التربوية sbai  

اهمية صيام ايام 10 المباركة !!

 

في زحمة الحياة العينية القاسية التي تتجاوز بالمسلمين والناس أجمعين وفي غمرة التكالب على الدنيا والانشغال بزخرفها وزينتها والاغترار بأوهامها وأمانيها…..ترتكس الروح وتنتكس ويصاب الفؤاد ويتلوث بأكدار الدنيا وغبارها وتتوق النفس المؤمنة إلى هذا الفضاء الرحب وهذه المعاني السامية والمشاعر والأحاسيس الصادقة .

معرفة الله – الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء – تقلب ظروف بني آدم و عوز أرواحهم منزل الحين والآخر إلى نفحات إيمانية ونفوسهم إلى شحنات ربانية و قلوبهم إلى محطات يصلحون بها ما فسد فيه أو انحرف….فجعل لهم في أيام دهرهم نفحات يتعرضون لها فيغسلون بها أدران القلوب ويزيلون أثناء ساعاتها ودقائقها ما علق في الروح والنفس والفؤاد من سوء و ران وما تلبست به الجوارح من إثم وذنب ومعصية .

ليس من باب المبالغة أوالتهويل القول : إن أيام عشر ذي الحجة التي سيستهلها المسلمون تلك الليلة أو ليلة غد هي من أعظم العطاء والنفحات الإلهية التي امتن الله سبحانه وتعالى بها على عباده وتفضل بها على خلقه , وكيف لا وقد قابل فيها كل أصناف العبادات والطاعات من صلاة وصيام وصدقة وزكاة وحج وأوضح لله تعالى .

في تلك الأيام والليالي المبروكة يتوافد حجاج منزل الله الحرام و ضيوف الرحمن إلى أطهر بقاع الأرض وأقدسها لأداء طقوس شعيرة الحج والعمرة وإعلان منتى الخضوع والاستسلام لأوامر الله سبحانه وتوضيح قصد التبتل والانكسار لإله الأرض والسماء .

وفي أيام وليالي عشر ذي الحجة المبروكة يزداد بشكل مضاعف مكافأة الطاعات والعبادات والأعمال الصالحة للحاج ولغير الحاج إلى أضعاف مضاعفة , ويتبارى المتنافسون من عباد الله الصالحين إلى الشغل الصالح وفعل الخيرات وترك المنكرات لما فيها من الأجر والمكافأة الهائل .

أتى في الجديد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ ) . يَعْنِى أَيَّامَ الْعَشْرِ . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ : ( وَلاَ الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَىْءٍ ) سنن الترمذي برقم2440 وصححه الألباني .

كثيرة هي الإجراءات الصالحة التي لا ينبغي أن تمض المؤمن الحريص على تلقي نفحات الله في تلك الأيام قبل فواتها , و متعددة هي العبادات والطاعات التي لا يحسن بالمسلم أن يضيع واحدة منها في تلك الأيام والليالي العشر .

أولى تلك الإجراءات والطاعات هذه سنة النبي صلى الله عليه وسلم التي غابت عن عديد من المؤمنين ولا نكاد نجد لها تنفيذا واسعا في مجتمعات الموحدين , ألا وهي سنة الإكثار من التهليل والتكبير والتسبيح في تلك الأيام المبروكة , فقد أتى مسند الإمام أحمد عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله سبحانه وتعالى عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ ) .

أفاد الإمام البخاري رحمه الله : “كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله سبحانه وتعالى عنهما يخرجان إلى مكان البيع والشراء في أيّام العشر يكبران ويكبر النّاس بتكبيرهما”، وصرح كذلك : ” وقد كان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل أماكن البيع والشراء حتى ترتج منى تكبيرا” , كما كان ابن عمر رضي الله سبحانه وتعالى عنهما يكبر بمنى هذه الأيّام وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه، ومجلسه، وممشاه هذه الأيّام جميعا .

الصدقة والإنفاق في طريق الله والإكثار من أفعال البر والإحسان وقضاء حوائج المسلمين ودفع الأذى عنهم وحسن الجوار ونجدة الملهوف رابط الأرحام …….من الإجراءات الصالحة التي قد تغيب في بعض الأحيان عن عقول بعض المسلمين في تلك الأيام المبروكة نظرا لخطأ قصر الإجراءات الصالحة الواردة في الحديث الشريف على الصلاة والصيام والعبادات الشعائرية فحسب !!!

لاشك أن صوم الأيام التسعة الأولى من ذي الحجة سنة ومستبحة استحبابا صارما كما أفاد الإمام النووي رحمه الله لدخولها في عموم الشغل الصالح الوارد في الجديد السليم ولما ورد بخصوصها عن بعض أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم تحدثت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم بصيام تسع ذي الحجة، ويوم يوم عاشوراء، وثلاثة أيّام من شهرياً ) أبو داود وأحمد والنسائي .

ليس اغتنام أيام عشر ذي الحجة ولياليها وجوب روحية قلبية نفسية أخلاقية فحسب , بل هي ايضا وجوب حياتية دنيوية جسدية , فالصحة البدنية المأمولة و الحياة السعيدة المنشودة و……..لا من الممكن أن تُنال بغير طاعة الله ومرضاته .

مكونات الخطبة
1/ عوز العباد إلى مَواسِم روحانيَّة يُجدِّدون معها إيمانَهم 2/ فضائل العشر الأول من ذي الحجة 3/ أفضَلُ إجراءات المخلصين في الأيَّام العشر 4/ فضائل الإجراءات في العشر الأول من ذي الحجة 5/ الإكثار من الباقيات الصالحات 6/ ظروف المحرومين في العشر 7/ الأضحية أحكامٌ وآداب
اقتباس
لقد عَمَّ فضْل الله على أمَّة محمدٍ وطابَ، يومَ أنْ خصَّهم بأيَّامٍ فاضِلات يُضاعف فيها الثَّواب؛ (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ)، هذه العشر المبارَكات التي أشْرَقت أيَّامها، بخيرها وخَيْراتها، وأجرِها ومُضاعَفاتها، هذه العشر التي أوْدَع الله فيها من الفَضائِل ما لم يُودِعه في غيرها ..

معاشِرَ المسلمين: تقسُو القلوب وتَجفُّ الألسنة، يحلُّ الفتور وتتمكَّن الغَفلة، ويؤزُّ الشيطان النفسَ إلى هَواها أزًّا؛ (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا) [النساء: 28]، فيَحتاج العبْد في أيَّام دَهرِه إلى مَواسِم روحانيَّة يُجدِّد معها إيمانَه، ويُحاسِب فيها تقصيرَه، وينفض غبار الغَفلَة عن قَلبِه، وينمِّي في رُوحِه شعورَ العبوديَّة الحقَّةِ لله تعالى.

لقد عَمَّ فضْل الله على أمَّة محمدٍ وطابَ، يومَ أنْ خصَّهم بأيَّامٍ فاضِلات يُضاعف فيها الثَّواب؛ (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ) [الفجر: 1 – 2]، هذه العشر المبارَكات التي أشْرَقت أيَّامها، بخيرها وخَيْراتها، وأجرِها ومُضاعَفاتها، هذه العشر التي أوْدَع الله فيها من الفَضائِل ما لم يُودِعه في غيرها.

ويَكفِي استِشعارًا لفَضْلها أنَّ الجهاد في طريق الله، والذي هو ذروَةُ سَنَام الإسلام، وأعدَّ الله لأهْله مائةَ درجة في الجنَّة – لا يُرجعِل أجرُه وثوابه الشغلَ الصالح في مثْل تلك الأيَّام؛ صرح – صلَّى الله عليه وسلَّم -: “ما العمَلُ في أيَّام العشر أفضل من العمَل في تلك”، صرحوا: ولا الجهاد؟ أفاد: “ولا الجهاد، سوىَّ رجُل خرَج يُخاطِر بنفسه وماله، فلم يَرجِع بشيءٍ”؛ رواه البخاري.

وتحدث – صلَّى الله عليه وسلَّم -: “أفضَلُ أيَّام الدنيا أيَّام العشر”؛ رواه أبو يعلى والبزَّار وصحَّحه الألباني.

فحَرِيٌّ بأهل الإيمان، ومَن تَحاجزُوهم الجنَّة والرِّضوان، أنْ يستَعِدُّوا لتلك الأيَّام استِعدادَها، ويَقدُروها في النُّفوس حقَّ قدرِها.

يا أهل الإيمان: ها هي أيَّام الرحمن قد حَلَّ وقتها، فأحسِنُوا ضِيافَتها، وأَكرِمُوها بحسن اغتِنامِها، وملء صَحائِف الممارسات من ثَوابِها.

كم هو جميلٌ – عبادَ الله – أنْ تُستَقبل تلك الأيَّام بتحديث التوبة مع الله – تعالى – توبة يستَذكِر فيها المرءُ ماضيه، ويضَعُ ممارساتَه في ميزان المحاسَبة، فَيُبْصِر حينَها معاصيًا سوَّلَها الشيطان، وخَطِيئات زيَّنتها النَّفس الأمَّارة؛ فيُورِثه هذا ندَمًا على ما فات، ومُجافَاةً للذنب فيما هو آت، وما لزم عبدٌ بابَ الاستِغفار والتوبة فكان توَّابًا أوَّابًا، سوىَّ أشرَقتْ عليه شمس النجاح في دنياه، وسَرَّه ما يَلقاه في صحيفته في أُخرَاه.

صرح – صلَّى الله عليه وسلَّم -: “مَن أحبَّ أنْ تسرَّه صحيفتُه، فليُكثِر فيها من الاستغفار”؛ رواه البيهقي وغيرُه، وحسَّنه الألباني .

وإذا اجتَمَع للمسلم توبة نصوح مع أفعالٍ صالحةٍ في أزمنةٍ فاضلة، فقد تقلَّد الفَلاح، وتوسَّم التوفيق، (فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ) [القصص: 67].

إخوةَ الإيمان: وأفضَلُ أفعال المخلصين التي تُقدَّم في تلك الأيَّام حجُّ منزل الله الحرام، مَن أدَّاه بنيَّة خالصة واتِّباع صحيح، فهنيئًا له تكفيرُ السيِّئات، والفَوْز بالجنَّات؛ أفاد – عليه الصَّلاة والسَّلام -: “مَن حجَّ فلم يرفث ولم يَفسُق، رجَع كيوم ولدَتْه أمُّه”؛ رواه البخاري.

وفي الصحيحين أنَّ النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – أفاد: “والحجُّ المبرور ليس له جَزاء سوىَّ الجنَّة”.

يا أهلَ الصوم، بُشراكم تلك الأيَّام، فمع الصوم يُجاب الدُّعاء والنَّجوى، ويغرس في الفؤاد التقوى، ويُباعِد المرء وجهَه عن نارٍ تلظَّى، ويسطر الصائم اسمَه في ديوان أهل الريَّان، ولا تَسَلْ عقب هذا عن أجْر الصِّيام وثوابه؛ “سوىَّ الصيام، فإنَّه لي وأنا أجزي به”.

قفزَت عن رسولِ الهدى – أتْقَى الناس وأعبَد الخلْق – أنَّه كان يقوم بصيام تسع ذي الحجة؛ رواه الإمام أحمد والنسائي، وصحَّحه الألباني.

يا أصحابَ الأيادي البيضاء، وأهل الفَضل والعَطاء، ذلك مَوسِم الإنفاق والإحسان، ذلك مَوعِدٌ يُسَلُّ فيه الشُّحُّ من النُّفوس، فيا لله كم رسمَتْ أعطياتُكم البَملمح على الشِّفاه، وكم واسَتْ نفوسًا مَكلُومة، وكم كسَبَتْ قلوبًا استمرَّت وفيَّة لكم بالثَّناء والدُّعاء.

تذكَّروا – يا رَعاكُم الله – أنَّ تلك الصدَقات مبالغةٌ لكم في أموالكم، وأنَّ هذه الأعطيات هي في الحقيقة منكم وإليكم؛ (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ) [البقرة: 197]، وتحدث – تعالى -: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ) [سبأ: 39]، فأبشِرُوا أبشِرُوا بالعِوَض والمُضاعَفة، واسمَعُوا إلى تلك البشارة من نبيِّكم – صلَّى الله عليه وسلَّم – حين أفاد: “إنَّ الله يَقبَل الصدقة ويَشقيقُذها بيَمِينه فيُربِّيها كما يُربِّي واحد منُكم مُهرَه، حتى إنَّ اللُّذروة لَتَصِيرُ مثلَ أُحُد”؛ رواه الترمذي، وهو عصري صحيح.

وتَصدِيق هذا في كتاب الله – تعالى -: (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ) [التوبة: 104]، و(يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ) [البقرة: 276].

إخوةَ الإيمان: العَجُّ بالذِّكر وتَرطِيب الألسِنة بالتكبير والتهليل، شعارُ تلك الأيَّام، وعنوانٌ تتميَّز به، كيف لا؟ وقد خصَّهَا المولى – سبحانه – بأنها أيَّام ذكْرٍ لله؛ (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) [الحج: 28]. أفاد ابن عباس، ومجاهد،
وسعيد بن جبير: هي أيَّام العشر.

ولهذا كان رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – يُوصِي أصحابَه بقوله: “ما من أيَّامٍ أعظَمُ نحو الله ولا أحبُّ إليه من الشغل فيهنَّ من تلك الأيَّام؛ فأكثِرُوا فيهنَّ من التهليل والتكبير والتحميد”؛ رواه الإمام أحمدُ وغيره.

فيا مَن يَرجُو طمأنينة الفؤاد، هاكَ واحات الذِّكر قد تَلألأَتْ، فعِشْ معها نفَحات التكبير والتحميد، ونسمات التهليل والتمجيد.

لا تَنْسَ الإكثارَ من الباقيات الصالحات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله سوى الله، والله أضخم.

لا تَغفُل عن الكلمتَيْن الخفيفتَيْن على اللسان، الثقيلتَيْن في الميزان، الحبيبتَيْن للرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله الكبير.

وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تعم ما بين السماء والأرض، ومَن صرح: “سبحان الله الكبير وبحمده، غُرِسَتْ له بها نخلةٌ في الجنَّة”، و”لا بشأنَ ولا قوَّةَ سوىَّ بالله كنزٌ من كنوز الجنَّة”.

إلى غير هذا من فضائل الذكر التي يَضِيق المقام عن عَدِّها؛ (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [فصلت: 35].

فيا مَن يرجو الله واليومَ الآخر، ها هي أيام المضاعَفة، وسُوق المرابحة، فالغنيمةَ الغنيمةَ بالذهاب للخارج منها بأربَحِ المَكاسِب، وأجزل المَواهِب.

