
اهمية راحة النفسية !!
نورانية لانهائية تلكم التي يترك آثارها القرآن في القلوب ، يوقظ المشاهدة فتضىء بنور الحق ، وتستمد نورها من العقيدة الصافية النظيفة في توحيد الله سبحانه .
وفي حين تسيطر الامراض النفسية , وأكثرها أمراض الحزن والكآبة الناتج عن كثرة الهموم والأحزان , فتثقل النفس , وتوهن الفؤاد وتقعد الجوارح , حتى يصير المرء عاجزا كسلانا , مهموما , محزونا , لا يقدم شيئا إيجابيا لنفسه ولا لأسرته ولا لأمته ، فإن القرآن يقدم له الدواء ..
وكان قد رسول الله صلى الله عليه وسلم غالبا يستعيذ من تلك الأمراض , كما أخرج البخاري عن أنس رضي الله سبحانه وتعالى عنه أفاد النبي صلى الله عليه وسلم : ” اللهم اني اعوذ بك من الهم والحزن و و اعوذ بك من العجز والكسل , واعوذ بك من الجبن والبخل , واعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال ”
لقد علمنا الله سبحانه أن المستمسك بآياته , الموقن بها , المحب لها , الواثق في موعودها , سيعبر لحظات التدهور ولا يوجد شك ، وسيكسر أوجاع الهم .
ويعتمد الدواء القرآني ابتداء على تثبيت معاني الإيمان بتوحيد الله سبحانه ، وتنقية العقيدة ، ويدعو المؤمن به للإخلاص والصدق في أخذها
وإضافة إلى يدعوه للإيمان باليوم الآخر ، ويكرر عليه مشاهده ليعيشها المؤمن رأي العين ، فتخبت ذاته ويخشع قلبه ويعمل لما عقب الوفاة .
ثم هو يبث الطمأنينة في الفؤاد تارة بروعة المفردات وأثر الآيات نفسها وبركتها وفضلها ، وتارة بالتصريح بكونها تطمئن الفؤاد ، ” ألا بذكر الله تطمئن القلوب ” كتأكيد وبيان ان أوضح الله تسكن معه القلوب , فتطمئن لموعود ربها , فتأمن من الرهاب ومن الفزع .
والآيات تذكره بالأمان في معية الله ، فلا رهاب سوى من الله , ولا رهبة سوى من عذابه , فتستقر الطمأنينة فيه ، إذ لا بخصوص ولا قوة سوى بالله ، فينجلي كل رهاب , ويذهب كل تضاؤل , فتجد الفؤاد مطمئنا ليومه , راضيا بأمسه , مستبشرا بغده , إذ اليوم متوكل على الله , وأمس راض بمقدار الله فيه , وغدا مستبشر باليسر في أعقاب العسر .
ولئن كانت الطمأنينة تخص ذات الفؤاد , فالسكينة تخص النكبات المارة على النفس , فيؤكد القرآن انه ” قل لن يصيبنا سوى ما كتب الله لنا ” ، ويقول صلى الله عليه وسلم : ” ما من عبد تصيبه محنة فيقول :قدر الله وما شاء تصرف اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها , سوى أجره الله فيها وأخلفه خيرا منها ” مسلم
وفي كتاب الله تثبيت في النكبات والمصائب بالإنابة إلى الله والعودة إليه سبحانه , أفاد سبحانه ” وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم محنة أفادوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ”
ثم هناك نوع آخر من المشاعر والمفاهيم يبثها القرآن الكريم في المؤمنين ، ذاك مفهوم الثقة في الله ، يقوى به الفؤاد ويثبت به النفس , فتري الفؤاد تزداد بشكل مضاعف قوته , وترى النفس قادرة على خوض غمار المصاعب .
يقول شيخ الإسلام بن تيمية : لا بشأن ولا قوة سوى بالله لها أثر عجيب في تقوية الفؤاد والجسم , والله سبحانه وتعالى في كتابه يقول ” الذين صرح لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء ” , وقد أمر سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم أن يثق في موعود الله عز وجل ويوقن بهذا وأن هذا كافيه وحسبه هذا , فقال ” يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ”
والآيات في مختلف هذا تدعو إلى الأخذ بالاسباب ، فراحة البال ينبغي أن تبنى على عمل ” وتلكم الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ” , لا على تواكل أو على قعود , أو انطواء , لكنها مبنية بالأساس على الثقة بالله كما اسلفنا وأيضاً عقب الأخذ بالأسباب التي أمر الله بها .
أفاد سبحانه في كتابه حاكيا عن ذي القرنين ” ثم اتبع سببا ” , وصرح” واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيول ” , وصرح في موقف مريم الضعيفة في حين هي تضع وليدها : ” وهزي إليك بجذع النخلة ” , وصرح في شأن موسى عليه السلام وهو بصدد معجزة ليس لها مثيل في السابق : ” فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشره عينا ” .
ولكن الله عز وجل يعلمنا أيضاً أنه ليس تجهيز الشدة ولا رباط الخيول ولا هز جذوع النخل ولا ضرب الحجارة بالعصا , وليس إلا هذا وحده كاف للمؤمنين , بل كلها عوامل تتطلب إلى قوة الكبير القادر سبحانه .
فيعلمنا ان الله إذا معرفة من عبده صدق اللجوء اليه واتخاذ العوامل مع توكله التام عليه وبذل جهده القادر عليه وصبره ويقينه , أنه لاشك ناصره , ولذلك بشر الصالحين بأعظم بشرى فقال سبحانه : ” إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ”
وآيات القرآن الكريم تعالج هموم النفوس بأسلوب مدهشة , بواسطة تذكير المؤمن بسمو مقصده ونبل قضيته , فكلما شعر المؤمن بعظمة ما هو بصدده , متى ما هانت عليه الاحزان وصغرت في مواجهته العوائق .
وانظر إلى القرآن الكريم وهو يضرب لنا هذا المثل في مؤمن سورة يس إذ دافع عن كلمة الحق ولم يبال بالأذي لأنه ينظر إلى نيافة قضيته وعلو غايته ، قوله تعالى : ” وأتى من أقصى المدينة رجل يعمل على أفاد ياقوم اتبعوا المرسلين ، اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون ، وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون ، أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون ، إني إذا لفي ضلال موضح ، إني آمنت بربكم فاسمعون ، قيل ادخل الجنة أفاد ياليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين” سورة يس
إن نبل مقصده أنساه البغضاء وأنساه الثأر حتى إنه لما رأى موعود ربه أحب لو أن الذين آذوه قد رأوا الحق وفهموا الصواب وتبينوا صدق المسيرة .
إنها طرائق علاجية قد بثت في كتاب الله الكبير وهي غيض من فيض , ونقطة في بحر شفاء من القرآن الكريم للنفوس والقلوب
صفحة المنزل
منزل الكاتب العربى
المكتبة
نادى القراء
ورشة فن الكتابة
ركن الأدب
نصوص
من الأنباء
ركن المحادثات
فاعليات بارزة
رأى وكتاب
سجل الزائرين
فهرس للصفحات العربية
اتصل بنا
منتدى الكتاب العربى
فى أجهزة الإعلام
بحث
بقلم ناهـد الخراشي
مؤلفة اسلامية
أفاد الله سبحانه وتعالى: ” (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون). (الأنعام: 82)
الحياة كنوز ونفائس
أعظمها الإيمان بالله . . . وطريقها مناره القرآن الكريم
فالإيمان إشعاعه أمان . . .
والأمان يبعث الأمل . .
والأمل يثمر السكينة . . .
والسكينة نبع للسعادة . . .
والسعادة حصادها أمن وهدوء نفسي . .
فلا سعادة إنسان من دون سكينة نفس، ولا سكينة نفس بدون اطمئنان الفؤاد.
من غير شك أن كلاً منا يبحث عن السعادة ويسعى إليها، فهي أمل
كل إنسان ومنشود كل بشر والتي بها يتحقق له الأمن السيكولوجي.
والسعادة التـي نعنيها هي السعادة الروحية التامة التـي تبعث الأمل
والرضا، وتثمر السكينة والاطمئنان ، وتحقق الأمن السيكولوجي والروحي
للإنسان فيحيا سعيداً هانئاً آمناً مطمئناً.
وليس الأمن السيكولوجي بالمطلب الهين فبواعث الإرتباك والخوف والضيق
ودواعي التذبذب والارتياب والشك تصاحب الإنسان منذ أن يولد وحتى
يواريه التراب.
ولقد كانت قاعدة الإسلام التي يقوم عليها كل بنائه هي حراسة الإنسان
من الرهاب والفزع والاضطراب وكل ما يحد حريته وإنسانيته
والحرص على مسحقاته المشروعة في الأمن والسكينة والطمأنينة
وليس ذلك بالمطلب الهين فكيف يحقق الإسلام للمسلمين الأمن
والسكينة والطمأنينة.
إن الإسلام يقيم صرحه الشامخ على عقيدة أن الإيمان مصدر الأمان،
إذن فالإقبال على سبيل الله هو الموصل إلى السكينة والطمأنينة
والأمن، ولذلك فإن الإيمان الحق هو السير في سبيل الله للوصول
إلى حب الله والفوز بالقرب منه تعالى.
ولكن كيف نصل إلى ذلك الإيمان الحقيقي لأجل أن تتحقق السعادة والسكينة
والطمأنينة التي ينشدها ويسعى إليها الإنسان لينعم بالأمن السيكولوجي.
