخلوق، ويغضب ولكن ليس كغضب المخلوق، ويفرح في توبة المؤمن ولكن ليس كفرح المخلوق، وله من الصفات الفعليّة التي هيّ ليست كصفات البشر والمخلوقات.

وصف الله في القرآن ووصف قدراته وأسمائه وبديع صنعه
ورد ذكر لفظ (الله) في القرآن 2724 مرة منها:

Ra bracket.png قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ Aya-1.png اللَّهُ الصَّمَدُ Aya-2.png لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ Aya-3.png وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ Aya-4.png La bracket.png.[6] (سورة الإخلاص).
Ra bracket.png اللَّهُ لاَ إِلَٰهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ Aya-255.png La bracket.png[7] (سورة البقرة، الآية 255).
Ra bracket.png اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لّا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ Aya-35.png La bracket.png[8] (سورة النور، الآية 35).
Ra bracket.png هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ Aya-22.png هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ Aya-23.png هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ Aya-24.png La bracket.png.[9] (سورة الحشر).
مأثورات في صفاته

لفظ الجلاله الله مكتوبة على جدار الجامع القديم[؟] في أدرنة، تركيا
« هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الملك[؟] القدوس السلام[؟] المؤمن[؟] المهيمن العزيز[؟] الجبار[؟] المتكبر[؟] الذي خلق[؟] السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه حي له الحياة قدير له صفة القدرة مريد له صفة الإرادة كلم موسى تكليما وتجلى للجبل فجعله دكا هشيما فوق سماواته مستو على عرشه بائن من خلقه يرى من فوق سبع سماوات ويسمع ضجيج الأصوات باختلاف اللغات على تفنن الحاجات ويرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في غياهب الظلمات لا تتحرك ذرة إلا بإذنه ولا تسقط ورقة إلا بعلمه ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض والسماوات ترفع إليه الحاجات وتصعد إليه الكلمات الطيبات وينزل من عنده الأمر بتدبير المخلوقات له القوة كلها والعز كله والجمال كله والعلم كله والكمال كله وهو الحي القيوم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم موصوف بكل جمال منزه عن كل نقص وعيب لا تضرب له الأمثال ولا يشبه بالمخلوقات فعال لما يريد لوجهه سبحات الجلال وهو الجميل الذي له كل الجمال إحدى يديه للجود والفضل والأخرى للقسط والعدل يقبض سماواته السبع بإحدى يديه والأرضين السبع باليد الأخرى ثم يهزهن ثم يقول أنا الملك[؟] لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه قريب مجيد رحيم ودود لطيف خبير » – [10]

“الله” في اللغات الآسيوية المختلفة.
«الحمد لله الأول الآخر[؟]، الباطن[؟] الظاهر[؟]، الذي هو بكل شيء عليم، الأول فليس قبله شيء، الآخر[؟] فليس بعده شيء، الظاهر[؟] فليس فوقه شيء، الباطن[؟] فليس دونه شيء، الأزلي القديم الذي لم يزل موجودًا بصفات الكمال، ولا يزال دائمًا مستمرًا باقيًا سرمديًا بلا انقضاء ولا انفصال ولا زوال. يعلم دبيب النملة السوداء، على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء، وعدد الرمال. وهو العلي الكبير[؟] المتعال، العلي العظيم[؟] الذي خلق[؟] كل شيء فقدره تقديرًا.» – [11]
«استواء يليق بجلال الله ويختص به فلا يلزمه شيء من اللوازم الباطلة التي يجب نفيها كما يلزم من سائر الأجسام.» – [12]
«هو الله الذي لا إله إلا هو رب العالمين وقيُّوم السماوات والأرضين الملك[؟] الحق[؟] المبين الموصوف بالكمال كله المنزّه عن كل عيب ونقص وعن كل تمثيل وتشبيه في كماله » – [13]
لفظ (الله) في اللغة العربية
الله: اسم الجلاله كما في الديفيهي.