وإذا شاهدتَ من نفسك حضوراً ، فزِدْ فيها أعمالاً.

إِذَا هَبَّتْ رِيَاحُكَ فَاغْتَنِمْهَا *** فَإِنَّ لِكُلِّ عَاصِفَةٍ سُكُون
وَلاَ تَغْفُلْ عَنِ الإِحْسَانِ فِيهَا *** فَمَا تَدْرِي السُّكُونُ مَتَى يَكُون

عباد الله: ومع فضائل العشر ومنحها تغفُل نفوسٌ، وتفتر هِمَم، فتجعل من تلك الأيام الصالحات مَوسِمًا للبطالة والقيل والقال، والسهر والتسمُّر في مواجهة القنوات.

مغبونٌ واللهِ مَن مرَّت به تلك العشر، فلم يحظَ منها بمغفرة، أو تُقَل له عَثْرَةٌ.

محرومٌ والله مَن انصَرَف عن طاعة ربِّه، فلم يَخشَعْ قلبُه لحظةً، ولم تذرف عينُه دمعةً.

شقيٌّ مَن ساءَتْ خَلِيقته، وأحاطَتْ به خَطِيئته، فهامَ في أودية الآثام، وغاصَ في لُجَجِ الذنوب والحَرام، لم يَعرِف للعشر فضلاً، ولم يعظِّم للزمن شرفًا، فأيُّ رُقاد أعظم من ذلك الإفلاس، وأيُّ جلوس أقوى من ذلك الإبلاس.

معاشرَ المؤمنين: وكما أنَّ الطاعات في مَوسِم الخيرات يَزداد شرفُها، ويَعظُم أجرُها، فكذا الذنوب في الأزمِنة الفاضلة يَعظُم جرمُها، ويَزداد قبحُها؛ صرح شيخ الإسلام ابن تيميَّة – رحمه الله -: “والذنوب في الأيَّام الفاضلة والأمكِنة المفضَّلة تغلظ، وعِقابها بقَدْرِ فضيلة الدهر والمكان”؛ ا.هـ.
فاتَّقوا الله أيُّها المسلمون، واغتَنِموا فُرَصَ الحياة، وسَوانِح الزمن، فلا ندري والله هل نُدرِك مثلَ تلك الأيَّام الفاضِلات مرَّات ومرَّات، أم نكون من المُجندَلِين في قبورهم، المُرتَهنين على أعمالهم؟!

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) [آل عمران: 133].

بارَك الله لنا ولكم في القُرآن الهائل، ونفعَنِي وإيَّاكم بهدْي سيِّد المرسلين، أقول ما سمعتُم وأستَغفِر الله لي ولكم، فاستَغفِروه وتوبوا إليه، إنَّه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

أما عقب … ومن تَمام التقوى ولزوم الإحسان شُكْرُ المولى – عزَّ وجلَّ – والتقرُّب إليه بذبح الأضاحي، سنَّة سنَّها الخليلُ – عليه السلام – وتأسَّى به الأنبِياء، وتَبِعَهم المؤمنون عبر حِقَبِ الزمان الماضي.

أقامَ النبيُّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – بالمدينة عشرَ أعوام مُداوِمًا على الأضحية.

روى البخاري ومسلم عن أنسٍ أنَّ النبيَّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – ضحَّى بكبشَيْن أملحَيْن أقرنَيْن، ذبَحَهما بيده، وسمَّى وكبَّر، ووَضَع رجلَه على صِفاحهما.

وتلك الأضحية – عبادَ الله – لها أحكامٌ وآداب، منها:

– أنها في أصلها حكمه مستحبَّة غيرُ واجبة، على السليم من أقوال أهل العلم.

– ومَن أراد أنْ يُضحِّي فيجب عليه أنْ يُمسِك عن شعره وأظفاره، فلا يأخُذ منه شيئًا؛ صرح – عليه الصلاة والسلام – : “إذا شاهدتُم هِلالَ ذي شعيرة الحجَّة وأراد واحد منُكم أنْ يُضحِّي، فليُمسِك عن شَعرِه وأظفارِه”؛ رواه مسلمٌ في صحيحه.

ومَن شقيقَذ من شعره وظفره لاحتياجٍ، فلا شيءَ عليه، ومَن قصَّ من شعره وظفره لغير حاجَةٍ وجبَتْ عليه التوبةُ وعدَم الرجوع، ولا كفَّارة عليه، وذلك الحكم في المنْع من شقيقْذ الشعر والأظفار خاصٌّ بصاحب الأضحية، أمَّا الأهل والأبناء ومَن يُضَحَّى عنهم، فلا يَلزَمُهم هذا.

ومن أحكام الأضحية:

– أنَّه يُشرَع للمُضحِّي أنْ يأكُل من أضحيته، ويُهدِي ويتصدَّق كما صرح – سبحانه -: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) [الحج: 28]، وصرح أيضًا: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) [الحج: 36]، والقانع: هو السائل المتذلل، المعتر: هو المتعرض للعطية دون سؤال.

– أنْ تُذبح في الوقت المحدَّد لها، ويَبدَأ وقتُ الذبح من في أعقاب صلاة العيد، ويطولُّ وقتُها إلى غُرُوب شمس يوم الثالث عشر.

– ويجب – عبادَ الله – أنْ تصل الأضحية العمرَّ المُجزِئ شرعًا؛ للغنم سنة، وللضَّأن والكَبْش ستَّة أشهر، وللإبل خمس أعوام، وللبقر سنتان.

– ويجب أيضًا أنْ تكون الأضحية صحيحةً سليمةً، شاغرة من الخلل والنقائص، وخيرُ الأضاحي أغلاها وأنفَسُها نحو أهلها.

أفاد شيخ الإسلام – رحمه الله -: “والأجر في الأضحية على قدْر المقدار مطلقًا”.

ذلك، وإنَّ ذبْح الأضحية على الوجْه المشروع هو من تعظيم مناسك الله، وسبيلٌ لحصول التقوى؛ (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) [الحج: 32]، (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ) [الحج: 37].

فطِيبُوا بأضاحيكم نفسًا، وكُلُوا منها، وتهادوا وتصدَّقوا، نسأَلُ الله – عزَّ وجلَّ – أنْ يتقبَّل من الجميع صالِحَ الشغل، وأنْ يجعَلَنا من المُسارِعين إلى الفَضْل قبلَ إجابات الأجل.

إنَّ هذه الأيام العشر هي الأيام المعلومات المخصوصة بالتفضيل في محكم الآيات، في قوله تعالى: (وَالْفَجْرِ {1} وَلَيَالٍ عَشْرٍ {2}) (الفجر)؛ إذ أقسم الرب جلّ جلاله بها لشرفها.

ورسول الهدى صلى الله عليه وسلم يقول: “ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله، من هذه الأيام”، يعني أيام العشر، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله، قال: “ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء” (رواه البخاري).

إنَّ هذا العمل الصالح الذي يحب الله تعالى الإكثار منه في هذه الأيام خاصة، يتضمن الصلاة والصيام والصدقة بالمال وسائر أفعال البر والإحسان.

بالنسبة للصلاة، فيستحب الإكثار من السنن والنوافل، ففي الحديث: “ما زال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها”، كما ورد عن رسولنا صلى الله عليه وسلم قوله: “مَنْ صلى اثنتي عشرة ركعة بنى له الله في الجنة غرفة”.

وبالنسبة للصيام، ففي هذه الأيام كان بعض السلف يصومون عشر ذي الحجة كلها، وبعضهم يصومون بعضها؛ لأنَّ هذه الأيام أفضل أيام الدنيا من أجل أنَّ فيها يوم عرفة الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: “أفضل أيامكم يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي عشية يوم عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير”، ولما سُئل عليه الصلاة والسلام عن صوم عرفة، فقال: “يكفِّر السنة الماضية والباقية” (رواه مسلم).

أما بالنسبة للصدقة، فلها شأنٌ كبير وأجر كثير؛ لكونها في هذه الأيام تصادف من الفقير، له ولعياله في يوم العيد موضع حاجة وشدة فاقة، لما يتطلبه الفقير من حاجة النفقة والكسوة وسائر المؤنة الضرورية.

ومما يستحب في هذه الأيام الفاضلة الجهر بالتكبير في عشر ذي الحجة في المساجد وفي الأسواق والطرق، جهراً لا يؤذي أحداً، ففي صحيح البخاري أنّ ابن عمر وأبا هريرة كانا يخرجان إلى السوق فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما، حتى إنَّ للسوق ضجة بالتكبير: “الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد”.

وبالنسبة للأضحية فإنها سُنة ثابتة بالكتاب والسُّنة، يقول سبحانه: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ {2}) (الكوثر).

ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية يقول: ” أيام عشر ذي الحجة ولياليها أيام شريفة ومفضلة، يضاعف الشغل فيها، ويستحب فيها الاجتهاد في العبادة، وازدياد عمل الخير والبر بشتى أشكاله، نرجو المزيد من التفاصيل؟” وبعد عرضه أتت الإجابة كالتالي:

صرح تعالى : {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ}.. [الفجر: 1-2]، وقد ذهب عديد من المفسرين حتّى تلك الليالي هي العشر من ذي الحجة، والتي يرتبط بها الكثير من القرارات والآداب والفضائل، ومنها:

أولًا: فضل العشر الأُوَل من ذي الحجة:
أيام عشر ذي الحجة ولياليها أيام شريفة ومفضلة، يضاعف الشغل فيها، ويستحب فيها الاجتهاد في العبادة، وصعود عمل الخير والبر بشتى أشكاله، فالعمل الصالح في تلك الأيام أفضل من الشغل الصالح فيما سواها من بقية أيام السنة، فقد روى ابن عباس رضي الله سبحانه وتعالى عنهما أفاد: أفاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ» يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ».. أخرجه أبو داود وابن ماجه وغيرهما.

ثانيًا: حكم صوم الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة:
يستحب صوم الأيام الثمانية الأولى من ذي الحجة ليس لأن صومها سنة، ولكن لاستحباب الشغل الصالح بصفة عامة في تلك الأيام، والصوم من الإجراءات الصالحة، وإن كان لم يرد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صيام تلك الأيام بشأنها، ولا الحث على الصوم بشأنه في تلك الأيام، وإنما هو من جملة الشغل الصالح الذي تحميس النبي صلى الله عليه وآله وسلم على فعله في تلك الأيام كما مر في عصري ابن عباس.

ثالثًا: حكم صيام يوم يوم عرفة:
صيام يوم عرفات سُنة فعلية فعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقولية تشجيع عليها في كلامه السليم المرفوع؛ فقد روى أبو قتادة رضي الله سبحانه وتعالى تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أفاد: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ».. أخرجه مسلم، فيسن صيام يوم يوم عرفة لغير الحاج، وهو: اليوم التاسع من ذي الحجة، وصومه يكفر سنتين: سنة ماضية، وسنة مستقبلة كما ورد بالحديث.

رابعًا: حكم صوم يوم العاشر:
يحرم باتفاقٍ صوم يوم العاشر من ذي الحجة؛ لأنه يوم عيد الأضحى، فيحرم صيام يوم عيد الفطر، ويوم عيد الأضحى، وأيام التشريق، وهي ثلاثة أيام في أعقاب يوم النحر؛ وهذا لأن تلك الأيام حظر صومها؛ لحديث والدي سعيد رضي الله سبحانه وتعالى عنه: “أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ؛ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ النَّحْرِ” رواه البخاري ومسلم واللفظ له.

وجديد نبيشة الهذلي رضي الله سبحانه وتعالى تعالى عنه أفاد: أفاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ للهِ».. أخرجه مسلم في “صحيحه”.

خامسًا: ومن الآداب في عشر ذي الحجة لمن يعزم على الأضحية:
ألا يمس شعره ولا بشره؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا».. أخرجه الإمام مسلم في “صحيحه” عن أم سلمة رضي الله سبحانه وتعالى عنها.

والمراد بالنهي عن أخذ الظفر والشعر:
النهي عن إزاحة الظفر بقَلْم أو كَسْر أو غيره، والمنع من إزاحة الشعر بحلق أو تقصير أو نتف أو إحراق، أو أخذه بنورة أو غير هذا، وسواء شعر الإبط والشارب والعانة والرأس وغير هذا من إحساس بدنه، والنهي عن هذا كله محمول على كراهة التنزيه وليس بحرام.

والحكمة في النهي:
أن يوجد كامل الأجزاء ليعتق من النار، والتشبه بالمحرم في شيء من آدابه، وإلا فإن المضحي لا يعتزل السيدات ولا يترك الطيب واللباس وغير هذا الأمر الذي يتركه المحرم.

فتبين لنا الأمر الذي في مرة سابقة فضل الشغل الصالح في الأيام العشر الأولى من ذي الحجة، واستحباب صوم الأيام الثمانية الأولى؛ لأن الصيام من جملة الشغل الصالح، وسنية صيام يوم يوم عرفة، وحرمة صيام يوم العاشر، وهو يوم العيد.

ويتضح لنا عدم دقة عبارة صوم العشر من ذي الحجة؛ لاشتمالها على ما يحرم صومه وهو يوم العيد.
أخي الحبيب

في تلك الأيام تحن قلوب عديد من المؤمنين إلى منزل الله الحرام، ومن رحمته أن جعل موسم العشر الأوائل من ذي الحجة مشتركاً بين الحجاج وغيرهم ممن حبسه العذر، فـ(من لم يبلغ إلى المنزل لأنه منه بعيد فليقصد رب المنزل فإنه أكثر قربا إلى من دعاه ورجاه من حبل الوريد ومن فاته في ذلك العام القيام بعرفة فليقم لله بحقه الذي عرفه) 1.

فضل العشر الأوائل من ذي الحجة

أقسم الله عز وجل في كتابه لشرفها وعظمها أفاد تعالى: والفجر وليال عشر أفاد ابن عديد رحمه الله: (المُراد بها عشر ذي الحجة) كما قاله ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغيرهم وصرح تعالى ويذكروا اسم الله في أيام بيانات أفاد ابن عباس: (أيام العشر) وهى جملة الأربعين التي واعدها الله عز وجل لموسى عليه السلام وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر. وفي البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم صرح: “”ما من أيام الشغل الصالح فيها أحب إلى الله من تلك الأيام” (يقصد العشر)، أفادوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في طريق الله؟ صرح صلى الله عليه وسلم: “ولا الجهاد في طريق الله، سوى رجل خرج بنفسه وماله فلم يعود من هذا بشيء””. وقد دل الجديد على أن الشغل في تلك الأيام العشر أحب إلى الله من الشغل في أيام الدنيا كلها من غير استثناء شيء منها، وإذا كان أحب إلى الله فهو أفضل عنده. أفاد الحافظ بن حجر في الفتح: (والذي يتضح أن الداعِي في امتياز العشر من ذي الحجة لموضع مؤتمر أمهات العبادة فيه وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتي هذا في غيره). وفيها يوم عرفات الذي أقسم الله عز وجل به في كتابه فقال: والشفع والوتر فهو الشفع وهو الشاهد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “الشاهد يوم يوم عرفة والمشهود الجمعة” 2، وهو أفضل الأيام ففي الجديد: “أفضل الأيام يوم يوم عرفة” 3، وهو يوم مغفرة المعاصي والتجاوز عنها والعتق من النار والمُباهاة بأهل الموقف؛ ففي الجديد: “ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم يوم عرفة، وأنه ليدنو ثم يباهى ملائكته فيقول ما أراد هؤلاء” 4. ففي الجديد “صوم يوم يوم عرفة أحتسب على الله أن يُكفّر السنة التي قبله والتي بعده” 5.