إننا يمكننا أن نصل إلى ذلك الإيمان بنور الله وسنة رسوله صلى الله
عليه وسلم، ونور الله هنا هو القرآن الكريم الذي نستدل به على الطريق
الصحيح ونأخذ منه قانون أساسي حياتنا . . وننعم بنوره الذي ينير الفؤاد والوجدان
والنفس والروح والذهن جميعاً. أليس هذا طريقاً واضحاً ووحيداً لنصل
إلى نعمة الأمن السيكولوجي؟
لقد عُنـي القرآن الكريم بالنفس الإنسانية عناية شاملة . . عناية تعطي
الإنسان علم صحيحة عن النفس وقاية وعلاجاً دون أن ينال هذا
من وحدة الكيان الإنساني ، وذلك وجه الإعجاز والروعة في عناية
القرآن الكريم بالنفس الإنسانية ، وتعود تلك الإعتناء حتّى الإنسان
هو المقصود بالهداية والإرشاد والتوجيه والإصلاح.
فلقد ذكر لنا القرآن الكريم في العديد من آياته الكريمة ضرورة الإيمان
للإنسان وما يحدثه ذلك الإيمان من بث الإحساس بالأمن والطمأنينة في
كيان الإنسان وثمرات ذلك الإيمان هو تقصي سكينة النفس وأمنها
وطمأنينتها.
والإنسان المؤمن سلس في سبيل الله آمناً مطمئناً، لأن إيمانه الصادق
يمده باستمرارً بالأمل والرجاء في عون الله ورعايته وحمايته، وهو يشعر
على الدوام بأن الله عز وجل معه في مختلف لحظة، ونجد أن ذلك الإنسان
المؤمن يتمسك بكتاب الله لاجئاً إليه باستمرارً، فهو فيما يتعلق له خير مرشد
بمدى أثر القرآن الكريم في تقصي الثبات السيكولوجي له.
فمهما قابله من مشكلات وواجهه من محن فإن كتاب الله وكلماته المشرقة
بأنوار الهدى كفيلة بأن تزيل ما في ذاته من وساوس، وما في جسمه من
أوجاع وأوجاع، ويتبدل خوفه إلى أمن وسلام، وشقاؤه إلى سعادة وهناء كما
يتغير الظلام الذي كان يشاهده إلى نور يشرق على النفس، ويشرح الصدر،
ويبهج الوجدان . . فهل هناك نعمة أضخم من تلك النعمة التي إن دلت على
شيء فإنما تدل على حب الله وحنانه العظيم وعطائه الكريم لعبده المؤمن.
إن كتاب الله يوجه الإنسان إلى الطريق الصحيح ، ويرشده إلى التصرف السوي
الذي يلزم أن يقتدى به . . .يرسم له سبيل الحياة التـي يحياها فيسعد في
دنياه ويطمئن على آخرته.
إنه يرشده إلى تقصي الأمن السيكولوجي والسعادة الروحية التي لا تقابلها أي
سعادة أخرى ولو ملك كنوز الدنيا وما فيها.
إنه يحقق له السكينة والاطمئنان، فلا يجعله يخشى شيئاً في تلك الحياة فهو
يعرف أنه لا من الممكن أن يصيبه شر أو أذى سوى بمشيئة الله سبحانه وتعالى ، كما يعرف أن
رزقه بيد الله وأنه سبحانه وتعالى قد قسم الأرزاق بين الناس وقدَّرها،
كما أنه لا يخاف الوفاة بل إنه حقيقة واقعة لا مفر منها، كما أنه يعرف
أنه ضيف في تلك الدنيا مهما طال عمره أو قصر، فهو بدون شك سينتقل
إلى العالم الآخر، وهو يعمل في تلك الدنيا على ذلك الأساس، كما أنه
لا يخاف مصائب الزمن ويؤمن إيماناً قوياً بأن الله يبتليه طول الوقتً في الخير
والشر، ولولا لطف الله سبحانه لهلك هلاكاً صارماً.
إنه يجيب الإنسان على كل ما يفكر فيه ، فهو يهبه الإجابة الشافية
والمعرفة الوافية، لكل أمر من أمور دينه ودنياه وآخرته.
إن كتاب الله يحقق للإنسان السعادة لأنه سهل في سبيله لا يخشى شيئاً
سوى الله، صابراً حامداً شاكراً ذاكراً لله على الدوام ، شاعراً بنعمة الله
عليه . . يحس بآثار حنانه ودلائل حبه… فكل ذلك يبث في ذاته طاقة
روحية عظيمة تصقله وتهذبه وتقومه وتجعله يشعر بالسعادة والهناء،
وبأنه قويٌ بالله . . . سعيدٌ بحب الله ، فينعم الله عز وجل عليه بالنور
والحنان، ويفيض عليه بالأمن والأمان ، فيمنحه السكينة النفسية
والطمأنينة القلبية.
الأمر الذي في وقت سابق يظهر لنا أن للقرآن الكريم أثر كبير في تقصي الأمن السيكولوجي،
ولن تتحقق السعادة الحقيقية للإنسان سوى في شعوره بالأمن والأمان،
ولن يحس بالأمن سوى بنور الله الذي أنار سبحانه به الأرض كلها،
وأضاء به الوجود كله . . . بدايته ونهايته، وذلك النور هو القرآن الكريم.
ويؤكد لنا القرآن الكريم بأنه لن يتحقق للإنسان الطمأنينة والأمان
سوى بذكره لله عز وجل :
أفاد تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن
القلوب) [الرعد:28]
إذن علينا أن نتمسك بكتاب الله ونقتدي به ، ونتدبر في آياته البينات،
ونتأمل في كلماته التي لا تنفد بأي حال من الأحوالً :
صرح تعالى: (قل إذا كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد
مفردات ربي ولو جئنا بمثله مدداً) [الكهف:109]
حتى نتحلى بالإيمان العظيم في تلك السفرية الروحية مع آيات الله فنتزود
بما أتى به القرآن الكريم من خلق هائل، وأدب حميد ، وسلوك متميز،
ومعرفة شاملة بحقيقة النفس الإنسانية كما أرادها الله عز وجل أن تكون،
وترتقي حيث الحب والخير والصفاء والنورانية، فننعم بالسلام الروحي
الممدود، والاطمئنان القلبي المرئي، والأمن السيكولوجي المنشود.
سَطْوَةُ القُرآن غادَرَت قُلُوبَنا!
24/8/2018
أنباء من الجزيرة
بوساطة قطرية.. تركيا تفرج عن جنديين يونانيين
المنزل الأبيض مستاء من “انتقام” تركيا
45 شخصا يواجهون الإعدام في ليبيا نتيجة لـ القذافي
السيسي للمصريين: زمن البلاش اختتم.. ادفعوا
عباس: لا رغبة عند حماس في المصالحة
دائما ما أبْهَرَنا أصحاب القلوبِ الخاشعة، الّتي تخشعُ للقرآن وعظمَتِه وتَذْرِف سيلاً من الدّموع لِتِلاوته، في حين تشاهد أغلبيتنا لا يخشعون سوىّ مرةً في السّنة في شهر رمضان، وهناك من تجمّدت قلوبُهم لا تُسْتَثار دموعُهم ولو طفيفاً نحو سماعِهم لكلام الله سبحانه. فمن عجائِب الله ومقدرته خطابُه تعالى وما يترُكه في نفوسِنا، تُحسّ في أعقاب سماعِه أنّ سكينةً غريبة أطبقت على الموضع وطُمأنينة تُخالج مشاعِرك وتجتاحُها وأنّ كلّ ما حولكَ تبطل وأنّ كلّ الطاقات السلبية الّتي كانت تلتفُ بك قد غادرتِ الموضع… حقًا إنّ للقرآن نفوذٌ محسوس يصعبُ على الواحِد منّا أن يُعَبّر عنه بالكلمات.
يُريح قلب المهموم ويُهربّج همّ المغموم، يَزرعُ الطُمأنينة في النّفوس ويبُثُّ فيها السّكينة والهدوء رويدًا رُويدًا، إلى أن في قلوب الكافرين فما فكرُك نحن المسلمون. ولطالما كان القرآن الكريم الداعِيُ في دخولِ الكثيرين من غير المسلمين للإسلام نتيجة لـ الإحساس الّذي استحوذهم فور سماعِه إلى أن وإن لم يعرفوا اللّغة العربية. كلّ ذلك راجع لسَطْوَةِ القرآن الّتي عجز عن توضيحِها العلماء وحارت فيها الأذهان، وما يترُكُه من مشاعِر في نفوس الإنس، فوحده القرآن ما يستثير فينا هذه الدمعات في أعقاب سماعه أو تلاوته، ففي قوله تعالى في سورة الحشر: (لَوْ أنْزَلْنَا هَذَا القُرآنْ عَلَى جَبَلٍ لَرَأيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ الله) -21-، فإن كان ذلك حالُ الجمادْ ولَيْسَ أيُّ جمادْ إنّه الجَبَل الّذي لا تَهُزُّه ريحٌ، فكيف حالُنَا نحنُ البَشَر؟
لكم هو أمرٌ مُحزِن حين نسمعُ عن قومٍ يبيتون خاشعين مع كتاب الله يتلون آياتِه وقومٍ يخشعون مع الكتب الفكرية أو منصات التواصل الالكترونية، ويا ليتنا ندري عظمة قراءة خطاب الله سبحانه وتعالى
وفي صحيح البخاري: (أّنَّ أبَا بَكر ابْتَنَى مَسْجِدًا بِفِناء دارِه وبَرَزَ فكان يبلغِّي فيه ويقرأ القرآن، فيَتَقَصَّفُ عليه سيدات المشركين وأبناؤهم يَعْجَبُون وينظرون إليه، وقد كان أبو بكر رجلاً بكاء ليس لديه دَمْعُه حين يقرأ القرآن، فأفزع هذا أشراف قريش من المشركين). ويُقصَدُ بالتَقَصُّفِ الاكتظاظ والازدحام، وفي ذلك الجديد دليلٌ جلي على نطاق سطوة القرآن، هربُغم شِرك العباد سوىّ أنّ ذلك لم يشكّل حيلولةً بينهُم وبين الهربِ لسماع تلاوة أبا بكر لكلام الله عزّ وجل مأخوذين بجمالِ القرآن.