غالبا ما تورد عبارة “لفظة الجلالة” في الأدبيات العربية عند ذكر كلمة “الله” كلفظة لغوية أو نحوية للتفريق بينها وبين غيرها من الكلمات. ولم يَرد ما يُفيد أن أحدا أطلق هذا الاسم على نفسه سواء قبل الإسلام أو بعده، بالرغم من وجود من ادّعوا الإلوهية إلا أنهم لم يسمّوا أنفسهم بهذا الاسم [14]. جاء في القرآن Ra bracket.png رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا Aya-65.png La bracket.png[15] (سورة مريم، الآية 65).
وهذا من بيان قدرة الله على خلقه حيث لم يصرف قلب أو عقل أحد من مخلوقاته إلى أن يُسمَّي أو يتسمى باسمه العظيم.

الله هو لفظ الجلالة الأعظم . وأهل اللغة يقولون هو من ألِه أي عَبَد. وفي اللغة الإله هو المعبود ، من العبادة. فهي في الأصل مشتقة من كلمة “الإله” أي المعبود فحُذفت الهمزة التي في وسط الكلمة فصار عندنا “الـله” . والذي يرجح ذلك هو استعمالات كلمة “الله”. حيث أن استعمالاتها تدل على أنها من الأعلام غير الممنوعة من الصرف والتي لا تقبل التنوين وهذه من خصائص الأسماء التي تعرف بالألف واللام. فالأسماء إذا لم تكن ممنوعة من الصرف تُنوّن (عليٌ، محمداً) وتُجر بالكسرة (بمحمدٍ)، أما إذا كانت ممنوعة من الصرف فتُجر بالفتحة (عند إلياسَ، مع عيسىَ، لإبراهيمَ). إذا تأملنا كلمة الله فهي تُجر بالكسرة (باللهِ وعند اللهِ). لكنها لا تُنوّن إطلاقا على غرار الأسماء المُعرّفة بالألف واللام، فأنت لا تقول “البيتٌ” إلا إذا حذفت الألف واللام فتقول “بيتٌ” والذي لا يُنوّن وهو غير ممنوع من الصرف لا يقبل إلا أن يكون إسما معرفا بـالألف واللام مثل “البيت”. يمكن استنتاج أن كلمة “الله” معرفة بـالألف واللام جُعلت علما على اسم الإله الحق تسري عليها أحكام الأسماء المعرفة بـالألف واللام ثم أصبحت اللام لازمة لتدل على أن الإله الحق واحد هو الله الذي يستحق اسم المعبود Ra bracket.png قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ Aya-1.png اللَّهُ الصَّمَدُ Aya-2.png لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ Aya-3.png وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ Aya-4.png La bracket.png (سورة الإخلاص).

ترجمة لفظ الجلالة
لم يتوافق مترجمو القرآن على ترجمة لفظ “الله” إلى الإنجليزية، فمنهم مَنْ ترجمه إلى “God” كما في ترجمة قرآن الدراسة لأنهم رأوا أنّ هذه الترجمة جائزة[16] لمن لا يعلم العربية، ولأنّها أقرب إلى أن يفهما الإنجليزي الذي لا يفقه لفظ الجلالة[17]، ومن المترجمين مَنْ اجتنب “God” وكتب “Allah” كما في ترجمة محمد مارمادوك بكتال لأنهم رأوا[18] أنّ لفظ “God” لا يثير في ذهن القارئ الإنجليزي ما يثيره لفظ الجلالة الذي لا يطابق “God” كلَّ المطابقة لعدة أسباب، منها:

لفظ “God” مفرد، يُثنّى و يُجمع إذا إضيف له “S”، ولفظ الجلالة واحد ليس له مثنى ولا جمع، فالله واحد لا شريك له، فيجب اجتناب اللبس.
وهو لفظ له صيغة مؤنث فيقال Goddes ، ولفظ الجلالة ليس له مؤنث.
وهو لفظ يُمزج به ألفاظ أخرى كقولهم “Godmother”.
خواص اسم الله
من خواص اسم الله أن كل اسم من أسماء الله الحسنى يُضاف إليه فلا يصح أن يُقال من أسماء الجبار الله أو من أسماء الرحيم الله بل يقال من أسماء الله الرحيم العزيز الجبار وهكذا. فاسم الله هو الاسم الأول الأصل وغيره من الأسماء الحُسنى تُضاف إليه وتُنسب إليه.
من خواص اسم الجلالة (الله) التي يتميز بها عن بقية الأسماء في النداء والدعاء، حيث أننا إذا أردنا أن ندعو باسم الرحمن أو الرحيم أو السميع يجب أن نحذف الألف واللام فنقول يارحمن يارحيم ياسميع ولا يصح أبدا في اللغة أن نقول يا الرحمن ويا الرحيم ويا السميع ويٌنكر ذلك قواعد اللغة حيث يجب حذف الألف واللام عند وجود النداء إلا في لفظ الجلالة (الله) فنقول يا الله فتبقى الألف واللام لأنها من أصل الاسم كما ورد سابقاً حيث أن كلمة الله هي عَلَم.
من خواص اسم الجلالة (الله) أنه لا يُذكر منفرداً بل يُذكر في جملة تامّة المعنى. كما أن أعظم جملة ذُكر فيها اسم الله هي ” لا إله إلا الله “.
من خواص اسم الجلالة (الله) تغير القلوب عند سماعها بحسب حال الأشخاص وأحوالهم مع ربهم وخالقهم وبيّن الله هذا في كتابه الكريم حيث قال الله تعالى : Ra bracket.png وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ Aya-45.png La bracket.png[19] (سورة الزمر، الآية 45). وقال الله: Ra bracket.png اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ Aya-23.png La bracket.png[20] (سورة الزمر، الآية 23)
الإيمان بالله في الإسلام

لفظ الجلاله الله منحوت على الحجر في باكستان.
معرفة الله هي أصل الدين وركن التوحيد وأول الواجبات الشرعية في الإسلام فمن لم يؤمن بالله ليس في ملة الإسلام مطلقا.

الحب في الله والبغض في الله
«لا يَحِقُّ العَبدُ حَقَّ صَريحِ الإِيمانِ حَتّى يُحِبَّ ِللهِ تَعالى ويُبغِضَ ِللهِ ، فَإِذا أحَبَّ ِللهِ تَبارَكَ وتَعالى وأبغَضَ ِللهِ تَبارَكَ وتَعالى فَقَدِ استَحَقَّ الوَلاءَ مِنَ اللهِ» – حديث نبوي[21]
العلماء بالله عند المسلمين
عالم بالله ليس عالماً بأمر الله : هو العالم بالله نفسه وبصفات الله وأسماء الله الحسنى ويوصف هذا العلم بـعلم الايمان لأن من يتعلمه يكون أكثر خشية لله فإذا علم العالم أن الله قدير خاف من قدرة الله.
عالم بأمر الله ليس عالماً بالله : هو العالم بالأحكام الشرعية والحلال والحرام والفقه في الدين وقليل المعرفة بأسماء الله وصفاته.
عالم بالله وعالم بأمر الله : هو العالم بالله وأسمائه وصفاته والعالم بأحكام الشريعة والفقه والحلال والحرام.
مراجع
” تفسير التسبيح ” (ص/498-500)
معنى كلمة (تعالى) – إسلام ويب نسخة محفوظة 13 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
“إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحد، من أحصاها دخل الجنة”. صحيح مسلم، رقم 2677.
الصفات الإلهية بقلم السيد خليل الطبطبائي نسخة محفوظة 19 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
أين الله؟ ، إسلام ويب نسخة محفوظة 26 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
القرآن الكريم، سورة الإخلاص.
القرآن الكريم، سورة البقرة، الآية 255.
القرآن الكريم، سورة النور، الآية 35.
القرآن الكريم، سورة الحشر.
ابن قيم الجوزية، الصواعق المرسلة، الجزء الثالث، صفحة 1114.
إسماعيل بن عمر بن كثير، كتاب البداية والنهاية/الجزء الأول
أحمد ابن تيمية، مجموع الفتاوى/المجلد الخامس
ابن قيم الجوزية، مفتاح دار السعادة.
تفسير ابن عاشور , سورة مريم الآية 65 وتفسير البغوي , سورة مريم الآية 65
القرآن الكريم، سورة مريم، الآية 65.
فتاوى اللجنة الدائمة
‫هل تصح ترجمة لفظ الجلالة الله بكلمة God د ذاكر YouTube‬‎ – YouTube
محمود السعدان،علم اللغة،ص270
القرآن الكريم، سورة الزمر، الآية 45.
القرآن الكريم، سورة الزمر، الآية 23.
رواه أحمد بن حنبل في مسنده.

 

Leave A Comment