كيف نستقبل ذلك الموسم الكبير؟

– بالتوبة الصادقة النصوح وبالإقلاع عن المعاصي والذنوب؛ فإن المعاصي هي التي تحرم الإنسان فضل ربه وتحجب قلبه عن مولاه.

– ايضاً تُستقبل مواسم الخيرات بالعزم الصادق الجادّ على اغتنامها بما يُرضي الله سبحانه وتعالى؛ فمن صدق الله صدقه الله، ونية المؤمن خير من عمله.

– من نوى الأضحية فعليه ألا يأخذ شيئاً من أشعاره وأظفاره منذ أول يوم في شهر ذي الحجة؛ ففي الجديد “إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يُضحّي فليمسك عن شعره وأظفاره حتى يُضحّى” 6.

ما يستحب من الإجراءات في تلك الأيام

يلزم المحافظة عليها في جماعة والتبكير إليها والإكثار من النوافل وقيام الليل؛ فإن هذا من أفضل القربات؛ ففي الجديد: “عليك بكثرة السجود؛ فإنك لن تسجد لله سجدة سوى رفعك الله بها درجة وحط عنك خطيئة” 7.

الصوم
لدخوله في الممارسات الصالحة؛ ففي المسند والسنن عن حفصة أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم “كان لا يدع صوم يوم عاشوراء والعشر وثلاثة أيام من شهرياً”. وفي سنن والدي داود عن بعض أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم “كان لا يدع صوم تسع ذي الحجة ويوم يوم عاشوراء وثلاثة أيام من شهرياً”، وقد كان عبد الله بن عمر يصومها، صرح الإمام النووي عن صيام أيام العشر أنه حكمه مستحب استحباباً صارماً.

القيام
مُستحب وقد كان سعيد بن جبير إذا دخل العشر اجتهد اجتهاداً حتى ما يكاد يقدر عليه، ورُوي عنه أنه أفاد: (لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر) تعجبه العبادة.

الإكثار من الذكر والدعاء
ففي مسند الإمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاد: “ما من أيام أعظم نحو الله ولا أحب إليه الشغل فيهن من تلك الأيام فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد”.

عن ابي هريرة وافق اللّه عنه عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم صرح‏:‏ “لَيْسَ شَيْءٌ أكْرَمَ على اللَّهِ تَعالى مِنَ الدُّعاء” 8.

سرور تدخله على مسلم

فعن جعفر بن يزيد، عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده رضي الله سبحانه وتعالى عنهم صرح: أفاد عليه الصلاة والسلام: “ما أدخل رجلٌ على مؤمنٍ سروراً سوى خَلَقَ الله عزَّ وجل من هذا الفرح والسعادة ملكاً يعبد الله عزَّ وجل ويوحِّده، فإذا صار العبد في قبره، أتاه هذا الفرح والسعادة فيقول: أما تعرفني؟! فيقول له: مَن أنت؟ يقول: أنا الفرح والسعادة الذي أدخلتني على فلان، أنا اليوم أونس وحشتك، وألَقِّنك حجتك، وأثبتك بالقول الثابت، وأشهدك مشاهدك الآخرة، وأشفع لك إلى ربك، وأريك منزلتك في الجنة”.

فضل الأضحية وثوابها

“ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من إراقة دم، وإنها لتأتي الآخرة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله عز وجل بموضع قبل أن يحدث على الأرض، فطيبوا بها نفساً” 9.

وفي الجديد “سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الأضاحي: فقال: “سنة أبيكم إبراهيم”، صرحوا: “ما لنا منها؟” صرح صلى الله عليه وسلم: “بكل شعرة حسنة”. أفادوا: “فالصوف؟”، أفاد صلى الله عليه وسلم: “بكل شعرة من الصوف حسنة”” 10.

فالبدار البدار أخي الحبيب،

أيام مباركة فيها من المنح المولوي الكريم لعباده المؤمنين، إمكانية لتنسم عبق الأنس الرباني وتذوق حلاوة القرب منه سبحانه، أيام مقرونة بشعيرة شعيرة الحج لنشارك ضيوف الرحمن وهم على عتبات الكعبة والبلد الحرام معاني التوبة والبكاء على الله والدعاء، فبشرى لعبد تذكر واعتبر وتفكر واتعظ وأيقظ مشاعره فاغتنم وأتى بكلياته على مناشدة مولاه.

اللهم أنهض هممنا إليك لطلب ما عندك، وحقق رجاءنا بقربك، ولا تجعلنا من المحرومين.

آمـين.

يحتفل الدروز كل سنة, بعيد الأضحى المبارك, وتسبق الإحتفالات, سهرات ليالي العشر المباركة, التي أصبحت تقليدا سنويا متبعا, وسُنّة توحيدية معروفة, ومنهجا دينيا متفقا عليه, في أوساط الدروز في كل مكان. وهذه الليالي, هي متعة روحية ودينية فائقة, بالنسبة لرجال الدين, الذين يقومون بواجباتهم الدينية, خلال كافة أيام السنة, فهم ينتظرونها بفارغ الصبر, طوال أيام العام, لأنهم يشعرون خلال وجودها, نوعاً من التسامي والتعالي, والشعور بالتألق الروحاني, وبالنشوة الدينية, وبالمتعة الفكرية, حيث تنفتح أمامهم, خلال هذه الأيام, أبواب السماء, وينظرون بأفكارهم, الى ما وراء هذا الكون, والى ما يوجد خلف الحُجب, والى عوالم جديدة مثيرة, موجودة في عالمنا هذا, لكننا لا نشعر بها, خلال حياتنا العادية.
في هذه الليالي, تُتلى النصوص المذهبية, وتُنشد الأشعار الروحانية, وتُسمع المواعظ الاجتماعية, وهذا يتم عادة, في كافة الاجتماعات الدينية المتّبعة لدى أبناء التوحيد. لكن الخاص في ليالي العشر, هو ان ذلك يكون مركَّزاً خلال ايام متتالية, وبانتظار عيد الاضحى المبارك. وهناك الكثيرون من الدروز المتدينين, الذين لا تسمح لهم اعمالهم وأشغالهم, بأن يقصدوا الخلوات في المواعيد المحددة دائماً, ولكن في ايام العشر, يحاولون بقدر الإمكان, حضور جميع السهرات, والإستمتاع بكافة الاجتماعات, لأن في ذلك فرصة لا تُعوَّض إلا بعد سنة. وهذا التركيز, وهذا التجمع, يخلق جواً فريداً من نوعه عند رجال الدين, بحيث يفتح القلوب, وينقّي الأذهان, ويروِّض الاجسام, ويدفع الانسان الى التطلع الى آفاق جديدة, وأطر حديثة, لم يعهدها من قبل, وفيها أفكار وحيوات وعناصر لم يألفها, حيث ان الانسان في حياته اليومية, يعيش من لحظة الى لحظة, ياكل ويشرب, ويبني نفسه وينتبه فقط الى مسافة قريبة أمامه.
وفي هذه الأيام, يُفسح المجال امام الانسان المتدين, الذي يحضر كافة السهرات الدينية, ان يتعمّق بمذهب التوحيد, وأن يكتشف فيه خلايا جديدة, وأن يتبحّر بكنوزه ومعادنه, وأن يصقل معلوماته ومداركه, وهذا بحد ذاته, امر كبير, لأن كل دين التوحيد مبني على النشوة الروحية, وليس على المكاسب المادية, فهذا المذهب, الذي يعتمد على الفكر والعقل والكلمة, هذا المذهب هو الذي يدفع المؤمن الى فيض من الافكار والمعلومات والتطلعات, مجرداً من المواد المحسوسة, ومترفعاً عن الشهوات الجسمانية العادية, وبعيداً عن كل الملذات الحياتية الرخيصة, فالمؤمن الذي يتّبع مذهب التوحيد, عندما يتركز في روحانيات المذهب, ينظر الى مباهج الحياة بازدراء, ويشعر الى اي مدى يقتل الانسان اخاه الانسان, من اجل منصب, او مركز, او مادة, او غنى,او نفوذ, وهو يتطلع بسخط, على اولئك الذين يتدافعون وراء المادة, ويتهافتون على السلطة والنفوذ, وعلى اولئك الذين يتقاتلون ويتصارعون, من اجل اشياء زائلة لا قيمة لها احياناً.
إن المتدين الذي يحضر هذه السهرات, ويستوعب كل ما يسمع فيها, يصل الى عيد الاضحى المبارك, مهياً تهيئة روحانية, لتقبل ايام العيد الكبير, بالحلة الفكرية المناسبة, خاصة اذا حاول في هذه الايام, بقدر الامكان, ان يترفّع عن الشؤون الدنيوية الرخيصة, التي يزاولها كل يوم. وهناك عدد من المشايخ الاتقياء,  يقومون بمزاولة الصيام المستمر, خلال هذه الايام العشرة المباركة, وإذا صاموا طبعا عن الأكل, فإنهم يصومون عن كل العادات الحياتية اليومية الاخرى, التي يزاولونها في الايام العادية, وهذه فضيلة محبذة, يتسم بها الاتقياء من رجال الدين, سنة بعد سنة, وتُكسبهم الشعور بأنهم يؤدون واجباتهم الروحانية على اكمل وجه.
وليالي العشر, والسهرا ت الدينية, مفتوحة أمام كافة ابناء الطائفة, بحيث يستطيع كل فرد, ان يضع غطاء على رأسه فقط, وأن يدخل الخلوة, ويحضر القسم الاول من السهرة, وهناك عشرات الشباب, الذين يدأبون كل سنة, على حضور سهرات ليالي العشر المباركة, وهم يقولون انهم يشعرون بنشوة كبيرة فيها, وكـأنهم يتزوَّدون بقوت روحاني كبير لباقي ايام السنة. وحبذا لو حاول كل فرد منا, ذكراً أم أنثى, ان يفكر خلال ايام العشر, ان يتوجه الى احدى الخلوات القريبة منه, وأن يحضر السهرة, وأن يجتمع برجال الدين, وان يشاهد مجلسهم, ويسمع حديثهم, ويرى بأم عينيه, ما يجري في مجالسهم, فهو بذلك يحظى بفائدة كبيرة, وبمكسب شخصي, وإذا حاول كل فرد منا, ان يعمل شيئا ما لنفسه ولطائفته ولمجتمعه, فإن المحصِّلة الجماعية, تكون بأن يقوى المجتمع باسره, وأن تُثبَّت اركان الطائفة كلها, وأن يتوجه ضمير الانسان الى الخير والمحبة والتآخي والتفاهم. وكل انسان منا يصلِّح ما بنفسه, فإننا جميعاً, نصل بمجتمعنا كله الى الخير والإصلاح.

 


 

ساعات عمل اقل في ليالي العشر

توصلت الرئاسة الروحية والمجلس الديني, في السنة الأخيرة, إلى إنجاز كبير, يتعلق بليالي العشر المباركة, وهو عقد اتفاق مع الدولة, يتم بموجبه, منح كافة الموظفين الدروز, في جهاز الدولة, من معلمين وشرطة وموظفين, ساعتين كل يوم من الدوام, بحيث يتمكن كل موظف, من ترك العمل قبل ساعتين من الموعد المحدد, لكي يستطيع الوصول إلى بيته, وحضور سهرات ليالي العشر المباركة, وسيبدأ العمل بهذا الإتفاق إبتداء من هذه السنة.

تقبل الله فيها الصلوات والدعوات، والهم الشباب والفتيات، الصغار منهم والصغيرات، والكبار والكبيرات، إلى حسن السلوك والتوبات، فالزمان قد ولى وفات، ولم يبقى منه إلا أيام وسويعات، فتيقظوا قبل الفوات .

قال تعالى : ” والفجر وليال عشر”، وأيضا يقول تعالى : ” ويذكروا اسم الله في أيام معلومات “، وقال تعالى أيضا : ” ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ “، و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر. يعني العشر الأوائل من ذي الحجة، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد”  صدق الله ورسوله .

إن الليالي العشر هم عشرة أيام من شهر ذي الحجة، وهو الشهر الثاني عشر من السنة القمرية أو التقويم الهجري، المبني على دوران القمر كما الأشهر الميلادية على دوران الشمس، وهذه العشرة أيام التي تسبق عيد الأضحى المبارك، الذي يحتفل فيه الدروز والمسلمين في كافة أرجاء المعمورة، وهي أيامً مباركة وتسمّى “ليالي العشر الفضيلة” ويتخلل أيام العشر يوم “الوقفه الصغيره” ويوم “الوقفه الكبيره” تيمنا بوقوف الحجاج على جبل عرفات تذكيرا بوقفة البرايا أمام باريها يوم الحساب.

وعيد الاضحى هو إحياء لتضحية سيدنا إبراهيم الخليل بابنه عليهما السلام ليمتحنه الله بإيمانه، فلما وجدهما صادقين راضيين مسلمين افتداه الله بكبش ومن هناك جاءت التضحية من الأضحى، وما اجمل من يضحي بنفسه في سبيل خالقه وهو القربان العظيم والجهاد الحقيقي الاكبر.

وفي ذات الموقع، قام سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام بترميم البيت، الذي بناه سيدنا ادم عليه السلام ليكون بيتا تحجه الناس، وبقي هذا البيت سنين طويلة محجة للناس، حتى مجيء الإسلام فصار ركنا في الإسلام، وله مناسكه وقوانينه، ومن خلال هذه العشرة أيام تتم فيها مناسك الحج إلى بيت الحرام أو البيت العتيق في مكة المشرفة ويتم الطواف حول الحجر الأسود  وفي اليوم التاسع يكون يوم عرفة ووقفة عرفات أو ما يسمى بيوم الحج الأكبر، ويكون اليوم العاشر من ذي الحجة أول أيام عيد الأضحى المبارك، حيث ينحر حجاج بيت الله الحرام الاكباش لتوزع على الفقراء والمساكين لتكون نفقة وتضحية لقوله تعالى : ” فصلّ لربك وانحر إن شانئك هو الابتر” وأيضا : “لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون”.