وتلك الظاهِرة الّتي تجعلُ مشاعِر بني الإنسان تهتز وهذهَ القشعريرة الغريبة الّتي تسري في أوصالنا ليست مجرّد نفوذٍ طفيف على النّفس والجوارِح بل هي أكثر من هذا، إذ يبلغ بنا الشأن إلى الخُرُور في الأرض، ففي سورة الإسراء يقول جلاّ وعلا: (قٌل آمِنُوا أو لاَ تُومِنُوا إنَّ الّذِين أوتُوا العِلمَ مِنْ قَبْلِهِ إذَا يُتْلَى عَلَيْهِم يَخِرّونِ للأذْقَانِ سُجَّدًا) -107-. وفي قصّةٍ أخرى يقول جبير بن مطعم: (سمعت النبي (ص) يقرأ في المغرب بالطور، فلما وصل تلك الآية: “أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ(35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37)” كاد قلبي أن يطير).
فسُبحان الله رُغمَ شِرك جُبَير بن مطعم سوىّ أنّ خطاب الله الّذي أنزله على حبيبِه المصطفى بثّ في نفسِه مشاعر غريبة جعلتُه يحسّ أن قلبَهُ سيطير، وتلك الظاهرة ليست باكتشافٍ علمي أو تجربة خاصة بفئة عن فئة بل هي معجزة من معجزات الله سبحانه وتعالى الّتي أخبرنا بها وذكرها في كتابه تعالى في الكثير من المواضع ففي قوله عزّ وجل في سورة الزمر: “اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ” ﴿٢٣﴾، وأيضًا في سورة المائدة: “وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ ۖ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴿٨٣﴾”.
وذلك ما جعل للقرآن الكريم خصوصية مميزة عن غيره من الكتب والمؤلفات البشرية، سرّ الله في كلامه الموضح الّذي تقشعرُّ منه الجلود وتخشع له القلوب وتستثار منه الدّموع. فهل يليق بنا هجره كلامهِ تعالى خاصةً ونحن نعلم أنّه العلاج لكلّ داء؟ فبينما هنالِك من يحافظون على وردهم اليومي ويسارعون لحفظ خطاب الله وختم كتابه ويخشعون لآياته، نجدُ في المقابل أولئك الذين لا ينفعِل وجدانهم لكلامه تعالى بل على الارجح يتأثرون بالروايات والكتب الفكرية، يتفاخرون بإنهاء كتابٍ ما في ليلة واحدة وهم هاجرون لكتاب الله وقد مرّ على آخر وردٍ لهم الشهر والشهران أو من المحتمل أكثر، يبيتون لياليهم يتصفحون النصوص وصفحات الاتصال الاجتماعي ويتلذذون بقراءة الكتب ولا يتحرك ضميرهم ولو للحظة ليتدبروا كتاب الله ويتلون ولو ثُمنًا من أحزابه، ففي قوله تعالى عن تلك الفئة من النّاس في سورة الزّمر: “أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِنْ رَبِّهِ ۚ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴿٢٢﴾.
عبادة الله تفتقر عبادة قبل العبادة وبعد العبادة، الأولى تكمن في الاستعانة والثانية هي الشُكر
غيتي
ولكم هو أمرٌ مُحزِن حين نسمعُ عن قومٍ يبيتون خاشعين مع كتاب الله يتلون آياتِه وقومٍ يخشعون مع الكتب الفكرية أو منصات التواصل الالكترونية، ويا ليتنا ندري عظمة قراءة خطاب الله سبحانه وتعالى في الهزيع الأخير من الليل. ففي صحيح البخاري عن أسيد بن حضير: صرح ” في حين هو يقرأ من الليل سورة البقرة، فرفعت رأسي إلى السماء، فإذا مثل الظلة فيها أمثال كشافات الإضاءة، فخرجت حتى لا أراها، صرح رسول الله “وتدري ما ذاك؟ ” أفاد: لا. أفاد رسول الله: ” هذه الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم”.
وذُكِر مرة في مجلس النبي (ص) الصحابي الجليل “شريح الحضرمي” روى النسائي: أن شريحًا الحضرمي ذُكر نحو رسول الله فقال رسول الله: “هذا رجلٌ لا يتوسّدُ القرآن”، فإن لم تكن صديقي القارئ من تلك الفئة الّتي فضّلت التمتع والتلذّذ بقراءة الحكايات والكتب المتغايرة، وسائدهم تهتكت من كثرة السبات عليها، فضلوا النّوم على قراءة وردٍ من كتاب الله رُغمَ عِلمهم أنّ لنا كلّ الوفاةِ لِنَنام، فاحمد الله على نعمته على عافية الفؤاد والدّين، فقد ذكرهم الله سبحانه وتعالى في سورة طه بقوله جلّ في علاه: “وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ ﴿١٢٤﴾”.
ولا تجعل في قلبك أي إدلال على الله سبحانه وتعالى، فليس الله سبحانه وتعالى من بحاجتنا وبحاجة عبادتِنا بل نحن. وحتّى نتقرّب منه بمختلف الطاعات والعبادات علينا أن نشكره على نعمته التي فضلها علينا بأن ثبتنا على طاعته ولم يجعلنا من عباده الساهين الغافلين، فعبادة الله تفتقر عبادة قبل العبادة وبعد العبادة، الأولى تكمن في الاستعانة والثانية هي الشُكر، لقوله تعالى في سورة الفاتحة: “إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴿٥﴾”، فاستعانة العبد بالله تعالى تفتح في وجهه أبواب النجاح والتسهيل والتي تكون موجودةً في مختلفِّ شيء ناهيك عن عبادة الله لنتخم عبادتنا بشكره عزّ وجل على منته وكرمه أن هدانا لقراءة ورد أو اداء عبادة فلو لم يهدِنا لذلك لكانت هذه الدقائق ضاعت هباءً منثورا.
الخطبة الأولى.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
من نعم الله علينا أنه جعل لنا ما نسكن به، ونسكن إليه، وقد علم تعالى أن السكن النفسي والطمأنينة من أعظم ما تحتاجه نفوس العباد، فقال عز وجل: وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًاسورة النحل:80، وقال سبحانه: وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًاسورة الأنعام:96وقال عز وجل: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَاسورة الروم:21.
ولما صارت الكربة للمسلمين في بدر وهم يرون العدو أمامهم أضعافاً قال تعالى: إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِسورة الأنفال:11، وهكذا أنزل الله الأمنة بالنوم الذي ألقاه على عباده.
السكينة، والطمأنينة، واستقرار النفس، وزوال الخوف، وحلول الأمن؛ من أعظم النعم، وهي ما يحتاجه العباد جداً.
والنبي صلى الله عليه وسلم كان حريصاً على إذهاب الخوف، وتسكين الفزع، وتطمين الخائف، ولذلك لما دخل الصديق معه الغار، وصار الكفار فوقهم، لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآهما، فخاف الصديق على النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يخاف على نفسه، فقال عليه الصلاة والسلام مطمئناً له: (ما ظنك باثنين الله ثالثهما)،، والله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وسلم في كتابه يتلو عليه تلك القصة: إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِسورة التوبة:40.
أيها المسلمون:
إن رب العالمين طمأن الأنبياء، فقال لموسى لما نبأه بالرسالة في الوادي المبارك عند الشجرة: وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى* قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى* قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىسورة طه:17- 20فماذا حصل؟ اضطرب موسى وخاف، فقال الله له: خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى سورة طه:21، لا تخف فهذا أمر مقرون بالخبر: سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى، نهى عن الخوف، وأمر بضده وهو الأمن، فلتأمن يا موسى ولا تخف، ولما ألقى السحرة حبالهم وعصيهم حتى خيِّل للناس سحر التخييل، وأنها أفاعي، خاف موسى أن يكفر الناس، فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى * قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَىسورة طـه:67- 68، وهذا نهي عن الخوف مع بيان المنزلة، فأنت مؤيد وأنت الأعلى بالإيمان، وأنت الأعلى بمعية الرحمن، وأنت الأعلى بما أيدك الله به من المعجزات، وقال عز وجل لما ولى موسى مدبراً ولم يعقب في قصة إرساله بالوادي المقدس: لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ سورة النمل:10أي: يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين.
وهكذا فعلت الملائكة لما دخلوا على داود، وهم يقدرون على الدخول؛ ولو كان هناك حراس وحجاب، ففزع منهم: إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْسورة ص:22.
وهكذا قال جبريل لمريم وقد فزعت منه لما رأت رجلاً أجنبياً يقف أمامها: قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّاسورة مريم:18، إن كنت تخاف الله فانصرف، فقال: إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا سورة مريم:19، وهكذا كان التطمين مقترناً بالبشارة.
وأيضاً: نجد هذا التطمين مقترناً بمعية الله: لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَاسورة التوبة:40، ولما وصل موسى إلى مدين طريداً، وحيداً، حافياً، خائفاً، جائعاً، قال له الرجل الصالح: لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَسورة القصص:25، والله سبحانه وتعالى قال للصحابة:وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُواسورة آل عمران:139.
وهكذا ولو نظرنا في قصة موسى عليه السلام لرأينا للخوف عدة مواضع، ابتداء من ولادته، وعندما كان الطاغية فرعون يرسل هؤلاء الذباحين بالأشفار ليذبحوا الصغار عند الولادة: وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَسورة القصص:7، نهى عن الخوف ونهى عن الحزن، نهيان بعد أمرين: أرضيعه وألقيه، والنهيان: (ولا تخافي ولا تحزني)، والبشارتان: (إنا رادوه إليك) سليماً لتقر عينك به، (وجاعلوه من المرسلين) ليكون نبياً لله تعالى.