إن عيد الأضحى لدى الموحدين الدروز يذكرهم في يوم القيامة ومحاسبة الله للخلق كافة على أعمالهم،  من حسنات وسيئات، حيث ترى الناس من كل حدب ينسلون وعلى ربهم يعرضون، لذلك يعطي الدروز لهذا العيد قيمة كبرى، كونه يمثل يوم القيامة ويوم الحساب ويوم الجزاء للثواب والعقاب، ويعتبرون العشر الليالي التي تسبقه مناسبة عظيمة لمحاسبة النفس والوقوف على مدى التقصير والضعف وإهمال الطاعات والرجوع إلى الخالق بالمغفرة والاستغفار واستشعار يوم الحساب والخوف من النار،  فيؤمون بيوت العبادة زرافات زرافات لأداء الصلوات والابتهالات للعلي القدير أن يجعلهم من جملة من يحظون برضوانه وغفرانه، ويأتي أيضا من الزمنيين الذين لم تعقد التوبة في قلوبهم لسماع الوعظ والإرشاد والتراتيل لتتغذ نفوسهم بالشيء القليل من علم الدين.

لذلك الليالي العشر معناها الرجوع إلى المعرفة اليقينية والتقرب من الله بصالح الأعمال، والامتناع عن كل ما يغضب الله وأنبياءه، والابتعاد عن المعاصي والسيئات صغيرها وكبيرها، واجتثاث الشر من القلب وتطهيره من فكر السوء وأيضا عمل الحسنات ومساعدة الفقراء والمحتاجين والإكثار من عمل الخير والمعروف ومساعدة الغير بالإضافة إلى زيارة الأقارب وأفراد العائلة والأصدقاء وأيضا الحذر في الطرقات لاكتظاظها بالسير في مثل هذه الأوقات، والابتعاد عن إيذاء الناس بالمفرقعات والسرقات، وإصلاح ما فسد بين الإنسان وخالقه والإنسان وأخيه ليكون محاسبة كلية، وعلى كل واحد منا أن يصفح عن أخيه ليصفح عنه خالقه، كما جاء في حديث السيد افلاطون الحكيم : “عليك بشيئين تذكرهما وشيئين تنساهما، الذي تذكرهما إحسان الناس إليك واسائتك للناس، والذي تنساهما إساءة الناس إليك وإحسانك للناس”، فإذا فعل كل واحد منا بهذه المقولة لسقط من بيننا البغض والكره وذهبت من بيننا العداوات.

وأخيرا جعلني الله وإياكم ممن يتقرب إليه بخالص الأعمال، وحسن النوايا والسجايا والخلال، ونزع من صدورنا الغل والأحقاد، وبصّرنا بعيوب أنفسنا وألهمنا في هذه الأيام وكل الأيام إلى التوبة والإنابة، وغفر لنا ما تقدم وما تأخر من الذنوب والأوزار، انه ولي ذلك ، جعلها الله أياما مباركة مليئة بالروحانيات وصفاء النيات، وتقبل منا التوبات، وكل عام والجميع بألف خير .

الحمد لله الذي هدانا للإسلام وهيأ لعباده وسائل زيارة بيته..

دخلت علينا أيام العشر من ذي الحجة، تلك الأيام المباركة التي فضلها الله على ما سواها وأقسم بها تعظيماً لشأنها {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} قال غير واحد من علماء الصحابة والسلف والخلف إنها عشر ذي الحجة وبيَّن نبينا صلى الله عليه وسلم فضلَ العملِ الصالح فيها فقال فيما رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن عدا النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما :” مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ” والعمل الصالح بابٌ واسعٌ شاملٌ لجميعِ أوامرِ الله الواجبِ منها والمستحب ومن العملِ الصالحِ والطاعاتِ المشروعةِ في هذه العشر الإكثار من ذكر الله كالتهليل والتحميد والتكبير والتسبيح وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم :” مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ” رواه أحمد بسند صحيح عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما وقد شرع الله في هذه العشر التكبيرَ وهو قسمان : مطلق ومقيد فالتكبير المطلق يكون في هذه العشر وأيام التشريق وأما التكبير المقيد بأدبار الصلوات فيبدأ لغير الحاج من فجر يوم عرفة وللحاج من ظهر يوم العيد ويستمر إلى صلاة العصر في اليوم الثالث من أيام التشريق وقد كَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا رواه البخاري

ومن الأعمال الصالحة والقربِ المباركةِ في هذه العشر وفي كل زمان الصيام ولا شك أنَّ الأيامَ الفاضلةَ الصوم فيها أحب إلى الله وأكثر أجرا فمن قدر على صيام شيء من هذه العشر فأجره على الله ومن ضعفت همته فلا أقل من صيام يوم عرفة لغير الحاج فقد جاء عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ” ومن الأعمال الصالحة في هذه العشر الحج إلى بيت الله الحرام الذي هو أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام تلك الشعيرة العظيمة التي أمر الله نبيه إبراهيم أن ينادي في الناس بها فقال له :{ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} فتقاصر إبراهيم صوته عن البلاغ فقال الله له عليك الأذان وعلي البلاغ فرقى إبراهيم على مرتفع قيل هو جبل أبي قبيس فنادى في الناس بالحج فأسمع الله صوته كل شيء حتى من في الأصلاب فأجابه من أجابه لبيك اللهم لبيك تلك التلبية التي يجلل بها صوت الحجاج والعمار إجابة لنداء الله تعالى على لسان خليله فكلُ من حجَّ أو اعتمرَ فقد أجابَ نداء الله فأجيبوا أيها المسلمون نداء الله بالتوجه إلى تلك البقاع المقدسة آمين البيت الحرام تبتغون فضلاً من الله تعالى ، فما أجمل وفادة المسلم على الله تعالى وما أجمل وأروع مشاركة المسلمين عندما يفدون إلى الله مرتدين شبه لباس المسافر إلى الآخرة يرددون لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إنَّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك إنه لعمل عظيم ومنظر هائل يثلج الصدور من ناحية ويذكرها ويعظها من ناحية أخرى ، منظر رؤية الوافدين إلى الله مختلفي الأجناس واللغات جاءوا إلى المشاعر المقدسة من كل فج عميق ممتطين رواحلهم منفقين أموالهم تاركين لأهليهم وأوطانهم ومصالحهم إرضاءً لله, جاءوا لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وليَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ جاءوا لحضورِ أكبِر مجمعٍ إسلاميٍ وأروع مشهد روحي يتجلى فيه الحق جل جلاله على عباده عشية عرفة فَيَقُولُ:هَؤُلاءِ عِبَادِي جَاءُونِي شُعْثًا غُبْرًا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرْجُونَ رَحْمَتِي , وَيَخَافُونَ عَذَابِي , وَلَمْ يَرَوْنِي , فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي؟فَلَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ رَمْلِ عَالِجٍ , أَوْ مِثْلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا , أَوْ مِثْلُ قَطْرِ السَّمَاءِ ذُنُوبًا غَسَلَ اللَّهُ عَنْكَ ” رواه الطبراني وحسنه الألباني لذلك مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنْ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ إِلَّا مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ”

إن الحج موسم عظيم ومغنم كريم وإنّ سبلَه قد يُسرت فاغتنموا الحياة بالإكثار من الحج والعمرة فقد شرع الله الحج والعمرة لمصالح العباد وجاءت النصوص مبينة حسن عاقبة الحج على أهله في الدنيا والآخرة ففي الدنيا وفرة الأرزاق ومتابعة الخلف ومحاربة الفقر والذنوب قال تعالى :{ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :”تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةُ “وفي الآخرة وما أدراكم ما جزاء الحج المبرور في الآخرة إن جزاءه جنةُ الخلد التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :”الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ” البخاري ومسلم . وتظهر صفات الحج المبرور في قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم “مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ” وفي قوله عندما سئل صلى الله عليه وسلم ما بر الحج ؟ قال : « إطعام الطعام ، وطيب الكلام » حديث حسن، فاغتموا أيها المسلمون هذه الفضائل خاصة أولئك الذين لم يسبق لهم أداء فريضة الحج رغبة في هذا الفضل العظيم وإظهاراً لشكر الله على نعمه فقد أتيح لنا أمن السبيل ووفرة وسائل الراحة من تيسر وسائل النقل بصفة لم يكد يحلم بها أي إنسان. قال صلى الله عليه وسلم:”إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا ” لبوا هذا النداء فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “تَعَجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ يَعْنِي الْفَرِيضَةَ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ”واحذروا أن تؤخروه يا من أقدركم الله على الحج . والقدرة التي لا تعذر معها أيها المسلم والمعبر عنها باستطاعة السبيل هي أن تكون صحيح البدن وعندك من المال ما ينفق عليك ذهاباً وإياباً ومن تعولهم حتى رجوعك. فيا من يملك ذلك ممن بلغ الحلم رجلاً كان أو امرأة لها محرم . احذروا أن تؤخروه فقد توعدتم وهددتم بقوله تعالى {ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } وعن أبي إمامة رضي الله عنه قال بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : « مَنْ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ الْحَجِّ حَاجَةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ سُلْطَانٌ جَائِرٌ أَوْ مَرَضٌ حَابِسٌ فَمَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ فَلْيَمُتْ إِنْ شَاءَ يَهُودِيًّا وَإِنْ شَاءَ نَصْرَانِيًّا » الدارمي والبيهقي في السنن الكبرى . ومن الأعمال الصالحة في العشر المباركة الأضحية وسأتحدث عنها في الخطبة الثانية. أيها المسلمون إن أيام عشر ذي الحجة غرة في جبين الدهر لا تتكرر في العام إلا مرة فكيف ستكون الهمم للطاعة حين تستثار؟ أين موقعنا في السباق حين تضمر جياد الآخرين ؟ ما شعورنا بقيمة الزمن ؟ وما تقديرنا لمواسم الطاعة ؟ هل نشعر بالفرح وقد أدركناها ؟ وهل نحن من العاملين المخلصين الذين أكرموا بمجيئها ؟ ليس يخفى أنَّ الجهاد هو ذروة سنام الإسلام فإن عجزنا عن الجهاد ففي الأعمال الصالحة في هذه العشر المباركة فرصةٌ للتعويض ووسيلةُ لبلوغ أجرِ المجاهدين . والحذرَ كلَّ الحذرِ من المعاصي خاصةً في هذه الأيام فقد سئل شيخ الإسلام عن عقوبة المعاصي في الأزمنة الفاضلة فقال :” المعاصي في الأيام الفاضلة والأمكنة الفاضلة تغلَّظ وعقابها بقدر فضيلة الزمان والمكان ” بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

** ** **

يقول تعالى{ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}وقال تعالى{ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }قال تعالى{ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ}

الأضحية شعيرة من شعائر الإسلام،وعبادة عظيمة قرنها الله تعالى بالصلاة وجاءت السنة النبوية ببيان فضلها ومواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها . والأضحيةُ هي كل من يذبح من بهيمة الأنعام أيام الأضحى بسبب العيد تقرباً إلى الله تعالى . الأضحيةُ عبادةٌ مشروعةٌ بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين فأدلتها من الكتاب ما تقدم، وأما السنة فمنها ما جاء في الصحيحين عن أنس ابن مالك قال :” ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ” وفيهما عن البراء ابن عازب رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم :”مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ “وعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ يُضَحِّي ” رواه أحمد والترمذي . وفي صحيح مسلم عَنْ جُنْدَبِ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ :”شَهِدْتُ الْأَضْحَى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ بِالنَّاسِ نَظَرَ إِلَى غَنَمٍ قَدْ ذُبِحَتْ فَقَالَ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيَذْبَحْ شَاةً مَكَانَهَا وَمَنْ لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ” وأما الإجماع فقد نقله غير واحد من أهل العلم قال ابن قدامة في المغني :”أجمع المسلمون على مشروعية الأضحية ” والأضحيةُ واجبةٌ على المستطيع قال شيخ الإسلام ابن تيمية :” والأظهر وجوبها فإنها من أعظم شعائر الإسلام ، وهي النسك العام في جميع الأمصار،والنسك مقرون بالصلاة،هي من ملة إبراهيم الذي أمرنا باتباع ملته . وأمَّا وقتُ الأضحية فأولُ وقتٍ لها بعد صلاة العيد وينتهي وقتها بغروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق فمن ذبح قبل صلاة العيد فشاته شاة لحم وليست بأضحية وعليه أن يذبح أخرى مكانها عن جُنْدَبَ بْنَ سُفْيَانَ الْبَجَلِيَّ رضي الله عنه قَالَ :”شَهِدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُعِدْ مَكَانَهَا أُخْرَى وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ” ويشترط في الأضحية التي يضحى بها ما يلي:
1-أن تكون ملكاً للمضحي
2ـ وأن تكون من بهيمة الأنعام ( الإبل والبقر والغنم ).
3ـ وأن تبلغ السن المعتبرة شرعاً فمن الإبل ما تم له خمس سنين ومن البقر ما تم له سنتان ومن المعز ما تم له سنة ومن الضأن ما تم له ستة أشهر.
4ـ أن تكون سالمةً من العيوب المانعةِ من الإجزاء

وهذه العيوب قد وردت في حديث البراء ابن عازب قال:” قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ الْعَوْرَاءُ بَيِّنٌ عَوَرُهَا وَالْمَرِيضَةُ بَيِّنٌ مَرَضُهَا وَالْعَرْجَاءُ بَيِّنٌ ظَلْعُهَا وَالْكَسِيرُ الَّتِي لَا تَنْقَى” والمقصود بالكسير التي لا تنقي العجفاء التي ليس فيها مخ ويلحق بها العمياءُ والمبشومةُ وما أخذتها الولادة والتي أصابها سبب الموت كالمنخنقةِ والموقوذةِ، والعاجزةُ عن المشي لعاهة ومقطوعةُ أحد اليدين والرجلين فهذه عيوب تمنع من الإجزاء وهناك عيوب مكروه في الأضحية لا تمنع من الإجزاء العضباء وهي مقطوعة الأذن والقرن والبخقاء وهي التي ذهب بصرها وبقية العين قائمة والبتراء وهي التي قطع ذيلها ومقطوع الذكر بخلاف مقطوع الخصيتين فلا تكره التضحية به لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى به ولأنَّ الخصاءَ يزيد في سمنه وطيب لحمه. والهتماءُ وهي التي سقط بعض أسنانها قياساً على العضباء التي قطع قرنها. ويستحب للمضحي أن يأكل منها ثلثاً ويهدي ثلثاً ويتصدق بثلث وله أن يدخر من لحمها ما يشاء{ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} ومما يجدر التنبيه إليه أنَّ من أراد الأضحية فعليه أن يمسك عن الأخذ من شعره وظفره وبشرته شيئا من دخول العشر حتى يذبح أضحيته لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم عن أم سلمة :” إِذَا دَخَلَتْ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا” وفي رواية :”فَلْيُمْسِكْ عَنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِه”ومن تعمد الأخذ منها فعليه التوبة والاستغفار ولا فدية عليه بإجماع العلماء.وأمَّا حلق اللحية فهو حرام في العشر وغيرها وفيه تشبه بالمجوس والمشركين “خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ”وينبغي أن يعُلم أنَّ النهي يخص صاحب الأضحية دون الزوجة والأولاد إلا إذا كان لكل واحد منهم أضحية تخصه .صلوا وسلموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أمر بذلك ربكم
بسم الله الرحمن الرحيم

* حافز لاغتنام العشر بالأعمال الصالحة :
قال صلى الله عليهم وسلم ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ، يعني أيام العشر… الحديث عند البخاري .
قال ابن رجب رحمه الله في لطائف المعارف ( وقد دل هذا الحديث على أن العمل في أيامه أحب إلى الله من العمل في أيام الدنيا من غير استثناء شيء منها . وإذا كان أحب إلى الله فهو أفضل عنده ).