ولما خرج موسى من مدين بعد قتل ذلك القبطي خرج منها خائفاً يترقب، أي: يتلفت خشية أن يدركه القوم فيقتلوه: إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَسورة القصص:20، دعا ربه وقال:رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَسورة القصص:21.
وهكذا طمأنه صاحب مدين أول ما وصل إليه طريداً، وخائفاً، وحافياً، وجائعاً، قال لما قص عليه القصص وخبره الخبر: لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَسورة القصص:25هدئ روعك فقد نجاك الله منهم، ووصلت هنا ولا سلطان لهم علينا.
وازدادت طمأنينته حينما أرشده الله تعالى لما يفعله أمام فرعون: اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِسورة القصص:32،أي: ليذهب عنك الخوف ضم يدك إلى جناحك، إلى جيبك، والجناح إلى الجسم، وهكذا يضع يده على قلبه ويضم جناحه إليه ويده ليذهب عنه الفزع. قال مجاهد: “كل من فزع فضم جناحه إلى يده ذهب عنه الروع”، قال ابن كثير: “وربما إذا استعمل أحد ذلك على سبيل الاقتداء فإنه يزول عنه ما يجده، أو يخف إن شاء الله”.
ولما تبعهم فرعون خاف أصحاب موسى: فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ *قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِسورة الشعراء:61- 62.
وهكذا -أيها الإخوة- من منة الله علينا أن جعل لنا سكناً نفسياً، وفي البيت، والليل، والزوجة، وقص الله علينا من قصص الأنبياء ما يهدئ مخاوفنا، ويسكن فزعنا، ويطمئن نفوسنا، وهكذا وجدنا معية الله، وتأييده، والبشارة بالخير مما يسكن النفوس.
ومما يسكنها: تقوى الله، والحرص على العبادة وقت الفتنة؛ ولذلك قال سبحانه: فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَسورة الأعراف:35، فإذا أردت يا عبد الله أن يزول عنك الخوف فاتقي ربك وأصلح فيما بينك وبينه، وما بينك وبين الناس، وأصلح بين الناس أنفسهم في الخصومات والمنازعات.
وذكر الله من أعظم ما يطمئن النفوس: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُسورة الرعد:28،فهذا ذكره يذهب المخاوف كلها، ولا شيء أنفع للخائف من ذكر ربه سبحانه وتعالى.
بل من العجيب أيها المسلمون أن هناك صلاة اسمها صلاة الخوف، حتى مع أدائها يذكر الله، فالصلاة عموماً تهدئ الفزع، وتسكن النفس، كان عليه الصلاة والسلام إذا حزبه أمر صلى، وإذا صار أمام العدو، وخشي المسلمون إذا أدوا الصلاة أن يفاجئهم العدو، فشرعت لهم صلاة على هيئة وكيفية مختلفة عن العادة، ومع ذلك قال تعالى في صلاة الخوف: فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْسورة النساء:103فذكر الله عز وجل يسكن القلب القلق، ويطمئن النفس الخائفة، وذكر الله تصبير وتثبيت.
ومعنى السكينة، هذا له علاقة وثيقة جداً بالموضوع؛ ولذلك نجد أن السكينة تكررت في كتاب الله في ستة مواضع: وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْسورة البقرة:248،وقال عز وجل: ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَسورة التوبة:26، وقال سبحانه: إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَاسورة التوبة:40، وقال سبحانه في قصة الأحزاب: هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًاسورة الفتح:4، وقال أيضاً في الحديبية لما جمعت قريش ما جمعت: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًاسورة الفتح:18، وقال سبحانه: إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَسورة الفتح:26.
كان شيخ الإسلام رحمه الله يقول فيمن ضاقت به الأمور، واضطربت نفسه، واشتد عليه عدوه، أن قراءة آيات السكينة تذهب ما به من الكرب. وحلق الذكر من فوائدها أن السكينة تنزل على حلق القرآن والسنة ذكر الله تعالى.
كان شيخ الإسلام رحمه الله يقول فيمن ضاقت به الأمور، واضطربت نفسه، واشتد عليه عدوه، أن قراءة آيات السكينة تذهب ما به من الكرب. وحلق الذكر من فوائدها أن السكينة تنزل على حلق القرآن والسنة ذكر الله تعالى.
والعدل والتوحيد يديم الأمن والسكينة، والناس يحتاجون إلى الأمن باستمرار، ولولا الأمن ما ذهبوا إلى جمعة، ولا جماعة، ولولا الأمن ما ذهبوا إلى معاش وعمل.
وهكذا السعي في الأرض بعد عبادة الله تعالى يلزم له السكينة والأمن؛ ولذلك ذكر لنا تعالى ما الذي يحقق الأمن فقال: الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُسورة الأنعام:82، أي: لم يلبسوا إيمانهم بشرك، لا شرك أكبر، ولا شرك أصغر، ولا شرك خفي، فلا يطلب من غير الله ما لا يقدر عليه إلا الله، مثل: يا فلان اشف مريضي، يا فلان أدركني، يا فلان الغوث، بل قل: يا الله أغثني، يا الله اشف مريضي.
ولا تقول أبداً: لولا الله وفلان، ما شاء الله وشئت، الله لي في السماء وأنت لي في الأرض، فلا تسوي بين المخلوق والخالق أبداً، وأيضاً: لا ترائي ولا تقصد بعملك في العبادة دنيا؛ لأن هذا شرك بالله عز وجل، والشرك درجاته متفاوتة، فمن الذي له الأمن؟ الذي لا يشرك بالله.
فأخبرنا ربنا عن أسباب تحصيل الأمن والسكينة، وسبحانه وتعالى نهانا أن نخاف من المخلوقين وأمرنا أن نخاف منه: فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِسورة آل عمران:175، والذي يحسم مادة الخوف هو التسليم لله عز وجل.
عباد الله:
يقلق الناس، ويخافون من الأحداث التي تجري في هذه الأيام، ولكن في الحقيقة الذي يتوكل على الله يؤمنه سبحانه وتعالى، ونحن بأمس الحاجة اليوم أن نؤمن أنفسنا وأهلينا، وأن نأمن في بلادنا وأوطاننا، وأن نكون في طمأنينة قلب، وراحة نفسية؛ ولذلك فإن التوكل على الله بقول: حسبنا الله ونعم الوكيل مما يحقق ذلك، ولن يكون هناك إن شاء الله إلا الخير، ولن يحدث لهذه البلاد، وهؤلاء العباد إذا استمسكوا بالله إلا الطمأنينة، وإلا الأمن، فلا خوف على من آمن، ولا خوف على من صدق اللجوء إلى الله، ولا خوف على من وحد الله واتقاه.
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا آمنين مطمئنين، ونسأله سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين، ونسأله عز وجل أن يجعل عيشنا رغداً وحياتنا سعداً، إنه هو السميع العليم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية.
الحمد لله، سبحان الله، والله أكبر، ولا إله إلا الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى سبيله، دعا إلى الله ولم يشرك به أحداً، أصلي وأسلم على محمد بن عبد الله خاتم النبيين، وإمام المرسلين، وقائد الغر المحجلين، الحبيب والشفيع صاحب اللواء المحمود، والحوض المورود، وذلك المقام عند رب العالمين، اللهم صل وسلم، وبارك على عبدك، ونبيك محمد، وعلى آله، وذريته الطيبين، وأزواجه، وخلفائه الميامين، وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
عباد الله:
ينبغي على المسلم مهما رأى ما حوله أن يكون على علم وحكمة وبصيرة، وأن يكون له اتصال وثيق بكتاب ربه عز وجل؛ لأن الاعتصام بالكتاب طمأنينة عظيمة، وكذلك يلتزم بما أمر الله به، فهو لا يكون مقوياً لإرسال شائعات، ولا يثير فزعاً وبلبلة برسائل الجوالات، وإنما يحافظ على سكينته، وعلى طمأنينة إخوانه وبلده: وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِهذا حال المنافقين، وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْسورة النساء:83.
ومشهور في السيرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه غدر بني قريظة أرسل سعد بن معاذ سيد الأوس، وسعد بن عبادة سيد الخزرج، وعبد الله بن رواحة، وخوات بن جبير، وقال لهم كلاماً معناه: (فإن كان حقاً – أي غدر بني قريظة- فالحنوا لي لحناً أعرفه،ولا تفتوا في أعضاد المسلمين)، وهذه قاعدة عظيمة لا تفتوا في أعضاد المسلمين، فينبغي أن يبقى أهل الإسلام دائماً في سكينة، وطمأنينة، وأمن، إنها نعمة عظيمة، ألم يقل لنا نبينا صلى الله عليه وسلم: (من أصبح منكم آمناً في سربه) أي: في نفسه، وأهله، وعياله، (معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا)، وأيضاً: من أسباب الأمن اتباع الهدى، والالتزام بالأحكام الشرعية، فنحل الحلال، ونحرم الحرام: فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَسورة البقرة:38.
وكذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد علمنا أمراً عظيماً عندما خرج إلى سبب الضجة التي صارت مرة بالمدينة، والصوت العظيم المرعب على فرس عري لأبي طلحة، وتحقق الأمر، وأنه ليس هناك ما يخيف ورجع، يقول للناس: (لن تراعوا لن تراعوا)هكذا حال المسلم يطمئن من حوله.
وكذلك فإن شكر النعم مجلبة عظيمة للأمن: وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَسورة النحل:112، فإذا أردنا لباس الأمن، والكفاية، فلا بد أن نشكر النعمة، ويكون شكرها بأن ننسبها إلى المنعم لا إلى غيره، وأن نستعملها في طاعته، ولا نستعملها في معصيته، نثبت النعمة للمنعم، فتقول: الحمد لله أنعم علي، أعطاني، آتاني، فتح عليَّ، كفاني، آواني، رزقني، وفقني، ولا تقل: بعبقريتي، وذكائي، وجهدي، ولي، وعندي، وأنا، ولكن قل: بربي، وهكذا يكون شكر النعمة هو الذي يجلب الأمن.
إذا أردنا لباس الأمن، والكفاية، فلا بد أن نشكر النعمة، ويكون شكرها بأن ننسبها إلى المنعم لا إلى غيره، وأن نستعملها في طاعته، ولا نستعملها في معصيته، نثبت النعمة للمنعم، فتقول: الحمد لله أنعم علي، أعطاني، آتاني، فتح عليَّ، كفاني، آواني، رزقني، وفقني، ولا تقل: بعبقريتي، وذكائي، وجهدي، ولي، وعندي، وأنا، ولكن قل: بربي، وهكذا يكون شكر النعمة هو الذي يجلب الأمن.
وتحكيم شرع الله عز وجل شيء عظيم في جلب الأمن، وإقامة الحدود الشرعية من أعظم ما يجلب الأمن.
أيها المسلمون:
لكم إن شاء الله ميزة، وبشارة بقربكم من حرم الله، وهذا شيء قدري كوني، بقربكم مكان عظيم، فالأمن مرتبط به ارتباطاً وثيقاً: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًاسورة البقرة:126وفي الآية الأخرى: اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًاسورة إبراهيم:35الأولى قبل أن ينشأ البلد، والثانية بعدما نشأ البلد، فإبراهيم كان يتردد على البلد، قال الله:فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًاسورة آل عمران:97، وقال الله: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْسورة العنكبوت:67، وقال سبحانه: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍسورة قريش:4،وقال سبحانه:وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ* وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِسورة التين:1-3، وهكذا يا عباد الله لكم بشرى، وميزة بقربكم من حرم الله الذي جعله آمناً، فأمنوه كما هو آمن قدراً، فاحفظوا الأمن فيه.
ونسأل الله عز وجل أن يجعل بلدنا هذا آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، وأن يديم نعمته علينا أجمعين، ونسأله سبحانه وتعالى أن ينزل علينا السكينة، وأن يربط على قلوبنا.
اللهم إنا نسألك أن تغفر لنا ذنوبنا أجمعين، وأن تديم علينا نعمتك يا رب العالمين.
اللهم إنا نسألك الأمن في البلاد والنجاة يوم المعاد، اللهم اغفر لنا يوم يقوم الأشهاد.
اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، ونسألك القصد في الغنى والفقر، ونسألك نعيماً لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع، ونسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة.
اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم اجعل عيشنا رغداً وارزقنا السعادة في الدنيا والآخرة.
اللهم أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، استر عوراتنا، وآمن روعاتنا، واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا.
يا عباد الله:
أنتم تقفون على أرض مستقرة، وهذه نعمة، فالزلزال ضرب اليوم اليابان، تسونامي أغرق كثيراً من تلك البلاد، مات أناس، وهلكت صناعات، ودمرت منشآت، ثمانية وثمانية من عشرة، هزها سبحانه وتعالى، فاحمد ربك يا عبد الله على نعمة أرض مستقرة، تعيش فيها، قرب حرم الله هذا الذي بجانبك، ارع حقه، وعظم شأنه، واغشه واعتمر فإن الحج والعمرة ينفيان الفقر والذنوب.
عباد الله:
لنتذكر العودة إلى الله، والقدوم عليه، وأن هناك يوماً لا بد فيه من لقاء الله.
اللهم أحسن وقوفنا بين يديك، ولا تؤاخذنا يوم العرض عليك، آمنا في الأوطان والدور وأصلح الأئمة وولاة الأمور واغفر لنا يا عزيز يا غفور.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
نورانية لانهائية تلكم التي يترك آثارها القرآن في القلوب، يوقظ البصيرة فتضئ بالنور، وتستمد نورها من عقيدة صافية نقية في لا اله الا الله. * في حين تسيطر الامراض النفسية, وأكثرها أمراض الاكتئاب الناتج عن كثرة الهموم والأحزان, فتثقل النفس, وتوهن القلب وتقعد الجوارح, حتى يصير المرء عاجزا كسلانا, مهموما, محزونا, لا يقدم شيئا إيجابيا لنفسه ولا لأسرته ولا لأمته، فإن القرآن يقدم له العلاج. * كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يستعيذ من هذه الأمراض, كما أخرج البخاري عن أنس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اني اعوذ بك من الهم والحزن و واعوذ بك من العجز والكسل, واعوذ بك من الجبن والبخل, واعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال». * لقد علمنا الله سبحانه أن المستمسك بآياته, الموقن بها, المحب لها, الواثق في موعود ها, سيعبر لحظات الضعف ولا شك، وسيكسر آلام الهم. * يعتمد العلاج القرآني ابتداء على تثبيت معاني الإيمان بتوحيد الله سبحانه، وتنقية العقيدة، ويدعو المؤمن به للإخلاص والصدق في أخذها * وكذا يدعوه للإيمان باليوم الآخر، ويكرر عليه مشاهده ليعيشها المؤمن رأي العين، فتخبت نفسه ويخشع قلبه ويعمل لما بعد الموت. * ثم هو يبث الطمأنينة في القلب تارة بروعة الكلمات وأثر الآيات ذاتها وبركتها وفضلها، وتارة بالتصريح بكونها تطمئن القلب، {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28] كتأكيد وبيان ان ذكر الله تسكن معه القلوب, فتطمئن لموعود ربها, فتأمن من الخوف ومن الفزع. * الآيات تذكره بالأمان في معية الله، فلا خوف إلا من الله, ولا رهبة إلا من عذابه, فتستقر الطمأنينة فيه، إذ لا حول ولا قوة إلا بالله، فينجلي كل خوف, ويذهب كل ضعف, فتجد القلب مطمئنا ليومه, راضيا بأمسه, مستبشرا بغدة, إذ اليوم متوكل على الله, وأمس راض بقدر الله فيه, وغدا مستبشر باليسر بعد العسر. * لئن كانت الطمأنينة تخص ذات القلب, فالسكينة تخص الحوادث المارة على النفس, فيؤكد القرآن انه ” قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا “، ويقول صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: قدر الله وما شاء فعل اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها, إلا أجره الله فيها وأخلفه خيرا منها» (مسلم) * في كتاب الله تثبيت في الحوادث والمصائب بالإنابة إلى الله والرجوع إليه سبحانه، قال سبحانه: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴿155﴾الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴿156﴾أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}[البقرة: 155-157]. * هناك نوع آخر من المشاعر والمفاهيم يبثها القرآن الكريم في المؤمنين، ذاك مفهوم الثقة في الله، يقوى به القلب ويثبت به النفس, فتري القلب تتضاعف قوته, وترى النفس قادرة على خوض غمار المصاعب. * يقول شيخ الإسلام بن تيمية: لا حول ولا قوة إلا بالله لها أثر عجيب في تقوية القلب والجسد, والله سبحانه وتعالى في كتابه يقول{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴿173﴾ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ} [آل عمران: 174], وقد أمر سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم أن يثق في موعود الله عز وجل ويوقن بذلك وأن ذلك كافيه وحسبه ذلك, فقال {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}الأنفال: 64]” * والآيات في كل ذلك تدعو إلى الأخذ بالأسباب، فراحة البال ينبغي أن تبنى على عمل {تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 43]، لا على تواكل أو على قعود, أو انطواء، لكنها مبنية بالأساس على الثقة بالله كما اسلفنا وكذلك بعد الأخذ بالأسباب التي أمر الله بها. * قال سبحانه في كتابه حاكيا عن ذي القرنين{ثم اتبع سببا}وقال واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل وقال في موقف مريم الضعيفة بينما هي تضع مولودها: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ}مريم: 25], وقال في شأن موسى عليه السلام وهو بصدد معجزة غير مسبوقة: { فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ}البقرة: 60]. * ولكن الله عز وجل يعلمنا ايضا أنه ليس إعداد القوة ولا رباط الخيل ولا هز جذوع النخل ولا ضرب الحجارة بالعصا, ولا غير ذلك وحده كاف للمؤمنين, بل كلها أسباب تفتقر إلى قوة العظيم القادر سبحانه. * يعلمنا ان الله إذا علم من عبده صدق اللجوء اليه واتخاذ الأسباب مع توكله الكامل عليه وبذل جهده القادر عليه وصبره ويقينه, أنه لا شك ناصره, ولذلك بشر الصالحين بأعظم بشرى فقال سبحانه: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر: 51] ” * وآيات القرآن الكريم تعالج هموم النفوس بطريقة مدهشة، عن طريق تذكير المؤمن بسمو هدفه ونبل قضيته, فكلما شعر المؤمن بعظمة ما هو بصدده, كلما هانت عليه الاحزان وصغرت أمامه العقبات. * وانظر إلى القرآن الكريم وهو يضرب لنا ذلك المثل في مؤمن سورة يس إذ دافع عن كلمة الحق ولم يبال بالأذى لأنه ينظر إلى سمو قضيته وعلو هدفه، قوله تعالى: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْم اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ ﴿20﴾ اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴿21﴾ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿22﴾ أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ ﴿23﴾ إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴿24﴾ إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ﴿25 قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ﴿26﴾ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ } [سورة يس]. * إن نبل غايته أنساه البغضاء وأنساه الثأر حتى إنه لما رأى موعود ربه أحب لو أن الذين آذوه قد رأوا الحق وفهموا الصواب وتبينوا صدق المسيرة. * إنها طرق علاجية قد بثت في كتاب الله العظيم وهي غيض من فيض, ونقطة في بحر شفاء من القرآن الكريم للنفوس والقلوب.