* قاعدة موسمية ينبغي لمحب فعل الخير أن يغتنمها :
قال ابن رجب رحمه الله ( واعلم أن مضاعفة الأجر للأعمال تكون بأسباب منها المكان المعمول فيه ذلك العمل كالحرم ، ولذلك تضاعف الصلاة في مسجدي مكة والمدينة …… ومنها شرف الزمان كشهر رمضان وعشر ذي الحجة )

* فهل من مشمر في هذه العشر المباركة :
نصيحة أخوية لنجاح برنامج العشر:
أ‌- حاول أن تفرغ نفسك من الشواغل والالتزامات الأخرى وليكن همك الطاعة والتعبد لله تعالى في هذه العشر .
ب‌- أشعر من حولك من الناس بحرصك على استغلال العشر في فعل الخير والعمل الصالح ، ولك اجر الاقتداء إن شاء الله .
ج- تذكر عمل اجر وثواب هذه الإعمال الصالحة العشر لتجد لذة كل عمل تفعله في رضاه .
د- اغتنم نهار هذه العشر ما استطعت إلى ذلك سبيلا فلعلها هي المقصودة في قوله صلى الله عليه وسلم (ما من ايام من العمل الصالح …. )

البرنامج التعبدي والخيري المقترح لمن أدرك العشر :

الطريقة الأولى : الإكثار من تلاوة القران الكريم وأهديك ثلاث طرق للتنفيذ :
الأولى : لكل يوم من العشر جزء كامل .
الثانية : لكل يوم من العشر جزءان.
الثالثة : ختم القران في هذه العشر .

الطريقة الثانية : ممارسة التبكير إلى الصلوات الخمس في المسجد والانشغال بالطاعات التالية :
أ‌- الدعاء ومنه ((سؤال الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة))
ب‌- ذكر الله تعالى ومنه الإكثار من قول ((سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم فهي ثقيلة في الميزان))
ج- قراءة شيء من القران الكريم . والجمع بينهما حسن وممكن .
الطريقة الثالثة :صلوات لا تغفل عنها طوال العشر :
1- ركعتا الضحى . 2- صلاة الوتر . 3- ركعتا ما بعد الوضوء. 4- الصلاة القبلية والبعدية للصلوات الخمس والاستعداد لصلاة الجمعة.

الطريقة الرابعة : إلقاء كلمة في احد المساجد تحمل عنوان ( فضل العشر وكيفية اغتنامها في الخير والطاعة ) لا تنس توزيع هذا البرنامج بعد الكلمة و لك اجر الدلالة على الخير .

الطريقة الخامسة : إحياء هذه الساعات الثلاث بالذكر والدعاء والاستغفار والصلاة وقراءة القران وهي:
الساعة الأولى : قبل طلوع الفجر – وخاصة الاستغفار .
الساعة الثانية : بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس ومنه أذكار بداية اليوم .
الساعة الثالثة : بعد صلاة المغرب إلى صلاة العشاء .
اقترح عليك أخي المسلم إن تحيي هذه الساعات في بيت من بيوت الله تعالى (المسجد).فتكسب دعاء الملائكة المقربين ((اللهم اغفر له اللهم ارحمه)) .

الطريقة السادسة : ذكر من حولك من الأهل والأقارب والأصدقاء بفضائل الأعمال الصالحة في هذه العشر و لك اجر التذكير فالذكرى تنفع المؤمنين . (استخدم الجوال أو البريد الالكتروني لتنفيذ هذه الطريقة )

الطريقة السابعة : صيام أكثر العشر باستثناء يوم العيد فان الصيام لا مثل له في الآجر
(الصيام لي وانأ اجزي به) رواه البخاري .

الطريقة الثامنة : احرص على الكلام الذي ترجو ثوابه عند الله :
تهليله وتحميده وتكبير وتسبيح وحوقلة واستغفار وكلمة طيبه وقول معروف وإنكار منكر والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم و أصلاح المجتمع …الخ . فكان النبي عليه الصلاة والسلام لا يتكلم الا بما يرجو ثوابه . قال الله تعالى (لا خير في كثير من نجواهم )
الطريقة التاسعة : اختر يوما من العشر وقتا من اليوم وزر المقبرة وتأمل في أحوال الموتى وسلم وادع لهم وسوف تجد النتيجة . (الحماس لفعل الطاعات أكثر)

الطريقة العاشرة : الإكثار من قول (لا اله إلا الله والحمد لله والله اكبر) في سائر ايام العشر سواء كنت لوحدك بين اهلك في سيارتك أو بين أصحابك …الخ.
الطريقة الحادية عشرة :الحرص على الصيام يوم عرفه فانه يكفر سنتين من الخطايا والذنوب مع وضع برنامج عبادي منذ أن تصبح إلى إن تمسي مليء بالطاعة والنفع الكثير (جدول يوم عرفة).

الطريقة الثانية عشرة : تفطير بعض الصائمين يوم عرفه و لك مثل أجور صيامهم دون إن ينقص ذلك من أجورهم شيئا واقترح عليك تفطير 1- جماعة المسجد – الأقارب – الأصدقاء – الوافدين من الجاليات المسلمة
(فطر ولو شخصا واحدا)

الطريقة الثالثة عشرة: (اليوم الدعوي) والمقصود تخصيص يوم من أيام العشر لممارسة مجموعة من البرامج والأنشطة الدعوية ذات طابع توجيهي من خلال وسائل عدة للتأثير في الآخرين . (لاتنس الدعاء قبل البدء بالمشروع) .

الطريقة الرابعة عشر : احصر بعض الأقارب والأرحام وقم بزيارتهم وتذاكر معهم الأمور التالية :
1- فضل الأعمال الصالحة في هذه العشر .
2- فضل صيام يوم عرفة .
3- توزيع هذا البرنامج عليهم .
4- توزيع كتيب أو شريط أو مطويات تتعلق بأعمال الخير .

الطريقة الخامسة عشر : (فكره مثالية) اختر من الطاعات والعبادات ما تستطيع أن تمارسه خلال هذه الأيام المباركة ثم اعمل بها ما استطعت إلى ذلك سبيلا . استعن بكتاب : المتجر الرابع في ثواب العمل الصالح أو كتاب الترقيب والترهيب للمنذري (وعلى المسلم أن يختار من وجوه الخير والطاعة ما يكون أكثر ثوابا عند الله )

الطريقة السادسة عشرة : أبدا يومك بصدقة لتحضى بدعاء الملكين ليكن لك في كل يوم من ايام العشر صدقة تفرح بها فقير أو مسكيناً أو محتاجاً .

الطريقة السابعة عشرة : اغتنم أي فرصة خير ساحنه لك في هذه العشر بل اصنع أنت فرص الخير
(حضور جنازة والصلاة عليها ، دعوة إلى الله ، أطعام الطعام …)

الطريقة الثامنة عشرة : التأدب بآداب العيد ،ومنها التطيب والتجمل . لبس الجديد . إظهار الفرح . التوسعة على العيال التكبير والتهليل والتحميد دبر الصلوات الخمس .

الطريقة التاسعة عشرة : توزيع هذا البرنامج على كل مسلم تلقاه تذكيرا وتحفيزا له على اغتنام مواسم الخير في طاعة الله تعالى .

الطريقة العشرون : وأخيرا استصحب نية الخير والعمل الصالح طوال هذه العشر فأنت بخير ما دمت تنوى الخير وكن سببا في فعل الطاعة أو اعن عليها يحصل لك الأجر كما لو با شرتها.

فكرتان للجادين:
• اختر حديثاً نبوياً واحداً فقط وقم بتطبيقه خلال هذا اليوم .ما رأيك أن تختار 360 حديثاً وتضعه في مفكرتك السنوية وتطبق كل يوم حديثاً نبوياً شريفاً.
• لا تترك ما اعتدته من عبادة أو خير فتحرم نفسك الأجر وتكون ممن انشغل قلبه عن الله .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين

رجاء إلى أخي على طريق الدعوة :-
حق على من قرأ هذه الرسالة واستفاد منها خيراً أو دعوة أو تحفيزاً ألا ينساني من دعائه الصالح ودعوته المباركة – وليقل :-
اللهم ادخله الجنة واجعله مباركاً أينما كان ووفقه لخدمة الإسلام والمسلمين إلى أن يلقاك .اللهم أمين.
و جزاك الله خيراً على هذا الدعاء و لك بمثل ذلك
الايام العشر المباركة” ،،،،،،،،،

” روى البخاري رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام – يعني أيام العشر – قالوا : يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء ) .
وروى الإمام أحمد رحمه الله عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( ما من أيام أعظم ولا احب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد )

——————————————-
اخواني واخواتي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
مااجمل من ان نذكر بعضنا البعض ،، وهاهي الايام تمر سراعا من عمرنا ونحن في غفلة مع زحمة الحياة ،،،
الشهور تعود ،،،والايام تعود،،،،، ولكن لا ندري من منا سوف تعود عليه هذه الايام وهذه المناسبات الطيبة الجميلة ؟؟ ،،،
اسال االله سبحانه وتعالى ان يبغلنا واياكم فضل هذه الايام العشر المباركة من شهر ذو الحجه ،،،وان يعيدها علينا وعليكم وعلى كافة المسلمين والمسلمات بموفور الصحة والعافية .
فلنكثر فيها الاستغفار والتسبيح والصلاة والصيام والدعاء والصدقة ،،
وهي دعوة ايضا للتسامح والصفاااء ،، فمااجمل من ان نترك خلفنا ذكرى جميلة يتذكرنا بها احبتنا ،،،

” وكل عام وانتم بخير ”
1. السؤال أيهما أفضل: العشر الأواخر من رمضان أم عشر ذي الحجة؟

المفتي : الشيخ عبدالعزيز بن باز
الجواب عشر الأواخر من رمضان أفضل من جهة الليل؛ لأن فيها ليلة القدر،والعشر الأول من ذي الحجة أفضل من جهة النهار؛ لأن فيها يوم عرفة، وفيها يوم النحر،وهما أفضل أيام الدنيا، هذا هو المعتمد عند المحققين من أهل العلم، فعشر ذي الحجةأفضل من جهة النهار، وعشر رمضان أفضل من جهة الليل، لأن فيها ليلة القدر وهي أفضلالليالي، والله المستعان.

السؤال: أيهما أفضل العشر الأول من ذي الحجة أم العشر الأواخر من رمضان؟
المفتي عبد العزيز آل الشيخ
الجواب: كلتا العشرين لهما فضل، العشر الأخيرة من رمضان لها فضل، والعشر الأول من ذي الحجة لها فضل، لكن يقول بعض العلماء: يمكن الجمع بأن يقال: إن الفضل في العشر الأخيرة من رمضان خص بالليالي؛ ولهذا النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يحيي ليالي العشر الأخيرة من رمضان بالصلاة والذكر وتلاوة القرآن، وليالي العشر الأخيرة من رمضان ترجى ليلة القدر في إحدى لياليها، وإن كانت الأوتار أكد من الأشفاع. وعلى كل حال العشر الأخيرة من رمضان موضع ليلة القدر؛ لهذا فضلت ليالي العشر الأخيرة من رمضان، أما عشر ذي الحجة فقد جاء في الحديث قوله -صلى الله عليه وسلم-: “ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر” [صحيح البخاري الجمعة (969)، سنن الترمذي الصوم (757)، سنن أبو داود الصوم (243، سنن ابن ماجه الصيام (1727)].فخص الفضل بالأيام، ومع أن ليالي العشر الأخيرة من رمضان فيها خير، لكن اليوم يطلق على النهار .

2. كتاب الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى حول أحكام الأضحية :

خطبة الكتاب
الفصل الأول : فى تعريف الأضحية وحكمها
الفصل الثانى : فى وقت الأضحية
الفصل الثالث : فى جنس ما يضحى به وعمن يجزىء ؟
الفصل الرابع : فى شروط ما يضحى به , وبيان العيوب المانعة من الإجزاء
الفصل الخامس : فى العيوب المكروهة فى الأضحية
الفصل السادس : فيما تتعين به الأضحية وأحكامه
الفصل السابع : فيما يؤكل منها وما يفرق
الفصل الثامن : فيما يجتنبه من أراد الأضحية
الفصل التاسع : فى الذكاة وشروطها
الفصل العاشر : فى آداب الذكاة ومكروهاتها

3. سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏
ما رايكم فيما قاله الفقهاء رحمهم الله من انه يسن الاكل من كبد الاضحية‏؟‏ وهل عليه دليل‏؟‏

فاجاب فضيلته بقوله‏:‏ يسن الاكل من اضحيته، والاكل من الاضحية عليه دليل من الكتاب والسنة،
قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَكُلُواْ مِنْهَا وَاَطْعِمُواْ الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ‏}‏‏.‏ والنبي عليه الصلاة والسلام، امر بالاكل من الاضحية،
واكل من اضحيته، فاجتمعت السنتان القولية، والفعلية‏.‏

واما اختيار ان يكون الاكل من الكبد فانما اختاره الفقهاء، لانها اخف واسرع نضجاً،
وليس من باب التعبد بذلك‏.‏

فتاوى ابن عثيمين
المجلد السادس عشر

4. السؤال: كان النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم لا يُفْطِرُ حتى يأكلَ من أضحيتِه،
فهل الأكلُ عامٌّ من أيِّ جزءٍ من الأُضحية أو -كما يقول العامَّة- مِن الكَبِدِ،
وما حكمُ تخصيصِ الأكلِ مِنَ الكبد؟ وبارك الله فيكم.

الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وأصحابه وإخوانه إلى يوم الدين،
أمّا بعد:

فالثابتُ من حديث بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قال: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لاَ يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ،
وَلاَ يَطْعَمُ يَوْمَ الأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ»(***1633;-
أخرجه الترمذي في «أبواب العيدين» (542)، وابن حبان (2812)، وابن خزيمة (1426)، من حديث بريدة بن الحصيب
الأسلمي رضي الله عنه. قال ابن الملقن في «البدر المنير» (5/70): «حسن صحيح»، وصحّحه الألباني في «مشكاة المصابيح» (1440))، وفي رواية:
«وَكَانَ لاَ يَأْكُلُ يَوْمَ النَّحْرِ حَتَّى يَرْجِعَ»
(***1634;- أخرجه ابن ماجه في «الصيام» (1756)، من حديث بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه. وصحّحه الألباني في «صحيح ابن ماجه» (1756)).

والحكمةُ من فِعْلِهِ صلَّى الله عليه وآله وسلم موافَقَتُهُ للفقراء -كما ذهب إليه أهلُ العلم-؛ لأنّ الظاهرَ
أَنْ لا شيءَ لهم إلاّ ما أطعَمَهُمُ النَّاسُ من لحومِ الأضاحِي، وهو متأخِّرٌ عن الصَّلاة، بخلاف صدقةِ الفِطْرِ،
فإنها متقدّمةٌ عن الصلاةِ، وقد ذُكِرَتْ حِكمةٌ أخرى وهي: لِيَكُونَ أَوَّلَ ما يَطْعَمُ من أضحيته امتثالاً لقوله تعالى: ***64831;فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ***64830; [الحج: 28]، سواءً قيل بوجوبه أو بِسُنِّـيَّنِهِ.

هذا، وقد وردت سُنَّتُهُ في مُطلقِ الأكلِ من غير تحديدِ عُضْوٍ أو تخصيصِ مَوْضِعٍ، وإنما جاء اختيار الكَبِدِ
في لسانِ بعضِهم لا -من جهة التعبُّدِ لافتقاره إلى دليل يعضده- وإنما الجاري عادةً كونُ الكبدِ أخفَّ الأعضاء
انتزاعًا وأسرَع نُضْجًا وأسهلَ هضمًا.

والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد
وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.
الجزائر في: 26 من ذي القعدة 1427***65259;
الموافق ***65247;: 17 ديسمبر 2006م

الشيخ أبو المعز فركوس
رد مع اقتباس رد مع اقتباس
28-Oct-2011, 01:45 PM #2 أبو أسامة سمير الجزائري أبو أسامة سمير الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
تاريخ التسجيل
Aug 2009
الدولة
بلعباس بالغرب الجزائري
المشاركات
959
افتراضي رد: فوائد حول العشر المباركة من ذي الحجة و يوم النحر و أيام التشريق

5. هذا جزء من خطبة الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى في فضل العشر من ذي الحجة :

….. أيها المسلمون، إننا في هذه الأيام نستقبل أياماً فاضلة وهي: أيام عشر ذي الحجة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم:
«ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله ؟
قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلاً خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء»(45)
فأكثروا أيها المسلمون، أكثروا في عشر ذي الحجة من ذكر الله، وتكبيره، وتحميده، والتهليل، وقراءة القرآن، والصلاة،
والصدقة وغير ذلك من الأعمال الصالحة؛ من أجل أن تفعلوا ما يحبه الله عزَّ وجل، ومن ذلك أن تصوموها
فإن الصيام من أفضل الأعمال الصالحة كما جاء في الحديث الذي أخرجه النسائي – رحمه الله تعالى – في سننه عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عنهن أجمعين وفيه
«وكان يصوم تسعاً من ذي الحجة»(46)؛ لأن الله – تعالى – يقول:
«كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشرة أمثالها إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به»(47)،
لكن مَنْ كان عليه قضاء من رمضان فليبدأ بقضاء رمضان قبل صيام التطوع، ويجوز أن يصوم قضاء رمضان في هذه الأيام العشر
ويحصل له فضل الصيام فيها؛ لأنه يصوم صوماً واجباً، واعلموا أن من نعمة الله على عباده أن
مَنْ لم يحج من المسلمين فقد شرع الله له أن يضحي في بلده لقوله تعالى:
لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ” [الحج: 28]،
«والأضحية سنَّة مؤكدة»(4 كما جاء في الحديث الذي أخرجه الشيخان البخاري ومسلم – رحمهما الله تعالى – من حديث أنس رضي الله تعالى عنه،
لكنها للأحياء فقط كما سيتبين لنا إن شاء الله تعالى، «ومَنْ أراد منكم أن يضحي فإن من رحمة الله ونعمته ولطفه به أن نهاه أن يأخذ من شعره أو من ظفره
أو من بشرته شيئاً، فلا يجوز لمن أراد أن يضحي أن يأخذ شيئاً من شعره لا من رأسه ولا من شاربه ولا من إبطه
ولا من عانته، ولا يأخذ شيئاً من ظفره، ولا يأخذ شيئاً من بشرته أي:
من جلده، فلا ينتف جلده كما يفعله بعض الناس في أعقابهم أو في عراقيبهم فإن بعض الناس ينقضها وينتفها وهذا في أيام عشر ذي الحجة
محرّمٌ لنهي النبي – صلى الله عليه وسلم- عنه، واعلموا أن هذا النهي من نعمة الله علينا والحمد لله،
ومن رحمة الله بنا؛ لأجل أن نشارك الحجاج في بعض شعائر الحج، فإن الحجاج ممنوعون من حلق رؤوسهم وكذلك هؤلاء الذين
يضحون ممنوعون من أخذ شيءٍ من شعرهم وبشرتهم وظفرهم ليكون لهم نصيب ولو قليلاً يشاركون به الحجاج حيث
فاتهم الحج فكان هذا من نعمة الله عزَّ وجل، ويتبيَّن لكم أنه من نعمة الله: أنه لولا أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – نهى
عنه لكان التعبد بتركه من البدع فلما نهى عنه صار تركه من العبادات التي يؤجر الإنسان عليها ويثاب عليها»(49) .

أيها الناس، اعلموا أن هذا الحكم وهو تحريم أخذ الشعر والأظفار والبشرة يختص بمن يضحي دون مَن يضحى عنه، وأما مَنْ يضحى عنه
وهم أهل البيت فإنه لا حرج عليهم أن يأخذوا من شعورهم وأظفارهم وبشرتهم؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – إنما نهى
مَنْ يضحي فقط ولم ينهَ مَن يضحى عنه؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم كان يضحي عنه وعن أهل بيته ولم ينقل أنه كان ينهى
أهل بيته عن الأخذ من شعورهم وأظافرهم وبشرتهم وهذا دليل على أنه
لا يحرم على أهل البيت أن يأخذوا شيئاً من الشعور أو الأظفار أو البشرة، والأصل براءة الذمة والحل؛
حتى يقوم دليل على التحريم .

أيها المسلمون، إن بعض الجهال الذين ابتلاهم الله بالإصرار على حلق لحاهم وهو معصيةٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مخالفٌ لهدي
الأنبياء والمرسلين والصالحين، موافقٌ لهدي المجوس والمشركين، فحلقُ اللحية محرمٌ وهو مخالف لشعار المسلمين .

هؤلاء الذين ابتُلوا بهذا سمعنا أن بعضهم يترك الأضحية خوفاً من أن يمتنع من حلق لحيته في أيام العشر وهذا من السفه العظيم، كيف تترك
هذه العبادة من أجل أن تعصي الله في هذه الأيام العشر ؟ إن هذا لمن السفه، فاتقِ الله يا أخي، والزم سنة نبيك محمد
صلى الله عليه وسلم، وإني لمتأكد من إخواني هؤلاء أنه لو بُعثوا وقيل لهم هذه طريق محمد – صلى الله عليه وسلم – وهذه طريق المجوس
والمشركين لاتبعوا طريق محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا كانوا يحبون – ذلك وهم يحبونه لكن تغلبهم نفوسهم بضعف العزيمة –
إذا كانوا يحبون رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فليقولوا: سمعنا وأطعنا، حيث قال عليه الصلاة والسلام:
«خالفوا المشركين، وفروا اللحى، وأوفوا اللحى، وأرخوا اللحى، كل هذه الألفاظ وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحفوا الشوارب»(50)،
وإني لأعلم علم اليقين أن عند هؤلاء من الدين أو عند بعض هؤلاء من الدين ما يحرصون به على اتباع سنة النبي
صلى الله عليه وسلم، ولكن لضعف العزيمة تغلبهم نفوسهم فيقبلون بهذا الحلق، وأسأل الله – تعالى – أن يعينهم
على ترك هذه المعصية؛ حتى يكونوا مطيعين لله ورسوله، متَّبعين لشعار الأنبياء والصالحين، وربما تكون هذه المناسبة –
وهي عدم أخذهم من لحاهم في أيام العشر – ربما تكون سبباً للاستمرار على ذلك حتى يلقوا الله – عزَّ وجل –
وهم على سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأسأل الله – تعالى – أن يعينهم على ذلك وأن يعفو عنهم عما مضى من أفعالهم،
وأن يرزقنا جميعاً الاستقامة على دينه ويهدينا صراطه المستقيم،
صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء والصالحين .
عباد الله،
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)
وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً
إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ” [النحل: 90-91]،
واتقوا الله عباد الله،وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”[الأنفال: 45] .

ـــــــــــــــــــ
(45) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب الجمعة من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما رقم (916)،

وأخرجه الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه في كتاب الصوم رقم (68، وأبو داود في سننه في كتاب الصيام رقم (2082)،

وابن ماجة في سننه رقم (1717)، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده رقم (1867)،

والدارمي في سننه رقم (170 من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ت ط ع .
(46) أخرجه النسائي -رحمه الله تعالى- في سننه عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- في كتاب الصيام باب

كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر وذِكْر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك رقم (2374)، ت ط ع .
(47) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب الصوم من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه رقم (1771)،

وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب الصيام رقم (1942)، ت ط ع .
(4 أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب الأضاحي باب وضع القدم على صفح الذبيحة رقم (513،

وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب الأضاحي باب استحباب الضحيَّة

وذبحها مباشرة بلا توكيل والتسمية والتكبير من حديث أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- رقم (3635)، ت ط ع .
(49) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب الأضاحي رقم (2653) من حديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها،

وأخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده رقم (25269) (25359) وأصحاب السنن من حديث
أم سلمة رضي الله تعالى عنها، ت ط ع .
(50) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب اللباس باب إعفاء اللحى (عفواً) كثروا وكثرت أموالهم من حديث

ابن عمر رضي الله تعالى عنهما رقم (5442-5443)، ت ط ع ، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب الطهارة باب

حفظ خصال الفطرة رقم (380-381-382-383) من حديث عبد الله بن عمر وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهم أجمعين، ت ط ع..

(من موقع الشيخ رحمه الله )

6. فضل العشر من ذي الحجة

الحمدلله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى،

أما بعد،،

فإن الله بفضله وكرمه قد من على عباده بأن هيأ لهم المواسم العظيمة

والأيام الفاضلة لتكون مغنما للطائعين وميدانا لتنافس المتنافسين،

ومن هذه المواسم ما شهد النبي صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل أيام الدنيا ألا وهي عشر ذي الحجة، فعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

((ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب الله منه في هذه الأيام العشر، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟!!

قال:ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء)).

قال ابن رجب:

وهذا كله يدل على أن عشر ذي الحجة أفضل من غيره من الأيام من غير استثناء، هذا في أيامه،

فأما ليايه فمن المتأخرين من زعم أن ليالي عشر رمضان أفضل من لياليه لاشتمالها على ليلة القدر وهذا بعيد جدا.

وقد دلت النصوص ـ أيضا ـ على أن كل عمل صالح يقع في هذه الأيام فهو أحب إلى الله تعالى من نفسه إذا وقع في غيرها.

واعلم أن فضيلتها جاءت من أمور كثيرة منها:

1- أن الله تعالى أقسم بها، والإقسام بالشيء دليل على أهميته وعظم نفعه،

قال تعالى: (( والفجر وليالٍ عشر))،

قال ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف إنها عشر ذي الحجة.

2- أنه حث فيها على العمل الصالح.

3- أن فيها يوم عرفة وفضله للحاج ولغير الحاج سيأتي بيانه.

4- أن فيها يوم النحر، صح في الحديث:

(( أحب الأيام إلى الله يوم النحر ثم يوم القر)).

5- أن فيها الأضحية.

6- أن فيها الحج والعمرة.

7- في صحيح الجامع:

(( أفضل أيام الدنيا أيام العشر)).

قال الحافظ في فتح الباري:

والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع امهات العبادة فيه،

وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيره.

وظائف عشرذي الحجة:

وفي عشر ذي الحجة أعمال فاضلة وطاعات متعددة ينبغي للمسلم أن يحرص عليها،

منها:

1) أداء الحج والعمرة:

إن من فضل ما يعمل في هذه العشر حج بيت الله الحرام فمن وفقه الله تعالى لحج بيته وقام بأداء نسكه على الوجه المطلوب فله نصيب ـ إن شاء الله ـ من قوله صلى الله عليه وسلم:

(( الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة))
رواه مسلم.

2) التكبير:

والتكبير في العشر نوعان :

الأول: مقيد،

وهذا يبدأ من فجر عرفة ويكون دبر الصلوات المفروضة.

الثاني: مطلق،
وهذا يشرع في كل وقت من ليل أو نهار، ففي مسند أحمد وصححه أحمد شاكر من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( ما من أيام اعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر،
فأكثروا فيهن التهليل والتكبير والتحميد)).

فيسن التكبير والتحميد والتهليل أيام العشر وإظهار ذلك في المساجد والمنازل والطرقات وكل موضع يجوز فيه ذكر الله تعالى، يجهر به الرجال وتخفيه المرأة،
إظهارا للعبادة وإعلانا بتعظيم الله تعالى.

وصفة التكبير:

(( الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله،

والله أكبر الله أكبر ولله الحمد))،

وهناك صفات أخرى
ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم صيغة معينة.

والتكبير في هذا الزمان صار من السنن المهجورة ولا سيما في أول العشر فينبغي الجهر به في مواضعه إحياء للسنة وتذكيرا للغافلين،

وقد ثبت أن ابن عمر وأباهريرة رضي الله عنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما. أخرجه البخاري تعليقا مجزوما به.