من دلالات الذكر في القرآن الكريم
يرد لفظ “الذكر” في القرآن الكريم للدلالة على عدة معان تدل على عبادة المولى عز وجل، وطاعته، ودعائه، وحمده وشكره، والثناء عليه، كل ذلك بالقلب واللسان وسائر أعمال الجوارح في كل وقت وفي كل حين، وعلى كل حال.
· ومن ذلك قول الله تعالى: فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ 1 . ذكر يكون بالصلاة والدعاء عند المشعر الحرام.
· ومنه قوله تعالى: فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ 2 ، (فاذكروا الله) وهذا يشمل جميع أنواع الذكر، ومنه الصلاة على كمالها وتمامها، وقوله تعالى (كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون) فإنها نعمة عظيمة ومنة جسيمة، تقتضي مقابلتها بالذكر والشكر ليبقي نعمته عليكم ويزيدكم عليها) 3 .
· ومنه قوله تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ 4 يعني: فاذكروني أيها المؤمنون بطاعتكم إياي فيما آمركم به وفيما أنهاكم عنه، أذكرْكم برحمتي إياكم ومغفرَتي لكم) 5 . عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يقول الله تبارك وتعالى: “أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة”” 6 .
ومعنى (ظن عبدي بي) ظن الإجابة عند الدعاء، والقبول عند التوبة، والمغفرة عند الاستغفار، والمجازاة عند فعل العبادة بشروطها، ومعنى تقرب العبد شبرا من مولاه هو تقرب الطاعة والعبادة، وهذا يدل على أن يتقبل العمل الصالح ولو كان قليلا ويجزي عليه الجزاء الكثير، وهذا معنى تقربه من العبد بالمغفرة والثواب والرحمة حتى يكتب لأمة محمد صلى الله عليه وسلم إماطة الأذى عن الطريق، والتبسم في وجه الأخ المسلم من الصدقات) 7 .
· ومنه قوله تعالى: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ 8 نعت لأولي الألباب؛ أي يذكرونه دائماً على الحالات كلها قائمين وقاعدين ومضطجعين فإن الإنسان لا يخلو عن هذه الهيآت غالباً) 9 .
· ومنه قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا 10 . قال القرطبي: المراد ذكر القلب الذي يجب استدامته في عموم الحالات… فقد أمر الله تعالى عباده بأن يذكروه ويشكروه، ويكثروا من ذلك على ما أنعم به عليهم. وجعل تعالى ذلك دون حد لسهولته على العبد ولعظم الأجر فيه) 11 .
فالأمر في قوله تعالى: اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً ليس موجها إلى مطلق الذكر بل إلى كثرة الذكر، لأن القلة في الذكر من صفات المنافقين الذين لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً.
إن المعنى الغالب على لفظ الذكر لا ينصرف إلى مفهوم واحد بعينه، وليست له صفة واحدة محددة، إنما هو أن يتمثل المؤمن الذاكر رقابة الله تعالى في كل وقت وحين، وأن يستحضر عظمة الله سبحانه في جميع الأحوال، سواءٌ أكان هذا الاستحضار عقليًّا أو قلبيًّا أو قوليًّا أو فعليًّا.
البحث عن الطمأنينة
طمأنينة القلب وراحة النفس وانشراح الصدر غاية يسعى إليها الكثير من الناس، ومن أجل تحقيقها قد ينفق عليها البعض أموالا، ويقطع من أجلها المسافات بحثاً عن أي وسيلة للسعادة في عالم تسيطر عليه الجاهلية، وقيمها، وثقافتها، ووسائل إعلامها، فلا تكاد تسمع ذكر الله) 12 . يتعب نفسه من يبحث عن الطمأنينة وراحة القلب وهو غارق في الماديات، ليس له من يدله على المعنى الحقيقي لسعادة القلب وراحة النفس، يبحث عن علاج لأمراضه النفسية بعيدا عن مصحة الكمياء الإلهية، والدواء والعلاج التي بها يطهر القلب، وهو مصب الإيمان وملتقى شعبه ومصدر نوره هو ذكر الله) 13 .
العلاج هو ذكر الله تعالى قولا وفعلا وتأسيا، ذكر يؤتي ثماراً طيبة، في النفس وفي الحياة؛ حياة الفرد، وحياة الجماعة. وأولى هذه الثمار: سكينة النفس، وطمأنينة القلب، التي يشعر بها الذاكر، ويحس بها تملأ أقطار نفسه، فلا يحس إلا الأمن إذا خاف الناس، والسكون إذا اضطرب الناس، واليقين إذا شك الناس، والثبات إذا قلق الناس، والأمل إذا يئس الناس، والرضا إذا سخط الناس) 14 .
ألا بذكر الله تطمئن القلوب
إن من آثار ذكر لله عز وجل حصول طمأنينة القلب، فالمؤمن الذي لا يفتأ عن ذكر الله، لا تغادر شعوره فكرة الاطمئنان إلى رضا الله سبحانه وتعالى، فكلما تقرب العبد إلى الله بفعل الفرائض والنوافل كلما وجد السعادة في قلبه على قدر عمله، وكلما غفل عن ذكره بارتكاب معصية أو تقصير في واجب يشعر بألم في قلبه، وهم حاضر شاغل لفكره. فالذكر منبع الاطمئنان والراحة… والغفلة والمعصية مورد الهم وقسوة وأمراض القلوب.
يقول تعالى: قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ، الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ، الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ 15 . تطمئن بإحساسها بالصلة بالله والأنس بجواره والأمن في جانبه وحماه، تطمئن من قلق الوحدة وحيرة الطريق بإدراك الحكمة في الخلق والمبدأ والمصير وتطمئن بالشعور بالحماية من كل اعتداء ومن كل شر إلا بما يشاء الله مع الرضى بالابتلاء والصبر على البلاء. أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ؟ ذلك الاطمئنان بذكر الله في قلوب المؤمنين حقيقة عميقة، يعرفها الذين خالطت بشاشة الإيمان قلوبهم فاتصلت بالله، يعرفونها، ولا يملكون بالكلمات أن ينقلوها إلى الآخرين الذين لم يعرفوها؛ لأنها لا تنقل بالكلمات، إنما تسري في القلب فيستروحها ويهشّ لها ويندَى بها ويستريح إليها ويستشعر الطمأنينة والسلام ويحس أنه في هذا الوجود ليس مفردًا بلا أنيس، فكل ما حوله صديق إذ كل ما حوله من صنع الله الذي هو في حماه) 16 .
إنَّ السكون والطمأنينة التي تغمر قلب الإنسان المؤمن، وهو في حالة من حالات الذكر والاتصال بالله عزوجل، إنما ترمز إلى أن ذكر الله، إنما هي عملية تتوافق والحالة الفطرية للإنسان، فذكر الله سبحانه إنَّما يمنح الإنسان المؤمن شيئاً لو اجتمعت الدنيا كلها بعلمها وقدراتها، لم توفره له، قال الإمام بن القيم رحمه الله: فما ذكر الله عز وجل على صعب إلا هان، ولا على عسير إلا إذا تيسر، ولا مشقة إلا خفت، ولا شدة إلا زالت، ولا كربة إلا انفرجت، فذكر الله تعالى هو الفرج بعد الشدة، واليسر بعد العسر، والفرج بعد الغم والهم) 17 .
[1] سورة الآية البقرة: 198.\
[2] سورة البقرة الآية: 239.\
[3] تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، الإمام عبد الله بن ناصر السعدي: 1/106.\
[4] سورة البقرة الآية 152.\
[5] جامع البيان في تأويل القرآن، للإمام محمد ابن جرير الطبري، 3/211.\
[6] أخرجه البخاري في كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى: (ويحذركم الله نفسه)، حديث رقم:6856. أخرجه مسلم في كتاب: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب الحث على ذكر الله تعالى، حديث رقم: 4832.\
[7] المفهم لما أشكل من كتاب تلخيص مسلم، أبو العباس القرطبي: 2/134.\
[8] سورة آل عمران الآية: 191.\
[9] تفسير روح البيان، إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي، 2/116.\
[10] سورة الأحزاب الآية: 41.\
[11] الجامع لأحكام القرآن، الإمام القرطبي، 2/172.\
[12] المنهاج النبوي تربية وتنظيما وزحفا. ذ. عبد السلام ياسين، ص: 146.\
[13] المنهاج النبوي تربية وتنظيما وزحفا، الإمام عبد السلام ياسين، ص: 146.\
[14] كتاب “التوكل”. د. يوسف القرضاوي، ص: 56.\
[15] سورة الرعد الآيات: 27-29.\
[16] في ظلال القرآن، الشهيد السيد قطب، مجلد 4، ص: 2060.\
[17] الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب، الإمام ابن قيم الجوزية، ص: 142.\
السكينة هي الطمأنينة التي يلقيها الله في قلوب عباده، فتبعث على السكون والوقار، وتثبت القلب عند المخاوف، فلا تزلزله الفتن، ولا تؤثر فيه المحن، بل يزداد إيمانا ويقينا.
وقد ذكرها الله عز وجل في ستة مواضع من كتابه الكريم، كلها تتضمن هذه المعاني من الجلال والوقار الذي يهبه الله تعالى موهبة لعباده المؤمنين، ولرسله المقربين.
يقول ابن القيم رحمه الله في شرح منزلة «السكينة» من منازل السالكين إلى الله:
«هذه المنزلة من منازل المواهب، لا من منازل المكاسب، وقد ذكر الله سبحانه السكينة في كتابه في ستة مواضع:
الأول: قوله تعالى: ( وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) البقرة/248.
الثاني: قوله تعالى: ( ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِين) التوبة/26.
الثالث: قوله تعالى: ( إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا) التوبة/40.
الرابع: قوله تعالى: ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ) الفتح/4.
الخامس: قوله تعالى: ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) الفتح/18.
السادس: قوله تعالى: ( إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) الفتح/26.
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا اشتدت عليه الأمور: قرأ آيات السكينة.
وسمعته يقول في واقعة عظيمة جرت له في مرضه تعجز العقول عن حملها، من محاربة أرواح شيطانية ظهرت له إذ ذاك في حال ضعف القوة، قال: فلما اشتد عليّ الأمر قلت لأقاربي ومن حولي: اقرأوا آيات السكينة، قال: ثم أقلع عني ذلك الحال، وجلست وما بي قَلَبَة.
وقد جربت أنا أيضا قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب مما يرد عليه، فرأيت لها تأثيرا عظيما في سكونه وطمأنينته.
وأصل السكينة هي الطمأنينة والوقار والسكون الذي ينزله الله في قلب عبده عند اضطرابه من شدة المخاوف، فلا ينزعج بعد ذلك لما يرد عليه، ويوجب له زيادة الإيمان، وقوة اليقين، والثبات، ولهذا أخبر سبحانه عن إنزالها على رسوله وعلى المؤمنين في مواضع القلق والاضطراب كيوم الهجرة، إذ هو وصاحبه في الغار، والعدو فوق رؤوسهم، لو نظر أحدهم إلى ما تحت قدميه لرآهما، وكيوم حنين حين ولوا مدبرين من شدة بأس الكفار لا يلوي أحد منهم على أحد، وكيوم الحديبية حين اضطربت قلوبهم من تحكم الكفار عليهم، ودخولهم تحت شروطهم التي لا تحملها النفوس، وحسبك بضعف عمر رضي الله عنه عن حملها، وهو عمر، حتى ثبته الله بالصدِّيق رضي الله عنه.
وفي الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: رأيت النبي ينقل من تراب الخندق حتى وارى التراب جلدة بطنه وهو يرتجز بكلمة عبد الله بن رواحة رضي الله عنه:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا — ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزل سكينة علينا — وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الألى قد بغوا علينا — وإن أرادوا فتنة أبينا
وفي صفة رسول الله في الكتب المتقدمة: إني باعث نبيا أميا، ليس بفظ، ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا متزين بالفحش، ولا قوال للخنا، أسدده لكل جميل، وأهب له كل خلق كريم، ثم أجعل السكينة لباسه، والبر شعاره، والتقوى ضميره، والحكمة معقوله، والصدق والوفاء طبيعته، والعفو والمعروف خلقه، والعدل سيرته، والحق شريعته، والهدى إمامه، والإسلام ملته، وأحمد اسمه«مدارج السالكين» (2/502-504).
فمن قرأ آيات السكينة في مواقف الخوف والفزع، أو في مواقف الشبهات والفتن، أو عند الهم والحزن، أو عند اشتداد وسواس الشيطان، يقرأها رجاء أن يثبت الله قلبه بما ثبت به قلوب المؤمنين فلا حرج عليه، ورجي أن يكون له ذلك، كما كان لشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، ولكن على ألا ينسب استحباب قراءة هذه الآيات ـ وبهذه الكيفية ـ إلى الشريعة، ولا يتخذه عبادة تشبه عبادة الأذكار والأدعية الشرعية الثابتة في الكتاب والسُنة.
ايات الشفاء والانشراح والسكينة والطمانينة والتخفيف والحفظ
المشرف العام على الموقع 2016/07/17 1.1 قسم الرقية الشرعية من القران الكريم, 5.1 مكتبة ايات الرقية الشرعية المكتوبة تعليق واحد 31,061 زيارة
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فيما يلي مجموعة من الايات المفيدة جدا عند قرائتها معا وتكرار كل اية منها ثلاث مرات او سبع مرات لمن استطاع فهو افضل
وتقرأ هذه الايات بنية الشفاء وانشراح الصدر وانزال السكينة والطمانينة وتخفيف الالام والابتلاء وبنية الحفظ والتحصين
ايات الشفاء الستة
اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ……… بسم الله الرحمن الرحيم
* قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ
* يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ
* ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
* وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً* وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً *وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً.
* الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ*وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ*وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ
* قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ
__________________________________________________
ايات الانشراح
اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ……… بسم الله الرحمن الرحيم
* فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ [الأنعام : 125]
* مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل : 106]
* قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي [25] وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي [26] وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي [ 27] يَفْقَهُوا قَوْلِي [28] [طه]
* أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ [الزمر : 22]
* أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ [ 1] وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ [ 2] الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ [3] وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ [ 4] فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً [5] إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً [ 6] فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ [7] وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ [الشرح : 8]
______________________________________________
ايات السكينة
اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ……… بسم الله الرحمن الرحيم
* وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [البقرة : 248]
* ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ [التوبة : 26]
* إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة : 40]
* هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً [الفتح : 4]
* لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً [الفتح : 18]
* إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً [الفتح : 26]
_____________________________________________
ايات السكن
اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ……… بسم الله الرحمن الرحيم
* وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [الأنعام : 13]
* فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [الأنعام : 96]
* خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [التوبة : 103]
* هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ [يونس : 67]
* وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ [المؤمنون : 18]
* أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [النمل : 86]
* وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ [القصص : 58]
* قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ [القصص : 72]
* وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [القصص : 73]
* وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم : 21]
* اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ [غافر : 61]
* إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ [الشورى : 33]
____________________________________________
ايات التخفيف
اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ……… بسم الله الرحمن الرحيم
* يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً _النساء 28
* الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ _الأنفال 66
* ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ_ البقرة 178
* {أُولَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآَخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ }البقرة86
* {خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ }البقرة162
* {خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ }آل عمران88
* {وَإِذَا رَأى الَّذِينَ ظَلَمُواْ الْعَذَابَ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ }النحل85
* {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ }فاطر
* {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ الْعَذَابِ }غافر49:36
_____________________________________________
ايات الطمأنينة
اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ……… بسم الله الرحمن الرحيم
* وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ آل عمران 126
* فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً النساء 103
* قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَاوَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ المائدة113
* وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ الأنفال 10
* الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ الرعد 28
* مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ النحل 106
* وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ النحل 112
* يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ [27] ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً [28] فَادْخُلِي فِي عِبَادِي [29] وَادْخُلِي جَنَّتِي الفجر 30
_____________________________________________
آيات الحفظ
* ٱللَّهُ لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَىُّ ٱلۡقَيُّومُۚ لَا تَأۡخُذُهُ ۥ سِنَةٌ۬ وَلَا نَوۡمٌ۬ۚ لَّهُ ۥ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَٲتِ وَمَا فِى ٱلۡأَرۡضِۗ مَن ذَا ٱلَّذِى يَشۡفَعُ عِندَهُ ۥۤ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَىۡءٍ۬ مِّنۡ عِلۡمِهِۦۤ إِلَّا بِمَا شَآءَۚ وَسِعَ كُرۡسِيُّهُ ٱلسَّمَـٰوَٲتِ وَٱلۡأَرۡضَۖ وَلَا يَـُٔودُهُ ۥ حِفۡظُهُمَاۚ وَهُوَ ٱلۡعَلِىُّ ٱلۡعَظِيمُ (٢٥٥) البقرة
* وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ (61) الأنعام
* إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57)هود
* فَٱللَّهُ خَيۡرٌ حَـٰفِظً۬اۖ وَهُوَ أَرۡحَمُ ٱلرَّٲحِمِينَ (64) يوسف
* لَهُ ۥ مُعَقِّبَـٰتٌ۬ مِّنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ يَحۡفَظُونَهُ ۥ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِۗ (11) الرعد
* إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُ ۥ لَحَـٰفِظُونَ (٩) الحجر
* وَحَفِظۡنَـٰهَا مِن كُلِّ شَيۡطَـٰنٍ۬ رَّجِيمٍ (١٧) الحجر
* وَجَعَلۡنَا ٱلسَّمَآءَ سَقۡفً۬ا مَّحۡفُوظً۬اۖ وَهُمۡ عَنۡ ءَايَـٰتِہَا مُعۡرِضُونَ (32) الانبياء
* وَحِفۡظً۬ا مِّن كُلِّ شَيۡطَـٰنٍ۬ مَّارِدٍ۬ (٧) الصافات
* وَحِفۡظً۬اۚ ذَٲلِكَ تَقۡدِيرُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ (١٢) فصلت
* وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَىۡءٍ حَفِيظٌ۬ (٢١) سبأ
* ٱللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيۡہِمۡ وَمَآ أَنتَ عَلَيۡہِم بِوَكِيلٍ۬ (٦) الشوري
* وَإِنَّ عَلَيۡكُمۡ لَحَـٰفِظِينَ (١٠) الانفطار
* إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) إِنَّهُ ۥ هُوَ يُبۡدِئُ وَيُعِيدُ (١٣) وَهُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلۡوَدُودُ (١٤) ذُو ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡمَجِيدُ (١٥) فَعَّالٌ۬ لِّمَا يُرِيدُ (١٦) هَلۡ أَتَٮٰكَ حَدِيثُ ٱلۡجُنُودِ (١٧) فِرۡعَوۡنَ وَثَمُودَ (١٨) بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِى تَكۡذِيبٍ۬ (١٩) وَٱللَّهُ مِن وَرَآٮِٕہِم مُّحِيطُۢ (٢٠) بَلۡ هُوَ قُرۡءَانٌ۬ مَّجِيدٌ۬ (٢١) فِى لَوۡحٍ۬ مَّحۡفُوظِۭ (٢٢) البروج
* (15) إِن كُلُّ نَفۡسٍ۬ لَّمَّا عَلَيۡہَا حَافِظٌ۬ (٤) الطارق
*** دعاء ( ربي احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي واعوذ بعظمتك ان اغتال من تحتي ) يكرر 7 مرات
كتبه / المشرف العام على الموقع
ن راحة القلب وطمأنينته، وسروره وزوال همومه وغمومه، هو المطلب الوحيد الذي يسعى إليه الجميع، وبه تحصل الحياة الطيبة، ويتم السرور والابتهاج.