3) الصيام:

يسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة فقد صح عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر)) رواه أبوداود والنسائي.

4) يوم عرفة:

فمن لم يتمكن من صيام الأيام التسع كلها أو بعضها فليحرص على صيام يوم عرفة فقد خصه النبي صلى الله عليه وسلم بمزيد عناية، حيث خصه من بين أيام العشر وبين ما رتب على صيامه من الفضل العظيم،

فقد ثبت عند مسلم أن رسول صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال:

(( يكفر السنة الماضية والسنة القابلة)).
وللدعاء يوم عرفة مزية على غيره فإنه يوم تجاب فيه الدعوات، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

(( خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي:

لا إلاه إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد هو على كل شيء قدير))

الصحيحة(1503).

5) التوبة النصوح:

ومما يتأكد في هذه العشر التوبة إلى الله والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب والتخلص من مظالم العباد وحقوقهم، والواجب على المسلم إذا وقع في معصية أن يبادر إلى التوبة بدون تسويف لأنه:

أولا: لا يدري في أي لحظة يموت.

ثانيا: ان السيئات تجر أخواتها والمعاصي في الأيام الفاضلة والأمكنة المفضلة تغلَّظ وعقابها بقدر فضيلة الزمان والمكان.

يقول ابن رجب رحمه الله:

كثير من الناس يهون عليه التنفل بالحج والصدقة ولا يهون عليه أداء الواجبات من الديون ورد المظالم، وكذلك يثقل على كثير من النفوس التنزه عن كسب الحرام والشبهات ويسهل عليها إنفاق ذلك في الحج والصدقة، قال بعض السلف: ترك دانق ـ سدس درهم ـ مما يكرهه الله أحب إلي من خمسمائة حجة، وكف الجوارح عن المحرمات أفضل من التطوع بالحج وغيره وهو أشق على النفوس، وقال أيضا: احذروا المعاصي فإنها تحرم المغفرة في مواسم الرحمة.

6) الإكثار من الأعمال الصالحة:

إن العمل الصالح محبوب لله تعالى في هذه العشر فمن لم يمكنه الحج فعليه أن يملأ هذه الأوقانت الفاضلة بطاعة الله تعالى من الصلاة والقراءة والذكر والدعاء والصدقة وبرالوالدين وصلة الأرحام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك من طرق الخير وسبل الطاعة.

وكان سعيد بن جبير رحمه الله إذا دخل العشر اجتهد اجتهادا حتى ما كاد يقدر عليه،
وروي عنه أنه قال:
((لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر)).

7) الأضحية:

وهي ما يذبح من بهيمة الأنعام من الإبل والبقر والغنم يوم النحر وأيام التشريق تقربا إلى الله عز وجل، وهي من العبادات المشروعة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم،

قال تعالى: (( فصل لربك وانحر))
فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يجمع بين هاتين العبادتين العظيمتين وهما الصلاة والنحر، وهما من أعظم الطاعات وأجل القربات.

ودليلها من السنة ما رواه أحمد والترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما:
(( أقام النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة عشر سنين يضحي)).
سنده حسن.

قال الحافظ في الفتح:

لا خلاف في كونها من شرائع الدين.
نسأل الله أن يعيننا وإياك على إدراك الفضائل تلك الأوقات قبل الفوات وأن يجعلنا ممن يصيب منها أكملها،
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
رد مع اقتباس رد مع اقتباس
28-Oct-2011, 01:45 PM #3 أبو أسامة سمير الجزائري أبو أسامة سمير الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
تاريخ التسجيل
Aug 2009
الدولة
بلعباس بالغرب الجزائري
المشاركات
959
افتراضي رد: فوائد حول العشر المباركة من ذي الحجة و يوم النحر و أيام التشريق

7. عن عائشة رضي الله عنها قالت (( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما في العشر قط )) أخرجه مسلم ..
قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله – 3/293 :
باب ذكر علة قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يترك لها بعض أعمال التطوع،
وإن كان يحث عليها، وهي خشية أن يفرض عليه ذلك الفعل، مع استحبابه صلى الله عليه وسلم
ما خفف على الناس من الفرائض….

ثم روى رحمه اله باسناده حديث عائشة رضي الله عنها قالت :
كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلّم يترك العمل و هو يحبّ أن يفعله خشية
أن يستنّ به فيفرض عليهم .

قال النووي رحمه الله معلقاً على الحديث:
(قال العلماء: هذا الحديث مما يوهم كراهة صوم العشر، والمراد بالعشر هنا: الأيام التسعة
من أول ذى الحجة.
قالوا: وهذا مما يتأول، فليس في صوم هذه التسعة كراهة، بل هي مستحبة استحبابا شديدا
لاسيما التاسع منها وهو يوم عرفة، وقد سبقت الأحاديث في فضله.
وثبت في صحيح البخارى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما من أيام العمل الصالح
فيها أفضل منه في هذه” يعنى العشر الأوائل من ذى الحجة.
فيتأول قولها: (لم يصم العشر) أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما، أو أنها لم تره
صائما فيه، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر. ويدل على هذا التأويل حديث هنيدة
بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبى صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله
صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذى الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر الاثنين
من الشهر والخميس. ورواه أبو داود وهذا لفظه وأحمد والنسائى وفي روايتهما وخميسين. والله أعلم).

و قال في الروضة الندية ( لصديق حسن خان رحمه الله ) 1/556:
و عدم رؤيتها و علمها لا يستلزم العدم .

وقال ابن حجر معقباً أثناء تعليقه على حديث البخاري:
(واستدل به على فضل صيام عشر ذي الحجة، لاندراج الصوم في العمل، واستشكل بتحريم الصوم
يوم العيد، وأجيب بأنه محمول على الغالب. ولا يرد على ذلك ما رواه أبو داود وغيره عن عائشة
قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما العشر قط؛ لاحتمال أن يكون ذلك لكونه
كان يترك العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يفرض على أمته كما رواه الصحيحان من حديث عائشة أيضا).

قال الشيخ المحدث عبدالمحسن العباد – حفظه الله – في ( شرح سنن أبي داود ) :
( قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في صوم العشر. حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة
عن الحر بن الصياح عن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم
قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء،
وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس) ]. أورد أبو داود صيام العشر،
أي: عشر ذي الحجة، ولكن المقصود التسع، وقد اشتهرت بهذا الاسم تغليباً، وإلا فإن
اليوم العاشر يوم العيد، ولا يجوز صيامه بحال من الأحوال؛ لأنه يحرم صوم العيدين
وأيام التشريق، وأيام التشريق لم يرخص في أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي، أما العيدان
فلا يجوز صيامهما بحال من الأحوال، بل يجب إفطارهما. وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم
ما يدل على صيام العشر، وجاء حديث عام يشمل الصيام وغير الصيام، وجاء حديث في ترجمة
أخرى بخلاف ذلك يعني: في الإفطار في أيام العشر، ولكن صيام العشر قربة من أفضل القربات،
وداخل تحت عموم حديث : (ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر).
قوله: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة) ]. يعني: العشر
من ذي الحجة ما عدا يوم العيد. …. ) .
قلت : قال بعضهم : إن المراد من الحديث هو صوم اليوم التاسع فقط .
هذا غير صحيح لأن لفظ : ( كان يصوم العشر ) ، لا يحتمله ؛ وكلك لفظ : ( كات يصوم تسعا من ذي الحجة ) ؛
ولو أراد اليوم التاسع فقط ، لقال : ” كان يصوم التاسع من ذي الحجة ” ؛ فإني لم أجده بهذا اللفظ .

8. أيام التشريق :
* أيّام التشريق هي اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة .
سُميت بذلك لأن الناس يشرقون فيها لحوم الأضاحي والهدايا ، أي ينشرونها .

* وهي من الأيام الفاضلة التي أمر اله تعالى عباده بذكره فيها فقال تعالى
واذكروا الله في أيام معدودات ) قال البخاري:
قال ابن عباس ( الأيام المعدودات أيام التشريق فتح الباري (2/45
وقال ابن رجب ( هذا قول ابن عمر وأكثر العلماء ) لطائف المعارف ص ـ329

* وهي أيام ذكرٍ وأكلٍ وشرب كما روى مسلم في صحيحه (1141)
عن رسول الله قوله :”” أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل “”

* وفي أيام التشريق تقع بقية أعمال الحج كالرمي والطواف وغير ذلك

* وقد مر أنه يشرع التكبير إلى أخر أيام التشريق والجهر به في الطرقات
وبعد الصلاة وغير ذلك

*لا يشرع صيام أيام التشريق إلا للمتمتع إذا لم يجد الهدي ، على القول الراجح لظاهر
قوله تعالى ( فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج… )
وقوله في الحج يعم ما قبل يوم النحر وما بعده فتدخل فيه أيام التشريق ، وقد ورد
عن ابن عمر وعائشة أنهما قالا ( لم يُرخص في أيام التشريق أن يُصَمن إلا لمن
لم يجد الهدي ) رواه البخاري (1894) وفتح الباري (4/243) . وهذا له حكم الرفع ،
قال الشوكاني ( وهذا أقوى المذاهب ) نيل الأوطار (4/294)

* وأيام التشريق بالإضافة إلى يوم النحر هي أيام ذبح للأضاحي والهدي ، على الأرجح .

رد مع اقتباس رد مع اقتباس
28-Oct-2011, 01:46 PM #4 أبو أسامة سمير الجزائري أبو أسامة سمير الجزائري غير متواجد حالياً
عضو
تاريخ التسجيل
Aug 2009
الدولة
بلعباس بالغرب الجزائري
المشاركات
959
افتراضي رد: فوائد حول العشر المباركة من ذي الحجة و يوم النحر و أيام التشريق
9.أحكـام الأضحية والمـضحِّـي

مـا المـراد شـرعـاً مـن الأضـحـية؟!!
الجواب: المراد التقرب إلى الله تعالى بالذبح الذي قرنه الله بالصلاة في قوله تعالى:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} وقوله تعالى:{إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِيَ ِللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ}
وبذلك نعرف قصور من ظن أن المراد بالأضحية الانتفاعُ بلحمها؛ فإن هذا ظن قاصر صادر عن جهل.
فالـمُـراد هو التقـرب إلى الله بالـذبح.

واذكر قول الله تعالى:{لَن يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَآؤُهَا وَلَــــكِن يَنَالُهُ التَّـقْوَى مِنكُمْ}.

من سلسلة لقاء الباب المفتوح/ للإمام العثيمين / شريط رقم22

هـل علـى كـل مسلم أضـحـية؟
الجواب: الأضحية هي الذبيحة التي يتقرب بها الإنسان إلى الله في عيد الأضحى والأيام الثلاثة بعده.،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،
وهي من أفضل العبادات؛ لأن الله سبحانه وتعالى قرنها في كتابه بالصلاة؛ فقال جل وعلا:{إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ الْـكَوْثَرَ * فَصَـلِّ لِرَبِّكَوَانْحَرْ} وقال تعالى:{قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِيَللهِرَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}.
وضحى النبي صلى الله عليه وسلم بأضحيتين إحداهما عنه وعن أهل بيته، والثانية عمن آمن به من أمته، وحث الناس عليها صلوات الله وسلامه عليه، ورغب فيها.
7 وقد اختلف العلماء – رحمهم الله- هل الأضحية واجبة أو ليست بواجبة على قولين:
فمنهم من قال إنها واجبة على كل قادر؛ للأمر بها في كتاب الله عز وجل في قوله:{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} ولما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في من ذبح قبل الصلاة أن يذبح بعد الصلاة، وفي ما روي عنه:{من وجد سعةً فلم يضحي فلا يقربنَّ مصلانا}.
وهذا مذهب أبي حنيفة، ورواية عن الإمام أحمد، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- حيث قال: “إن الظاهر وجوبها، وأن من قدر عليها فلم يفعل فهو آثـم”.
وشيء هذا شأنه ينبغي أن يكون واجباً، وأن يُلزم به كل من قدر عليه.
فالقول بالوجوب أظهر من القول بغير الوجوب، لكن بشرط القدرة.
فلا ينبغي للإنسان أن يدع الأضحية ما دام قادراً عليها؛ بل يضحي بالواحدة عنه وعن أهل بيته.

من فتاوى نور على الدرب/ للإمام العثيمين/ شريط رقم: (186)
وشرح زاد المستقنِع/ للإمام العثيمين/كتاب الحج/ شريط رقم1

مـا الذي يحـرم فعـله عـلى مـن أراد أن يضحـي إذا دخـلت عـشر ذي الحـجـة؟!
السائل: ما مدى صحة الحديث الذي معناه أن من أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره أو ظفره شيئاً حتى يضحي، وذلك من أول أيام عشر ذي الحجة، وهل هذا النهي يصل إلى درجة التحريم أم أنه للاستحباب؟

الجواب:هذا حديث صحيح رواه مسلم،وحكـمه التحـريم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:{إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذن من شعره ولا من ظفره شيئا} وفي رواية:{ولا من بشره} والبشرة: الجلد؛ يعني أنه ما يُنتِّفُ شيئا ًمن جلده، كما يفعله بعض الناس؛ ينتف من عقبه – من قدمه- فهذه الثلاثة هي محل النهي: الشعر والظفر والبشرة.
والأصل في نهي النبي صلى الله عليه وسلم التحريم حتى يرِد دليل يصرفه إلى الكراهة أو غيرها.
وعلى هذا: فيـحـرم على من أراد أن يضحي أن يأخذ – في العشر- من شعره أو بشرته أو ظفره شيئا حتى يضحي.

وهذا من نعمة الله سبحانه وتعالى على عباده ؛
لأنه لما فات أهل المدن والقرى والأمصار لما فاتهم الحج والتعبد لله سبحانه وتعالى شرع لمن في الأمصار هذا الأمر؛ شرعه لهم ليشاركوا الحجاج في بعض ما يتعبدون لله تعالى بتركه.
السائل : يعني هذه هي الحكمة من تشريعه؟
الشيخ : نعم؛ وإنما قلت ذلك لأنه لا يجوز للإنسان أن يتعبد بترك شيء أو بفعل شيء إلا بنص من الشرع؛ فلو أراد أحدٌ أن يتعبد لله تعالى في خلال عشرة أيام بترك تقليم الأظافر أو الأخذ من شعره أو بشرته، لو أراد أن يتعبد بدون دليل شرعي لكان مبتدعا آثـماً.
فإذا كان بمقتضى دليل شرعي كان مثاباً مأجوراً ؛ لأنه تعبد لله تعالى بهذا الترك.
وعلى هذا: فإجـتـناب الإنسان الذي يريد أن يضحي الأخذ من شعره وبشرته وظفره يعتبر طاعةً لله ورسوله مثاباً عليها. وهذه من نعمة الله بلا شك.