لكن هناك حالات من اليأس والقلق والاكتئاب التي قد تصيب الإنسان فجأة، ولكن الله ليس بغافل أبدًا عن عباده، فجعل لهم القرآن الكريم وأوجد به آيات قرآنية تخرج الإنسان من حالة الضيق والهم والقلق والاكتئاب إلى حالة من الطمأنينة، فهي كأنها شيئ ساحر يمس الروح ويجعلها تشعر بأن الله معه، وما من عسر إلا وجاء بعده يسر.
فكان سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- في مرضه يدعوا ببعض السور والآيات من القرآن الكريم التي تريح النفس وتزيل الهم وتخرج من الضيق وتملأ القلب بالنور، وكان يعلمها لأصحابه -رضي الله عنهم:
1) فاتحة الكتاب.
2) آية الكرسي.
3) آخر سورة البقرة. “ءامَنَ الرَّسُولُ … فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ”.
4) “فتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ، وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ”.
5) “هُوَ الّذِيَ أَنزَلَ السّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوَاْ إِيمَانًا مّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلّهِ جُنُودُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا”.
6) الّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنّ الْقُلُوبُ”، “”وقالُواْ الْحَمْدُ للّهِ الّذِيَ أَذْهَبَ عَنّا الْحَزَنَ إِنّ رَبّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ”، “وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا”.
7) “إني توكلت على اللّه ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها”.
___________________________________
ويمنع نشر هذا الموضوع او نسخ جزء منه دون ذكر المصدر , كما يمنع ازالة الروابط , وجزى الله خيرا كل من نشره بين المسلمين
الشفيع أحمد :
يدل كل موضوع ورد فيه لفظ سكن في القرآن الكريم على أمر هو على خلاف الاضطراب والحركة ، من ذلك قوله تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ } (البقرة:35)، أي اتخذها مسكنا، وخصت الجنة بالسكن في تلك الآية وغيرها، لأن الجنة يعمها السكون أكثر مما تعمها الحركة.
وأيضا قوله تعالى: {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} (الأنعام:13)، بمعنى هدأ واستقر، والمراد سكن وما تحرك، وقوله تعالى: {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} (الأعراف:189).
وقوله: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ} (يونس:67)، فكلها بمعنى السكون، وهو الهدوء والبعد عن الاضطراب وما هو في دلالته تلك، ولا يخرج عما قلنا قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ } (البقرة:184)، والمسكين هو الذي أسكنته الحاجة وأذلته، وسمي بذلك لقلة تصرفه وحركته.
وكذلك قوله تعالى: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} (البقرة:61)، والمسكنة الخضوع، وهي بدورها مأخوذة من السكون. أي قلة الحركة بسبب الفقر، أو ما هو في مقامه في القوة على تقليل الحركة.
أما لفظ السكينة فهو وإن ورد بمعنى مفارقة الحركة والاضطراب في كل حالة عند الخوف أو الغضب أو الحزن إلا إنه يرد دائما بمعنى الطمأنينة والثبات. مما أدى لأن يوضع للسكينة تعريف أسهل وأبسط، فعرفت بأنها هي ما يجده القلب من الطمأنينة عند تنزل الغيب، فهي بالتالي نور في القلب يبعث على الاطمئنان والسكون.
يفيدنا التعريف السابق أن السكينة علوية المصدر، وليست ناشئة أو متولدة عن قوى القلب أو النفس، وإلا لكانت أخذت لها معنى هو أقرب إلى الوقار والوداعة منه إلى الطمأنينة.
لأجل هذا تطابق معنى السكينة مع الطمأنينة، بيد أن القرآن عندما استخدم لفظ السكينة ليعبر به عن طمأنينة القلب وثباته، لم يقف في حدود هذا المعنى وحده، بل تجاوزه إلى درجة أعطى فيها السكينة المعنى الذي صارت لموجبه لطفا إلهيا خالصا، خص به المؤمنين دون سواهم.
إن الذي جعل السكينة تنفرد بهذه الخاصية الفردية دون غيرها من الألفاظ قريبة الصلة بها في المعنى؛ مثل الطمأنينة والوقار، هي أنها كما قلنا منزلة من عند الله، ونزولها قد اقتضى أن تكون بمثابة التأييد والتقوية لعباده المؤمنين في حركتهم التعبدية.
اختلف الإسلاميون في ماهية السكينة بهذه الخاصية المتميزة، فمنهم من قال إنها روح من الله، ومنهم من قال إنها ملك يسكن في قلب المؤمن، ومنهم من رأى أنها ريح سريعة المرور، أي إنها أشبه بالإشعاع الإلهي الذي يفيض على القلب، فينعش بعد همود، ويسكن بعد اضطراب، ويقوى بعد ضعف.. وأمر كهذا يصعب تحديد ماهيته، وإن شعر وأحس به كل مؤمن عقب أي اضطراب يعتريه من سكون للمخاوف والأحزان.
والحق عزوجل ينزل هذه السكينة على عباده المؤمنين في حالتين.
الأولى: في حالة الاضطراب.
والثانية: في حالة التأييد والتقوية.
أما حالة الاضطراب فهي التي تنشأ نتيجة لموقف يجد فيه المؤمن نفسه عاجزا، لا حول له ولا قوة، فيحدث جراء ذلك العجز اختلال في قواه وارتباك في حركته، وتضارب في خواطره، وتردد في بواعثه ودوافعه، فيتولد من هذا كله الخوف والحزن، عندها تنزل السكينة على قلبه لتقضي على الاضطراب، ولتعطيه من القوة القلبية ما يساعده على التغلب على كل ما كان سببا في اضطرابه.
مثال ذلك قوله تعالى: { لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26)} (التوبة:25-26).
والمعنى أن الله تعالى أنزل السكينة على رسوله وعلى المؤمنين بعد أن عرض لهم الأسف والحزن والخوف حين وقوع الهزيمة بهم يوم حنين، فسكنت نفوسهم، واطمأنت قلوبهم، فازدادوا بها ثباتا وشجاعة، بحيث وجد الجميع أثر السكينة ملحوظا في تحول موقفهم المضطرب الذي لا ثبات فيه، إلى موقف فيه ثبات وشدة بأس، واطمئنانهم بعد هذا كله للكر بعد الفرار، ثم ظهرت آثار الموقف الجديد في هزيمة الكفار وتشتت شملهم.
ومن ذلك أيضا قوله: {إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)} (التوبة:40).
والمقصود هنا أن السكينة نزلت على أبي بكر الصديق “رضي الله عنه” ، لأنه خاف على النبي ” صلى الله عليه وسلم” من المشركين، فقال له رسول الله ” صلى الله عليه وسلم” «إن الله معنا» بالنصرة والحفظ {فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ } أي ألقى في قلبه ما سكن به من أن الكفار غير واصلين إليه، وأنهم لن يصيبوه بأذى.. حينئذ سكن جأشه وذهب روعه، وحصل له الأمن.
وأما حالة التأييد والتثبيت والتقوية فهي على العكس من الحالة الأولى، فلا نجد فيها الاضطراب، بل نجد فيها رضا وطمأنينة وتسليما بالحالة التي هو عليها، وهذه الحالة، أي: حالة الاطمئنان، ناشئة عن قلب المؤمن، لا واردة عليه، فتتحرك السكينة في هذه الحالة كجزاء له، فيثبت على ما هو عليه. ومثال هذه السكينة قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} (الفتح:4).
وهذه السكينة التي أنزلها الله على قلوب المؤمنين وفي الموضع المحدد لها، هي التي حصل بها من البصيرة والإيمان الحق ما تسكن معه النفوس، وهي بهذا إظهار لفضل الله على عباده المؤمنين، مما يعني أنها نعمة خالصة، بها يزدادون إيمانا على إيمانهم، ويقينا على يقينهم.
ومن ذلك أيضا قوله: {لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا } (الفتح:18)
والمعنى أن الله تعالى عندما علم ما في قلوب المؤمنين من صدق النية والعزيمة على الوفاء بعهدهم إلى رسول الله ” صلى الله عليه
وسلم” على السمع والطاعة، أنزل عليهم السكينة لتقوى بها قلوبهم حتى يقاتلوا بها عدوهم، فكانت سببا لفتح خيبر ومغانم كثيرة أخذوها عقب سقوط الحصن.
وعلى أي حال فإن السكينة في حال نزولها على قلب المؤمن تحدث أثرا واضحا في جسمه وفي نفسه، فأبرز ما تحدث في الجسم تلك الشارة الظاهرة التي تعرف بالوقار، والتي هي أقرب إلى الرزانة منها إلى اطمئنان الأعضاء، وإلى الحلم أقرب منها إلى ثقل البدن، لأن أثر السكينة في الجسم يكون للعقل وأحكامه أثر بارز فيها، وهي لأجل هذا زينة الجسم وجماله.
أما أثر السكينة على النفس، فالرفق الدائم والإطراق الذي لا وجوم فيه ولا تجهم، والغيبة الدائمة عن الخلق، غيبة لا غفلة معها ولا سهو، والشهامة التي لا طيش فيها ولا تهور، والإقبال الدائم على الخير، والنفور الطبيعي من الشر مهما قل
أو كثر.
المراجع :
1- الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، جار الله أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري، تحقيق علي
أحمد عبدالموجود، مكتبة العبيكان، الرياض، 1998م.
2- تفسير التحرير والتنوير، محمد الطاهر ابن عاشور، الدار التونسية تونس، دون تاريخ.
3- معجم المقاييس في اللغة، أبوالحسن أحمد بن فارس بن زكريا، تحقيق شهاب الدين أبوعمرو، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع- بيروت
1998م.