من فتاوى نور على الدرب/ للإمام العثيمين/ شريط رقم: (93)

هـل يشمـل هـذا الحـكم مـن يضحَـى عـنه أيضـاً؟
الجواب: هذا الحكم إنما يختص بمن أراد أن يضحي فقط، أما من يضحى عنه فلا حرج عليه أن يأخذ؛ وذلك لأن الحديث إنما ورد: {وأراد أحدكمأنيضحي} فقط؛ فيقتصر على ما جاء به النص.
ثم إنه قد عُلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يضحي عن أهل بيته ولم يُنقل أنه كان ينهاهم عن أخذ شيء من شعورهم وأظفارهم وأبشارهم؛ فدل هذا على أن هذا الحكم خاص بمن يريد أن يضحي فقط.
ثم إن المراد:منأرادأنيضحيمن نفسه،لامن أراد أن يضحيوصيةًلآبائه أو أجدادهأوأحدمنأقاربه؛فإنهذاليسمضحيفي الحقيقة، ولكنه وكيل لغيره، فلا يتعلق به حكم الأضحية.
ولهذا لا يُثاب على هذه الأضحية ثواب المضحي إنما يثاب عليها ثواب المحسن الذي أحسن إلى أمواته وقام بتنفيذ وصاياهم.

من فتاوى نور على الدرب/ للإمام العثيمين/ شريط رقم: (93)

ومـاذا عـن المـرأة إذا أرادت أن تضـحـي؟
السائل: الزوجة إذا أرادت أن تضحي هل يجوز لها أن توكِّل زوجها؛ بحيث أنه يذبح الأضحية، وهي تكد رأسها وتقلم أظافرها ؟
الجواب: لا يجوز هذا؛إذا وكَّل الإنسان شخصاً يذبح عنه الأضحية فإن الحكم يتعلق بصاحب الأضحية؛فإذا وكَّلت المرأة زوجها قالت: يا فلان هذه -مثلاً- مائة ريال أو أكثر أو أقل ضحي بها عني فإنه يـحـرم عليها أن تأخذ شيئاًمنشعرها أو ظُفُرها أو بشرتها.
السائل: لكن إذا كان الزوج هو الذي اشترى الضحية ؟
الشيخ: حتى وإن اشتراها.
الشيخ سائلاً: إذا اشتراها لها ؟
السائل: اشتراها لها.
الشيخ: لا يجوز.

من سلسلة لقاء الباب المفتوح/ للإمام العثيمين/ شريط رقم92)
هل تُنهى المرأة التي تريد أن تضحي عن المشط ؟
الجواب: إذا احـتـاجت المرأة إلى المشطفي هذهالأيام وهيتريدأنتضحيفلا حرج عليها أن تمشط رأسها،ولكن تكدهبـرفـقفإن سقط شيء من الشعر بغير قصد فلا إثم عليها؛ لأنها لم تكد الشعر من أجل أن يتساقط ولكن من أجل إصلاحه، والتساقط حصل بغير قصد.

من فتاوى نور على الدرب/ للإمام العثيمين/ شريط رقم283)

هـل يجـوز الـتوكـيل في الأضـحـية؟
الجواب: يجوز أن يوكِّل من يذبح إذا كان هذا الموكَّل يعرف أن يذبح، والأفضل في هذه الحال أن يحضر ذبح من هي له.
والأفضل أن يباشر ذبحها هو بيده إذا كان يحسن.

من فتاوى نور على الدرب/ للإمام العثيمين/ شريط رقم: (93)

هـل يشـترط أنهـا عـن فلان ؟
الجواب:إنذكرأنها عنفلانفهوأفضل؛لفعلالنبيعليهالصلاة والسلام، فإنه يقول:{هذا منك ولك، عن محمد وآل محمد}.
وإن لم يذكره كفت النية، ولكن الأفضل الذكر.
ثم إن تسمية المضحى عنه تكون عند الذبح، يقول: بسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك ولك، عن فلان – يسميه-.

من فتاوى نور على الدرب/ للإمام العثيمين/ شريط رقم: (93)

إذا وكَّـل الإنسـان مـن يذبح عـنه فهل يحـل له الأخـذ مـن شـعره وبشـره وظـفره ؟

الجواب: نسمع من كثير من الناس – من العامة – أن من أراد أن يضحي وأحبَّ أن يأخذ من شعره أو من ظفره أو من بشرته شيئاً يوكِّل غيره في التضحية وتسمية الأضحية! ويظن أن هذا يرفع عنه النهي! .
وهذا خطأ؛ فإن الإنسان الذي يريد أن يضحي – ولو وكَّل غيره – لا يحل له أن يأخذ شيئاً من شعره أو بشرته أو ظفره.

من فتاوى نور على الدرب/ للإمام العثيمين/ شريط رقم: (93)

هل يحرم على الوكيل ما يحرم على المـضحي ؟

الجواب: من أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره هذا الواجب؛ إذا كان يضحي عن نفسه، أما إذا كان وكيل لا، ما عليه شيء.

من فتاوى نور على الدرب/ للإمام بن باز/ شريط رقم92
هـل يجـوز اشـتراك خـمـسأفـراد في أضـحـية واحـدة ؟

الجواب: لا يجزئ أن يشترك اثنان فأكثر – اشتراك مُلك- في الأضحية الواحدة من الغنم- ضأنها أو معزها- .
أما الإشتراك في البقرة أو في البعير: فيجوز أن يشترك السبعة في واحدة؛ هذا بإعتبار الإشتراك بالملك.

وأما التشريك بالثواب: فلا حرج أن يضحي الإنسان بالشاة عنه وعن أهل بيته وإن كانوا كثيرين، بل له أن يضحي عن نفسه وعن علماء الأمة الإسلامية، وما أشبه ذلك من العدد الكثير الذي لا يحصيه إلا الله.

من فتاوى نور على الدرب/ للإمام العثيمين/ شريط رقم: (186)

أيهـما أفضل الكـبش أو البقرفي الأضحـية ؟

الجواب: الكبش أفضل؛ الضحية بالغنم أفضل، وإذا ضحى بالبقر أو بالإبل فلا حرج، لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بكبشين، وأهدى يوم حجة الوداع مائة من الإبل.
فالمقصود أن الضحية بالغنم أفضل، ومن ضحى بالبقرة أو بالإبل الناقة عن سبعة، والبقرة عن سبعة كله أضحية.

من فتاوى نور على الدرب/ للإمام بن باز/ شريط رقم: (419)

أيهما أفضل الذكر أو الأنثى في الأضحية؟

الجواب: الأضحية مشروعة بالذكور والإناث، من الغنم (المعز والضأن) ومن الإبل ومن البقر كلها سنة مشروعة؛ سواء كان المضحى به من الذكور أو من الإناث؛ تيس أو كبش، أو شاة، أو بقرة أنثى أو بقرة ذكر، وهكذا البعير وهكذا الناقة، كلها ضحايا شرعية، إذا كان بالسن الشرعي؛ جذع ضأن، ثَنِيَّة معز، ثنية من البقر، ثنية من الإبل، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بكبش- بذكور- فالذكر من الضأن أفضل؛ كبش من الضأن أفضل، كان النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بكبشين أملحين؛ فهما أفضل من الإناث، فإن ضحى بالإناث فلا بأس.
أما المعز فالأفضل الأنثى، وإن ضحى بالتيس فلا بأس إذا كان قد تم سنة.

من فتاوى نور على الدرب/ للإمام بن باز/ شريط رقم72

مـا هـو السِّـن المـعـتبر في الأضـحـية؟
الجواب: السن المعتبر شرعاً: في الإبل خمس سنوات.
وفي البقر سنتان، وفي المعز سنة؛ وفي الضأن ستة أشهر.
فما دون هذا السن لا يضحى به ولو ضُحي به لم يُقبل، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:{لا تذبحوا إلا مُسِنَّة، إلا تعسر عليكم فتذبحوا جَذْعَة من الضأن}.
{مُسنَّة}أي ثَنِـيَّة {جَذْعَة من الضأن } ما له ستة أشهر.

من سلسلة لقاء الباب المفتوح/ للإمام العثيمين/ شريط رقم 22
ما هـي الكـيفية الصـحـيحة لذبح الأضحـية؟

الجواب: الكيفية الصحيحة: إذا كانت الأضحية من الغنم (الضأن أو المعز) أن يضجعها على الجنب الأيسر- إذا كان يذبح بيمينه- فإن كان يذبح بيساره فإنه يضجعها على الجنب الأيمن؛ لأن المقصود من ذلك راحة البهيمة، والإنسان الذي يذبح باليسرى ما ترتاح البهيمة إلا إذا كانت على الجنب الأيمن ويضع رجله على رقبتها- حين الذبح- ويمسك بيده اليسرى رأسها حتى يتبين الحلقوم، ثم يمر السكين على الحلقوم والودجيْن والمريء بقوة؛ فـيُنهِر الدم.
وأما أيديها وأرجلها فإن الأحسن أن تبقى مطلقة غير ممسوكة؛ لأن ذلك أرْيح لها، ولأن ذلك أبلغ في إخراج الدم منها؛ لأن الدم مع الحركة يخرج، فهذا أفضل.
ويقول عند الذبح:”بسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك ولك، اللهم هذه عني وعن أهل بيتي”.
أما غير الأضحية: فيفعل فيها هكذا لكنه يقول عند الذبح – قبل أن يذبح – يقول: بسم الله والله أكبر. فقط.

من فتاوى نور على الدرب/ للإمام العثيمين/ شريط رقم353) وشريط رقم93)

ما معنى قولك :” اللهم هذا منك ولك”؟
الجواب:{هذا} المشار إليه المذبوح أو المنحور،{منك} عطاءً ورزقاً،{لك} تعبداً وشرعاً وإخلاصاً وملكاً، هو من الله، وهو الذي منَّ به، وهو الذي أمرنا أن نتعبد له بنحره أو ذبحه، فيكون الفضل لله تعالى قدراً، والفضل له شرعاً؛ إذ لولا أن الله تعالى شرع لنا أن نتقرب إليه بذبح هذا الحيوان أو نحره لكان ذبحه أو نحره بدعة.

الشرح الممتع على زاد المستقنِع/ للإمام العثيمين/كتاب المناسك

ما حـكم مـن نسـي التسمية على الذبيحة ؟
الجواب: حكم من ذبح الذبيحة دون التسمية عليها؛ إن كان متعمداً فالذبيحة حرام وفعله حرام، فالذبيحة لا تؤكل وهو آثم ودليل ذلك قوله تعالى:{فـَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} وقال النبي صلى الله عليه وسلم:{من لم يذبح فلْيذبح على اسم الله} وقال النبي صلى الله عليه وسلم:{ما أنْـهَرَ الدمَ وذُكِر اسم الله عليه فكلوا، إلا السن والظفر} فإذا كان الذابح ترك التسمية عمداً فهو آثم وذبيحته حرام.
وإن ترك ذلك سهواً فهو غير آثم لقوله تعالى:{رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}.
ولكن الذبيحة حرام؛ لقوله تعالى:{وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} فنهى سبحانه وتعالى أن نأكل مما لم يذكر اسم الله عليه.

لأن هناك ذبحاً وأكلاً:
الذابح إذا نسي التسمية فهو غير آثم.
الآكل هل يأكل مما لم يُذكر اسم الله عليه؟
نقول لا؛ لأن الله نهاك؛ قال:{وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} وهذه الذبيحة لم يذكر اسم الله عليها.

لكنلوأكلالآكلناسياًفلا شيءعليه،أوجاهلاًفلاشيء عليه.
والتسمـية شرط في الذبيحة وفي الصيد، ولا تسقـط بالنسيان والجهل، وهذا قول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- .
والشروط لا تسقط عمداً ولا سهواً ولا جهلاً.

من فتاوى الحرم النبوي/ للإمام العثيمين/ شريط رقم50)
الشرح الممتع على زاد المستقنِع/ كتاب المناسك / للإمام العثيمين

مـا هـي العـيوب التي تجـعـل الأضحـية غـير مـجـزئـة؟
الجواب: من شروط ما يضحى به السلامة من العيوب التي تمنع الإجزاء؛ وهي المذكورة في قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:{أربعٌ لا تجوز في الأضاحي: العوراء البيِّن عوَرُها، والمريضة البيِّن مرضها، والعرجاء البيِّن ضَلَعُها، والعَجْفاء التي لا تُنقي}.{العجفاء} يعني الهزيلة، {لا تنقي} يعني ليس فيها مخ.
فهذه العيوب الأربعة تمنع من الإجزاء.
يعني لو ضحى الإنسان بشاة عوراء بيِّن عورها فإنها لا تُقبل، ولو ضحى بشاة عرجاء بين ضلَعها لم تقبل، ولو ضحى بشاة مريضة بيـِّن مرضها لم تقبل، ولو ضحى بهزيلة ليس فيها مخ فإنها لن تقبل.
وكذلك ما كان بمعنى هذه العيوب أو أولى منها كالعمياء مثلاً فإنه لو ضحى بعمياء لم تقبل منه ، كما لو ضحى بعـوراء بيّن
عورها، وكذلك مقطوعة اليد أو الرجل؛ لأنه إذا كان لا تجزئ
التضحية بالعرجاء فمقطوعة اليد أو الرجل من باب أولى.
ومثل المريضة البين مرضها: الحامل إذا أخذها الطلق؛ إذا كانت تتولد ولا يُعلم أتحيى أو تموت فإنها لا تجزئ حتى تنجو.
وكذلكالمُنخنقة، والموْقوذة،والمتردِّية،والنَّطيحة،وما أكل السبع كل هذه لا تجزئ؛ لأنها أولى بعدم الإجزاء من المريضة.
وأما العيوب التي دون هذه فإنها تجزئ الأضحية ولو كان فيها شيء من هذه العيوب، لكن كلما كانت أكمل فهي أفضل.

فالتي قُطع من أذنها شيء، أو من قرنها شيء، أو من ذيلها شيء تُجزئ، لكن الأكمل أولى. ولا فرق بين أن يكون القطع قليلاً أو كثيراً؛ حتى لو قطع القرن كله أو الأذن كلها أو الذيل كله فإنها تجزئ، لكن كلما كانت أكمل فهي أفضل.

من سلسلة لقاء الباب المفتوح/ للإمام العثيمين/ شريط رقم92)

Leave A Comment